مشروع حلف سعودي تركي مع الأسد

مشروع حلف سعودي تركي مع الأسد

مشروع حلف سعودي تركي مع الأسد

 لبنان اليوم -

مشروع حلف سعودي تركي مع الأسد

عبد الرحمن الراشد

ما قاله وزير خارجية سوريا صحيح، ردًا على اقتراح الرئيس الروسي قبل أسبوع. قال وليد المعلم: «أعرف أن روسيا بلد يصنع المعجزات لكن أن نتحالف مع السعودية وتركيا وقطر والولايات المتحدة فهذا أمر يتطلب معجزة كبيرة جدًا».

أيضًا، أرى أن الرئيس فلاديمير بوتين على حق، في أن هذا الحلف وحده قادر على دحر «داعش»، إلا من جزئية واحدة، وهي أن إشراك النظام السوري كما هو اليوم سيفشل المشروع. وبإمكان روسيا أن تصنع معجزة كبيرة لو دفعت باتجاه نظام سوري من دون الأسد، وفق مؤتمر جنيف الأول حول سوريا، وبناء تحالف معه يضم دول الخليج مع تركيا والأردن لمحاربة «داعش». بمثل هذا التكتل متأكد أنه قادر على القضاء على الإرهاب، وتأمين استقرار سوريا، وسلامة المنطقة والعالم.

المشكلة في المشروع الروسي، وكما عبر عنه الرئيس بوتين، التهوين من الخلاف مع الأسد. يرى بأن الحرب في سوريا مجرد سوء فهم بين الجيران، وأنه يمكنهم التصالح والتعاون من أجل محاربة الإرهاب العالمي، أي «داعش». وقد حدد بوتين الدول المعنية بالحلف هي السعودية وتركيا والأردن.
والعلة ليست في الفكرة بل في قائمة الدول المطلوب منها الانخراط في التحالف.

والمسألة ليست سوء فهم، فنحن نعرف بعضنا جيدًا، وقد تحملنا النظام السوري حتى عندما قتل رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري وعشرين زعيمًا لبنانيًا آخرين، في العقد الماضي، لكنه عندما قتل أكثر من ربع مليون سوري وشرد تسعة ملايين آخرين خلال السنوات الأربع الماضية، تهشمت العلاقة ولم يعد ممكنًا إصلاح الزجاج المكسور. وأصبحت المصالحة ليست مهمة صعبة بل مستحيلة، وستزيد من القلاقل في المنطقة ولا تطفئ نار «داعش».

الأمر الثاني، وبعيدًا عن الضغائن، علينا أن نفهم المتغيرات الجيوسياسية الحاصلة. نحن أمام منطقة تتشكل خريطتها، حيث ترضخ واشنطن للواقع الجديد الذي تفرضه إيران، بمشروعها النووي ومد هيمنتها جغرافيًا على سوريا والعراق. هذا التمدد يهدد وجود دول الخليج وتركيا والأردن، ويخل بتوازن القوة القائم منذ نصف قرن مع مصر بشكل خطير للغاية. والإيرانيون اليوم يديرون نظامي بلدين كبيرين، العراقي والسوري، وعندما تتحالف تركيا والأردن والسعودية مع الأسد يكون فيه اعتراف بهيمنة إيران على سوريا! من الخطر على دول مثل الخليج وتركيا أن تتجاهل الزحف الإيراني وتختصر المشكلة في زاوية واحدة، هي الإرهاب وتنظيم داعش تحديدًا. خطر إيران علينا أعظم من «داعش»، هذه حقيقة لا بد أن توضع في الحسبان دائمًا.

ومع أن مشروع التحالف الإقليمي (الأسدي السعودي التركي الأردني) الذي اقترحه الروس جيد من حيث اختيار الدول القادرة على مواجهة «داعش»؛ السنة المعتدلون ضد السنة المتطرفين، لكنه بإشراك الأسد تفسد المعادلة الدينية السياسية.

والحقيقة أن ما يقترحه الرئيس الروسي أكثر منطقية مما يطرحه المسؤولون الأميركيون الذين أظهروا أنهم لا يميزون بين الطوائف، ولا يفهمون التاريخ المعقد للمنطقة. بوتين يطلب من السنة محاربة السنة، يطلب من الدول «السنية»، مثل السعودية وتركيا والأردن، محاربة «داعش»، الجماعة السنية الإرهابية. أما الأميركيون فيستنجدون بالإيرانيين، متطرفي الشيعة، لمحاربة متطرفي السنة، وهذا خطأ مريع؛ لأن ذلك سيعزز قوة «داعش» وليس العكس، حيث سيهب السنة من أنحاء العالم لدعم أبناء مذهبهم، والسنة هم الأغلبية الساحقة من المسلمين، أي أن الخطر سيتضاعف.

خطأ كبير استعانة الأميركيين بالإيرانيين، لأنه لن يمكنهم من القضاء على الإرهاب الديني في المنطقة وسينفخ النار فيه. فكل مفهوم تنظيمي «القاعدة» و«داعش» قائم على صراع تاريخي مذهبي يقوده أناس متطرفون، يشبه حروب الثلاثين عامًا بين البروتستانت والكاثوليك في وسط أوروبا في القرن السابع عشر التي جلبت الدمار والمجاعة والأوبئة والإفلاس. لقد نجحت السعودية في دحر تنظيم القاعدة في العقد الماضي بعد حرب دامية، وكذلك نجح الأميركيون في هزيمة «القاعدة» وزعيمها الزرقاوي، فقط بعد أن استعانوا بالعشائر السنية. ومحاربة «داعش»، والتطرّف الديني، قد يطول أو يقصر، قد يستغرق عشرين سنة، وهو عمر الحرب مع تنظيم القاعدة منذ عام 1996، وقد يستغرق ثلاث سنوات، فالأمر يعتمد على من يحارب الإرهاب، سواء كان نظام الأسد ونظام المرشد في إيران أو كانت تركيا مع السعودية والأردن!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع حلف سعودي تركي مع الأسد مشروع حلف سعودي تركي مع الأسد



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon