العنصرية العدو الأول للوطنية

العنصرية العدو الأول للوطنية

العنصرية العدو الأول للوطنية

 لبنان اليوم -

العنصرية العدو الأول للوطنية

عبد الرحمن الراشد

مع أنه شأن اهتم به المجتمع الرياضي السعودي، إلا أن الملك شخصيا تولى مسألة محاسبة أحد الأمراء، عندما تفوّه بعبارات نابية ذات دلالات عنصرية، وأمر بمعاقبته!
وهذه هي الرسالة الثالثة من الدولة في أسبوعين ضد التمييز والتفرقة بين فئات المجتمع؛ واحدة كانت بسبب تغريدة منسوبة لموظف، والثانية ضد ممارسة تمييز طائفي في التوظيف. والنظام، في نصّه وروحه، صريح ضد العنصرية والطائفية، لكن مع هذا الممارسات الفردية، وأحيانا الجماعية، موجودة بيننا حيّة وتتنفس، وتزداد في زمن الشحن الإعلامي، مما يجعل موقف الدولة مهما وضروريا لحماية كل مواطنيها، وكذلك حماية المقيمين على أرضها. وهي بتدخلاتها توجّه البوصلة الأخلاقية، ولا تكتفي بالأنظمة التي قد يصعب فرضها في التجاوزات الاجتماعية.
الملك سلمان بن عبد العزيز برسالته هذه، يرسي قواعد أساسية للحقوق والواجبات بين الدولة ومواطنيها، وبين مكونات المجتمع، وهو بدأ بمحاسبة أحد أفراد الأسرة المالكة، لإيصال رسالة صريحة ضد التمييز والعنصرية، الوطن أهم وأكبر من كل الفوارق. وهي ليست مسألة قوانين فقط، بل من صميم أخلاقنا، فمجتمعنا القديم من تدينه وطبائعه ينبذ الإهانة والإساءة للآخر، وقانون العيب فيه أعظم من قانون الحكومة، لكن هذه الأصول والأعراف باتت تتراجع مع الوقت.
نحن ندرك أنه لا يوجد اليوم مجتمع خالٍ من العنصرية؛ فهي من القواسم المشتركة في الدول الحديثة. وبكل أسف، كلما تمدن المجتمع، بان وعلا فيه التميز بين أفراده، وليس كما يظن البعض بأن المدنية تهذب النفوس والأخلاق. وهناك وسائل متعددة لمحاربته، وخير سلاح هو نشر الثقافة الموجهة لمحاربة التمييز في أي مكون وعنصر، القبيلة والطائفة والجنس والجنسية وغيرها. وتضييق الفوارق يتطلب برنامجا تثقيفيا طويل الأمد، يرسخ روح الوطنية، ويحارب العنصرية على كل المستويات، ومعه برنامج عمل يقوم بشطبه وملاحقته في كل الدوائر، الإعلام والمدارس والوظائف. والعديد من الدول صارت تلجأ لتغليظ العقوبة ضد من تثبت عليه العنصرية، أو التمييز بشكل عام ومتعمد. وتستهدف العقوبات أولاً، المؤسسات، مثل الأندية الرياضية والشركات، لأن مخالفات منسوبيها أو جماهيرها تعتبر محسوبة عليها، فتوقع مخالفة الفرد على الجماعة، لأنهم لم يقوموا بما يكفي للتخلص من النوازع العنصرية بين موظفيهم أو جماعتهم. وليس كل من يلجأ لممارسة التفرقة أو البذاءة العنصرية هم من الرعاع الجهلة، بل نراها كذلك بين أوساط المتعلمين والقادرين، لأنها صارت عادات تنتشر، ومع مرور الوقت أصبحت ممارسات مقبولة، أو «بلطجة» اجتماعية مسكوتا عليها.
وهنا للإعلام، بما فيه وسائل التواصل الاجتماعي، دور كبير في نشر أو محاربة التمييز، وكذلك وضع ما يُنشر ويُذاع فيه تحت المجهر، ومحاسبة المخطئ. هذا سيسهم أخيرًا في تنظيف المجتمع من مثل هذه العاهات التي تتسبب في شق الصف، وتبيح الاعتداء على الآخرين.
والعنصرية المذمومة تشمل أيضا التمييز ضد الأجانب، بكيل التهم الجماعية الظالمة لهم. فالتقول والتهجم الكلامي على البنغاليين والإثيوبيين وغيرهم، بسبب جرائم ارتكبها أفراد من هذه الجاليات، فيه اعتداء صارخ على الأغلبية البريئة. ونحن لا نشعر بمدى ما يلحق هؤلاء الناس من ظلم في حياتهم وعدوان عليهم، نتيجة الدعاية السيئة التي ينشرها الإعلام غير المسؤول. فالتعميم عنصرية مقيتة، والذي عاش منا في الخارج يعرف ويدرك خطأ وخطر مثل هذه الممارسات، لأنها تحرض البسطاء على الآخرين، وتضطهد أضعف الناس في المجتمع، الذين لا حول لهم ولا قوة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصرية العدو الأول للوطنية العنصرية العدو الأول للوطنية



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon