مُؤتمر البحرين لمُناقشة الأمن البحريّ والتصدّي لنُفوذ إيران

مُؤتمر البحرين لمُناقشة الأمن البحريّ والتصدّي لنُفوذ إيران

مُؤتمر البحرين لمُناقشة الأمن البحريّ والتصدّي لنُفوذ إيران

 لبنان اليوم -

مُؤتمر البحرين لمُناقشة الأمن البحريّ والتصدّي لنُفوذ إيران

عبد الباري عطوان

الاجتماع الذي بدأ أعماله اليوم الاثنين في البحرين بمُشاركة 60 دولة، وبزعامة الولايات المتحدة، تحت ذريعة مُواجهة خطر إيران ونُفوذها، يُؤكّد مُجدّدًا استمرار الاستراتيجيّة الأمريكيّة لابتِزاز الدول الخليجيّة، وتتويج دولة الاحتلال الإسرائيلي “حامِيةً” لها.

المُصيبة أنّ حُكومات الدول الخليجيّة تذعن لهذا الابتزاز المرّة تِلو الأخرى، بما في ذلك استضافة هذا النّوع من المُؤتمرات ذات الطّابع الاستفزازيّ على أراضيها، وبهدف تسريع عمليّات التّطبيع، ودمْج الدولة العِبريّة في نسيج المِنطقة السياسيّ والعسكريّ والاقتصاديّ.

لا نفهم هذا الإصرار الأمريكيّ على حشْر هذه الدولة المارِقة في أمن الخليج، وهي التي لا تجاوره جُغرافيًّا، وغير معروف عنها امتلاك قوّة بحَريّة ذات شأن يُمكن أن تُوَفِّر الحِماية للمِلاحة البحَريّة في المِياه الخليجيّة، ولم تجرؤ على دخول المِياه الإقليميّة اللبنانيّة مُنذ أن جرى تدمير أحد بوارِجها بدقّةٍ بصاروخٍ أطلقه “حزب الله” أثناء حرب تمّوز 2006.

إسرائيل لا تستطيع حماية الأمن البحَري والجوّي لدول الخليج، وإذا استطاعت، فإنّه لا لُزوم لها في ظِل وجود ستّين دولة على رأسها الولايات المتحدة الأمريكيّة التي تملُك عدّة أساطيل، ومِئات الفُرقاطات البحَريّة وحامِلات الطائرات في قواعد بحَريّة في البحرين.

***
الوجود الإسرائيلي المُتزايد هو الذي يُشكّل تهديدًا لأمن المِنطقة واستقرارها، وليس إيران، التي تتواجد في قلبها مُنذ آلاف السّنين، ولكن الإدارات الأمريكيّة، وعندما تُريد نهب المزيد من الأموال تَلجأ إلى التّلويح بالفزّاعة الإيرانيّة.
مايك بومبيو، وزير الخارجيّة الأمريكيّ، يعود بكُل وقاحة إلى أُكذوبة أسلحة الدّمار الشامل التي استخدمتها إدارة الرئيس جورج بوش الابن غِطاءً لغزو العراق واحتلاله، حيث قال في خطاب إلى مؤتمر المنامة “إنّ انتشار أسلحة الدمار الشامل ووسائل إيصالها، يشمل تهديدًا خطيرًا للسِّلم والأمن الدوليين”، مُضيفًا “لا يجِب أن نلتزم جميعًا باتّخاذ الإجراءات اللّازمة لوقف الدول التي تُواصِل السَّعي للحُصول عليها”، في إشارةٍ واضحةٍ إلى إيران.

لا نعرِف كيف تقبل دول عربيّة مِثل السعوديّة والإمارات والبحرين المُشاركة في هذا المُؤتمر جنبًا إلى جنبٍ مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تُرسِل الوسطاء من أجل تحسين علاقاتها مع إيران حاليًّا، وتسعى لإزالة كُل مصادر التوتّر معها في تناقُضٍ في المواقف لا يحتاج إلى إثبات.

بالأمس أعلن النائب الإيرانيّ علي أكبر توركي أنّ الإمارات أفرجت عن 700 مليون دولار من أموال كانت مُحتَجزةً لديها، وأنّ بعض مكاتب الصِّرافة المُغلَقة بقرارٍ من الحُكومة في دبي استأنفت عمَلها في تطبيعٍ حَميدٍ ومَنطقيٍّ مع دولةٍ جارة.

لا تستطيع كُل من الإمارات والبحرين والسعوديّة وعُمان أن تُجادل بأنّها تُشارك في المُؤتمر رُضوخًا للضُّغوط الأمريكيّة، فدولة الكويت التي تَحرّرت بالتّدخُّل العسكريّ الأمريكيّ في حرب عام 1991 رفَضت المُشاركة، وفضّلت البقاء بعيدًا عن هذه المُؤتمرات المَشبوهة احترامًا لمشاعر شعبها الذي يُعارض كُل أشكال التّطبيع مع تل أبيب.
إسرائيل باتت عاجِزةً عن حماية نفسها، حتى تحمي دول الخليج، وترتعد خَوفًا من صواريخ لبنان، والإدارة الأمريكيّة الحاليّة غير مُستعدّة لخسارة جندي أمريكي واحد دِفاعًا عنها، ولعلّ تغريدة الرئيس دونالد ترامب التي نشرها أخيرًا وقال فيها “إنّه يبيع السّلاح الأمريكيّ لدول الخليج ولكنّه لن يستخدمه دِفاعًا عنها أو حِماية لها”، أكبر دليل على ذلك.

أذرع حُلفاء إيران العسكريّة أعطَبت ست ناقلات قُرب ميناء الفجيرة الإماراتي، وقصَفت عصَب الصّناعة النفطيّة السعوديّة في بقيق وخريص وحقل الشيبة، وأسقطت الصّواريخ الإيرانيّة طائرة مُسيّرة أمريكيّة فوق مضيق هرمز، واحتجزت زوارقها البحريّة ناقلة نفط بريطانيّة في مِياه الخليج وجرّتها مِثل الشّاه إلى ميناء بندر عباس، ومن وسط السّفن الحربيّة الأمريكيّة، فماذا كان الرّد الأمريكيّ غير بلْع الإهانة، وادّعاء ترامب أنّ هذا البُصاق الإيراني في وجهه قطرات ندى، وسحب كُل سُفن وحامِلات طائراته إلى خليج عُمان بَعيدًا عن مضيق هرمز بأكثر من 100 كيلومتر خَوفًا من قصفٍ صاروخيٍّ إيرانيٍّ، وتِكرار مجزرة “بيرل هاربر” البحَريّة مَرّةً أُخرى.
***
حُكومات دول الخليج، وخاصّةً البحرينيّة، تُقدِم على سِياسات تُهدِّد أمنها واستقرارها، وتُحرّض شُعوبها للثّورة ضِدّها، فمن كان يتصوّر أنّ الاحتقان الشعبي سينفجر في لبنان، وقبلها في الجزائر والسودان؟ فالقاسم المُشترك بين حُكومات هذه الدول ونظيرتها في الخليج هو هدر المال العام، سواء في الفساد مِثلَما هو حال الدول الثّلاث الأولى، أو الاثنين، أيّ الفساد والرُّضوخ للابتِزاز الأمريكيّ الماليّ والتطبيعيّ مع إسرائيل.

أمريكا تخلّت عن حُلفائها الأكراد الذين قاتلوا أكثر من مرّةٍ، وعلى أكثر من جبهةٍ، تَلبيةً لإملاءاتها، وعندما تعرّضوا للهُجوم التركيّ هربت مَذعورةً، وسحَبت جميع قوّاتها، أمّا إسرائيل حليفة الأكراد فأدارت وجهها إلى النّاحية الأُخرى، فهل هُناك من يتّعِظ.. لا نعتقد.

الشعوب العربيّة، في الخليج، أو غيره، مِثل الجَمال.. تصبر.. ثم تصبر.. ولكن عندما تثور تُحَطِّم كُل شيء أمامها، وتنتقم مِمّن أذلّها، وتعدّى على كراماتها، ولا تهدأ حتى تَشفِي غليلها.. والمعنى ليس في قلب الكاتب وإنّما القارِئ أيضًا.. فهل تَصِل الرِّسالة؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مُؤتمر البحرين لمُناقشة الأمن البحريّ والتصدّي لنُفوذ إيران مُؤتمر البحرين لمُناقشة الأمن البحريّ والتصدّي لنُفوذ إيران



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon