وحشية ما بعد الحداثة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

وحشية ما بعد الحداثة؟

وحشية ما بعد الحداثة؟

 لبنان اليوم -

وحشية ما بعد الحداثة

مأمون فندي
بقلم : مأمون فندي

حفزني مقال مهم للأستاذ حازم صاغية في هذه الصحيفة بعنوان «ما بعد الحداثة... ما قبل ماذا؟»، الذي انتهى فيه إلى القول: «وربّما جاز القول إنّ ما بعد الحداثة واحدة من ظاهرات ما قبل الكوارث الشعبويّة التي تتفجّر بربريّتها اليوم». وسأحاول في هذا المقال أن أشتبك مع هذه النتيجة التي وصل إليها الأستاذ صاغية، والتي أرى أنها مجحفة إلى حد كبير.
بداية لا أختلف كثيراً مع ملخص ما ذكره الأستاذ صاغية حول نقاط القطيعة والاختلاف بين الحداثة وما بعد الحداثة من حيث الأسس الفلسفية والبدايات والنهايات، ولكن الحوار حول هذه المفاهيم الغربية تصعب أحياناً الكتابة عنه بلغة أخرى، واللغة العربية واحدة منها، وهنا أضرب مثلاً بـ«الهايفن» (The hyphen)؛ تلك الفاصلة أو الشرطة التي تشبك الحداثة في ما بعد الحداثة (post - modern)، هذه الفاصلة غير موجودة في «ما بعد الحداثة» بالعربية إلا إذا كتبناها «بعد - الحداثة»، وفي التنظير حول ما بعد الحداثة كان سؤال «العافين» أساسياً فالـ«post» في الـ«post – modern» ليست هي ذات الـ«post» في الـ«post office»، وهل هذه الشرطة أو «الهايفن» هي كوبري ورابط بين ما بعد الحداثة والحداثة، أم أنها فاصل وتفرقة وقطيعة؟
الحداثة كظاهرة في الأدب والعمارة والفلسفة والعلوم الطبيعية ظهرت نتيجة لرؤى أساسية شكلت سيادة الإنسان والعقل قادمة من معارف مختلفة، فمثلاً شكلت رؤية كل من فرويد ويونغ في علم النفس، وكذلك نظرية النسبية عند آينشتاين، فرغم أن بدايات الحداثة، كما ذكر صاغية، تعود إلى القرن التاسع عشر، وربما ما قبل ذلك حتى منتصف القرن العشرين، إلا أن فيزياء آينشتاين كانت جوهرية في رسم الأسس المعرفية للحداثة ورؤية الإنسان للحقيقة. آينشتاين كان مغرماً بفلسفة العلم والتأثير الذي تتركه النظريات العلمية على الفلسفة والعالم، وكانت فكرته هي أن العالم الطبيعي يمكن فهمه من خلال تحليل القوانين الرياضية التي تحكمه، والذي أوصلنا إلى النظرية النسبية الخاصة والعامة بحثاً عن فهم يوصلنا إلى حالة الاستقرار أو «الميتا ناراتيف» أو السرديات الكبرى التي تفسر العالم، ولكن حقيقة عالم آينشتاين الحداثي تحطمت أمام أبحاث «فيزياء الكوانتم»، فإذا كانت هناك حقيقة موضوعية عند آينشتاين، فهذه الموضوعية غير موجودة في «الكوانتم ميكانيكس» أو «ميكانيكا الكوانتم». إذ ترى «ميكانيكا الكوانتم» أن تصرف الجسيمات الدقيقة يصعب التنبؤ به، وهي أيضاً لا توجد بشكل موضوعي إلا في غياب المشاهد، أي أن هناك علاقة بين العين التي ترى والجسيمات الدقيقة التي تشكل سلوكها، إذن الحقيقة ذاتية وليست موضوعية.
ذكر الأستاذ صاغية أعمال أساتذة في الفلسفة أو في فلسفة اللغة مثل جان بودريارد وكتابه «samalcra and simulation»، أو جون فرنسوا ليوتارد وكتابه «post modern condition»، أو «الحالة ما بعد الحداثية»، التي ترجمها صاغية «شرط ما بعد الحداثة»، وأنا متأكد من أن الأستاذ صاغية أيضاً ملم بتأثيرات كل من جاك دريدا وميشيل فوكو كجزء من مدرسة الفلسفة الفرنسية التي ركز عليها في مقاله.
المهم في طرح الأستاذ صاغية هو نتيجة لموت السرديات الكبرى وموت فكرة الموضوعية هو الذي أوصلنا إلى حالة التقطيع و«الهايبر ريالتي»، أو الواقع المتفكك الذي نعيشه، والذي أشار إليه بحالة من الشعبوية التي أنتجتها الحالة ما بعد الحداثية، والتي تغيب فيها المعايير، ويصبح رأيك مثل رأيي، أو كما تقول بالعامية المصرية «أبو قرش زي أبو قرشين»، لا فرق بين رأي عالم ملم وبين رأي مؤثر في السوشيال ميديا.
...هنا نختلف.
كانت فيرجينا واحدة من رواد الحداثة، وكانت تعاني من الاكتئاب والانطواء، وماتت ضحية لفلسفة فرويد في معالجة الأمراض النفسية، لكنها لو تعرفت على الليثيوم مادةً كيماويةً معالجةً للخلل الدماغي التي كانت تعاني منه لربما شفيت أو عانت أقل، ولكنها كانت متوقفة عند فلسفة عصرها وعلوم عصرها، فالعلم دوماً متطور وتطبيقاته متطورة، فهذا الذي نراه مؤثراً، الإعلام الجديد أو السوشيال، سيموت حتماً ضحية لتطور الذكاء الصناعي (AI)، ولن تستمر سيطرة الإنسان على «الهايبر ريالتي» أو «عالم تقليد التقليد»، وننتقل من مركزية الإنسان الحداثية وشخصنة الواقع فيما بعد الحداثة إلى مركزية الآلة، والعودة إلى موضوعيات أكثر صرامة قد تعود بنا إلى الأسس الفلسفية الأولى للحداثة من كانت إلى هيجيل وغيرهما.
إن اللحظة التي نحياها ليست القول الفصل في فلسفة ما بعد الحداثة، لكننا داخل العملية (the process) ما بعد الحداثية، وهذا النسق قد يطور من نفسه. إن المشكلة التي نعاني منها اليوم هي تلك الفجوة ما بين تصورنا الفلسفي للعالم، وكيف ينفرط العالم أمامنا، إن الإحباط الناتج عن الفجوة بين عملية النمذجة (modeling) التي نرسمها في عقولنا مقابل الواقع كنموذج هو الذي يؤدي إلى حالة القلق والإحباط والخوف مما نراه شعبوية، ولكن فجوة النمذجة ستضيق كثيراً، وربما تختفي في حالة الذكاء الصناعي، وهو جزء من لحظة ما بعد الحداثة، ومعها يختفي الإحباط الإنساني ونرى الهمجية والقبح بوضوح تام، وفي المقابل نرى الحضارة والجمال بالوضوح ذاته. ويجوز القول هنا إنني لست متشائماً، كما الأستاذ صاغية، من لحظة ما بعد الحداثة ونتائجها إذن؛ كانت قنبلة هيروشيما ونجازاكي وكذلك هتلر جزءاً لا يتجزأ من الحداثة، والآن نحن في زمن أحداث صغرى متقطعة لها تأثير كبير على الوعي والضمير الإنساني حتى لو كانت الحقيقة ذاتية وشخصية إلى حد التشظي وحالة «الكوانتم».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وحشية ما بعد الحداثة وحشية ما بعد الحداثة



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon