عيون وآذان تجارب بتصرف القارئ

عيون وآذان (تجارب بتصرف القارئ)

عيون وآذان (تجارب بتصرف القارئ)

 لبنان اليوم -

عيون وآذان تجارب بتصرف القارئ

جهاد الخازن

علّمني صديق كيف ألعب طاولة الزهر مع الكومبيوتر، وأنا أعتبر نفسي من أساطين الفرنجية والمحبوسة والاوتوزبير، إن كان بقي مَنْ يعرف هذه اللعبة الأخيرة. ولاعبت الكومبيوتر وهزمني، وخضت معه مباراة ثأر وهزمني ثانية، وانتقمت منه بمباراة في الركل بالأقدام وحطّمته تحطيماً. المواجهة الساخنة مع الكومبيوتر ذكرتني بالقول: «إحذروا غضب الحليم»، فأعصابي منذ ولدت في ثلاجة، ولعلي لم أفقد أعصابي أكثر من مرتين أو ثلاث على امتداد العمر، وندمت في كل مرة، كما في معركة الكومبيوتر التي انتهت بشرائي كومبيوتر جديداً. قررت أن أنسى الكومبيوتر الراحل بالقراءة، وفوجئت بأن جيوفاني بوكاشيو، وهو مؤلف وشاعر ايطالي من عصر النهضة لعب أيضاً دوراً سياسياً، يقول: «إفعل كما نقول، لا كما نفعل». هذا الكلام موجود عندنا، ولا بد من أننا سبقنا بوكاشيو اليه ببضعة قرون، وأذكره بالكلمات: «إسمع من أقوالي ولا تتبع أفعالي»، أو «إتبع أقوالي...»، ولعل المعنى موجود في الشرع. لا أنصح القارئ ولا أطلب منه سوى أن يقرأ أقوالي، ثم أسمح له أن يعترض على أي رأي أبديه شرط أن يقتنع بأن معلوماتي دائماً صحيحة، والغلط النادر سببه أنني لست معصوماً مثل بابا روما والمعارضة الكويتية مثلاً. غير أنني أختار اليوم من نصائح الآخرين، وبعضها في منتهى الجد، وبعضها يُقصَد به الهذر، ولعل أصدق نصيحة سمعتها كانت لتلك التي قالت: «إستمر في التنفس»، فهو من دون التنفس لن يبقى بيننا. كان هناك الذي قال إن القلق غير مبرر، فإذا كنت لا تستطيع حل مشكلتك، فالقلق لن يحلّها، وإذا كنت تستطيع فالقلق من دون معنى. أجد الكلام السابق منطقياً، إلا أنه صعب التطبيق، فالقلق عند بعض الناس مثلي طبيعة ثانية، وقد أصبت بقرحة وأنا في الجامعة عندما وجدت أنني لن أستطيع أن أصبح طبيباً أو مهندساً لكرهي العلوم كرهي الاحتلال الاسرائيلي. وجدت منطقاً فاتني في قول القائل: مَنْ ركلك في مؤخرتك دفعك الى الأمام. هذا صحيح، ولكن كان يستطيع أن يدفعني الى الأمام بلمسة رقيقة على الكتف، ومن دون ركلة قد تنتهي بالسقوط على الوجه. وكنت قرأت مرة الحكمة، إن الذين ينسون الماضي محكوم عليهم بإعادته، ثم وجدت تنويعاً ظريفاً على ما سبق بالقول إن الذي لا يذكر الماضي لا يعرف أين ركن سيارته خارج السوبرماركت. على الأقل المصاب بالزهايمر عنده فائدة غير متوافرة للناس العاديين مثل القارئ ومثلي، فهو يستطيع أن يرسل الى نفسه هدية ثم يفاجأ بوصولها. فوجئت مرة بعد مرة بناس أعرفهم وقد تغيروا عمّا كنت أعرف عنهم، ووجدت بعد تفكير أن السبب ليس خرفي، وإنما أن الناس يتغيرون، وعلى الواحد منا أن يعاملهم كما هم لا كما كانوا أو كما يريد أن يكونوا. هذا الواحد هو أيضاً تغير إلا أنه قد لا يدرك ذلك. وسمعت أخيراً نصيحة لا تخلو من حكمة هي: لا تنصح أحداً بدخول حرب أو الزواج. الحرب، كما قال الشاعر القديم، شمطاء جزَّت شعرها وتنكّرت / مكروهة للشم والتقبيل. والزواج... الزواج قريب مما سبق، وثمة استثناءات، إلا أن هذه تثبت القاعدة. في ذكاء ما سبق القول: لا تحارب النار بالنار لأنك لو فعلت فستنتهي ورماد بين يديك. وهذا من نوع عدم نصح الناس بدخول الحرب. في حكمة ما سبق رغم أن الهذر واضح في النصيحة القول: لا تأخذ حبّة منومة وحبّة مسهّلة قبل النوم، والسبب واضح. أكمل بملاحظة، فقد لاحظت كثرة استعمال أوصاف من نوع سياسي فاشل، أو صحافي عميل، أو مثقف منحرف أو تحريفي، وغير ذلك كثير. كل ما سبق من صفات يعني أن الموصوف يخالف مَنْ يصفه في الرأي. ووجدت بحكم العمل أن العرب أسرع الى توزيع التهم، فالديموقراطية عند أكثرهم بدعة، وبالتالي ضلالة، وبقدر ما يرتفع صوت العربي مطالباً بالديموقراطية يكون بُعده عنها كما رأينا في تجربة مصر مع الإخوان المسلمين، فقد سعوا جهاراً ونهاراً الى أخوَنَة البلد، وعندما سقطوا تحدثوا عن رئيس غلبان انتُخِب بشكل ديموقراطي. النصيحة كانت بجمل، ولكن لا جمال عندي، وقد قدمت للقارئ ما سمعت، فأختتم بما لا يستطيع الإخوان دفعه، ففي الحديث «اعقلها وتوكل»، والصلاة في ميدان أو على «فرندة» لن تحل أزمة وإنما ستزيدها تعقيداً، والمطلوب أن يعمل الإخوان وأن يتوكلوا على الله، وهو سيساعدنا جميعاً. نقلا عن جريدة الحياة 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان تجارب بتصرف القارئ عيون وآذان تجارب بتصرف القارئ



GMT 18:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

مسرح القيامة

GMT 18:15 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان... و«اليوم التالي»

GMT 18:09 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

لماذا توثيق «الصحوة» ضرورة وليس ترَفاً!؟

GMT 18:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 18:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ذكرى شهداء الروضة!

GMT 17:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الشريك المخالف

GMT 17:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 17:48 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد المرأة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:55 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

يحذرك من ارتكاب الأخطاء فقد تندم عليها فور حصولها

GMT 10:23 2022 الثلاثاء ,17 أيار / مايو

توبة يتصدر ترند تويتر بعد عرض الحلقة 26

GMT 15:53 2024 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

بحث جديد يكشف العمر الافتراضي لبطارية "تسلا"

GMT 12:55 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

وضعية للهاتف قد تدل على خيانة شريك الحياة

GMT 16:06 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

دكتوراه لراني شكرون بدرجة جيد جدا من جامعة الجنان
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon