منصفون انتصروا للبنان بعد الإرهاب

منصفون انتصروا للبنان بعد الإرهاب

منصفون انتصروا للبنان بعد الإرهاب

 لبنان اليوم -

منصفون انتصروا للبنان بعد الإرهاب

جهاد الخازن

كانت جدتي سيدة مثقفة عملت في شبابها معلمة مدرسة وتوفيت سنة 1988 عن مئة عام كاملة، فالعائلة تحتفظ بشهادة ولادتها من الدولة العثمانية سنة 1888. هي شهدت السفربرلك والحرب العظمى والاستعمار والاستقلال وضياع أكثر فلسطين سنة 1948 ثم البقية سنة 1967، وغزو إسرائيل لبنان سنة 1982، واندلاع الحرب الأهلية قبل ذلك سنة 1975.

كانت شاهداً على تاريخ القرن العشرين، وكانت ترى العرب يموتون بالجملة والمفرق ولا أحد يسأل عنهم، فإذا قُتِل أميركي في كوريا أو فيتنام أو إسرائيلي إرهابي محتلّ في بلادنا، يصبح خبر اليوم في الميديا الغربية، وتقول «العزا فينا بارد»، أي لا أحد يهتم بنا إذا مات منا عشرات أو مئات.

عادت إليّ ذكرى جدتي وعبارتها التي رسخت في ذهني وأنا أتابع الإرهاب في برج البراجنة يوم الخميس في 12 من هذا الشهر، حيث قُتِل 43 مواطناً لبنانياً بريئاً وجُرح 200 آخرون، والإرهاب التالي في باريس حيث قُتِل 130 شخصاً وجُرح 350 آخرون.

المصيبة في لبنان ضاعت والعالم كلّه يركز على المصيبة الأكبر في عاصمة النور، وصرت أقول «العزا فينا بارد» وأنا أتابع تغطية ميديا العالم الإرهاب في باريس بألوف الأخبار والصفحات كل يوم، والإشارة الى الإرهاب في برج البراجنة وكأنه «ذيل» في صفحة عن باريس.

غير أنني فوجئت وأنا أجمع الأخبار والتعليقات من المصادر التي أتوكأ عليها عادة لرصد الأخبار والتصريحات الرسمية في هذا البلد أو ذاك، أن أجد كثيرين وقد انتصروا للبنانيين وهم يواجهون الإرهاب، وينتقدون كل مَنْ أهمل مصيبتهم أو قلَّل من شأنها مفضلاً التركيز على فرنسا.

أقول هذا ثم أبدأ بصوت نشاز فقد قرأت مقالاً في «نيويورك تايمز» عنوانه يزعم أنه «أوكي»، أن يهتم الإنسان بالهجمات في باريس أكثر مما يهتم بالتفجيرات في بيروت. المقال كتبه المحامي الأميركي ماكسيم ماير - سيسيانو، ويبدو من اسمه أنه يهودي وهذا غير مهم لأن هناك يهوداً كثيرين منصفين يطلبون السلام.

هو يقول إن الحزن يعكس طبيعة البشر، وبعد أن يتغزل بباريس يقول إنه لا يجوز أن تنال بيروت التغطية الصحافية نفسها لأن بيروت «منطقة حرب» مرات عدة في السنوات الثلاثين الماضية، في حين أن باريس عادة مدينة أمينة أو مأمونة، ثم إن بيروت على بُعد ساعة بالسيارة من سورية التي تعصف بها حرب أهلية. هو يقول إن «العزا فينا بارد».

ليس عندي لهذا المحامي سوى الاحتقار، فأكمل بمَنْ هم أفضل منه، فقد قرأت تحقيقَيْن لمراسلة «نيويورك تايمز» في بيروت آن برنارد، الأول عنوانه «بيروت التي تعرضت لهجمات مميتة تشعر بأنها منسية»، والآخر عنوانه «أزمة اللاجئين في لبنان تختبئ تحت النظر».

أشكر آن برنارد وجريدتها التي قلت دائماً إن أخبارها صحيحة على إنصافها وهي تتحدث عن بيروت. فأذكِّر المحامي إياه بأن بيروت وُجِدَت قبل ألفي سنة من الولايات المتحدة التي هاجر إليها أمثاله عبر العقود الماضية، ولبنان اليوم ينوء بمليون ونصف مليون لاجئ سوري أو حوالى ربع سكان البلد.

أشكر أيضاً أرين بيكر على مقالها في مجلة «تايم» وعنوانه يكفي شرحاً: بيروت تسأل إن كان بعض الهجمات الإرهابية أهم من بعض.

في «واشنطن بوست» كتبت آنا شيزاديو مقالاً عنوانه: باريس مدينة. بيروت منطقة حرب. لماذا طريقة حديثنا عن هذه الأماكن مهمة. هي لاحظت أن «داعش» ضرب ضاحية وليس مقراً لحزب الله، والقتلى مدنيون، والأحياء يحتجون أن العالم نسي لبنان وأهله.

ضاق المجال فأشكر السلطات المصرية التي رفعت أعلام فرنسا وروسيا ولبنان فوق الأهرامات وقد سلّطت عليها الأنوار.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

منصفون انتصروا للبنان بعد الإرهاب منصفون انتصروا للبنان بعد الإرهاب



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon