عرب البناء وعرب الهدم

(عرب البناء وعرب الهدم)

(عرب البناء وعرب الهدم)

 لبنان اليوم -

عرب البناء وعرب الهدم

بقلم : جهاد الخازن

منذ سنوات وأخبار الأمة تتراوح بين موت ودمار وفشل. هذه الأخبار مستمرة، غير أنني أريد أن أكسر الحلقة اليوم بشيء إيجابي. قبل شهر حدثني وزير الإعلام الكويتي الشيخ سلمان الحمود الصباح في مكتبه، عن مشروع للحكومة يعدّ البلاد لفترة ما بعد النفط. وقبل أيام، عرض الأمير محمد بن سلمان، ولي عهد ولي العهد السعودي وزير الدفاع، رؤية بلاده لمستقبل يتعايش مع تراجع الفورة النفطية.

حديثي اليوم عن الإمارات العربية المتحدة التي تخطط أيضاً لما بعد النفط. عرفتُ الإمارات على امتداد أربعة عقود من دون انقطاع. وقد زرتُ الإمارات السبع، إلا أنني أكتفي اليوم بالحديث عن أبو ظبي ودبي والشارقة لأنني أعرفها حكاماً ومواطنين. هي تحارب الإرهاب في الخليج واليمن والشمال العربي وحتى ليبيا. لها الشكر.

عندما زرتُ الإمارات بعد سنة أو نحوها من إعلان الدولة في أواخر 1970 كانت المناسبة بناء طريق من دبي إلى رأس الخيمة بتمويل سعودي. كان هناك فندق واحد محترم في دبي، وجلسنا في سرداق نسمع بعض الشعر النبطي. لا أحتاج أن أقارن فالعالم كله يعرف كيف تحولت دبي إلى عاصمة للتكنولوجيا العالمية.

قبل عشر سنوات أو نحوها، أخذني الشيخ محمد بن راشد، رئيس الوزراء وحاكم دبي، في «جيب» صغير إلى «النخلة» ومكتب مبيعات أكثر العاملات فيه من الشابات. ثم ذهبنا إلى مرفأ صناعي، وانتهينا في المطار، وكانت ورشة عمل. سألت الشيخ محمد: ما هذا؟ قال إن دبي تبني مطاراً يستطيع أن يتعامل مع 120 إلى 125 مليون راكب في السنة. قلت له: أنا أقيم في لندن ومطارها أكبر مطار دولي في العالم وهو يتعامل مع 60 مليون راكب في السنة، فمن أين ستأتي بمئة وعشرين مليوناً؟ قال لي باسماً: مشكلتي معك أنكَ تتكلم عن اليوم، وأنا أتكلم عن 2020 أو 2030. ابتسمتُ بدوري وقلت: إذا عشنا.

عشنا لنرى مطار دبي يخدم عدداً من الركاب السنة الماضية يزيد على ركاب مطار هيثرو. وهناك نشاط تعليمي وصناعي وتجاري وبنكي يلف العالم كله.

قبل سنة، قُدِّمَت لي في أبو ظبي طائرة هليكوبتر وقضيت يوماً ذهبت فيه إلى مدينة مصدر التي تعمل بالطاقة الشمسية وتحدثت إلى طلاب الجامعة هناك، ثم انتقلت إلى منطقة صناعية كبيرة، وأنهيت يومي بزيارة المفاعلات النووية، وكان بناء اثنين منها قد اكتمل، والعمل أوشك على الانتهاء في المفاعل الثالث، وقد بدأ في المفاعل الرابع.

رحم الله الشيخ زايد والشيخ راشد، مؤسسي الدولة مع حكام الإمارات الآخرين، كنت أتمنى لو عاشا ليشهدا ثمار الشجرة التي زرعاها.

عندما زرتُ الشارقة للمرة الأولى كانت «سبخة ملح»، وقلت هذا يوماً للحاكم الشيخ سلطان القاسمي فابتسم وقال إنه يذكر ذلك. مدينة الشارقة اليوم أصبحت نموذجاً يُحتذى بالمعارض من كل نوع والجوائز والبناء، مع مطار حديث.

أعرف أن الإمارات ليست المدينة الفاضلة التي حدثنا عنها فلاسفة اليونان، وأسجل أن عدد المواطنين قليل، وأن الدخل النفطي عالٍ، ولكن أزيد أن فيها عقولاً قدمت إلى المواطن ما يحتاج إليه في عالم عصري، وقامت علاقة وثيقة بين الحاكم والمحكوم. أسجل هذا ثم أقارن ببلدان شمال المشرق العربي.

لبنان بلا رئيس... جسد بلا رأس فلا أزيد. حضارة العالم كله انطلقت من بلاد ما بين النهرين ثم مصر الفرعونية، ونحن الآن نصدِّر الموت والخراب. العراق وسورية بلاد من سهول وأنهار... وبترول. كل دولة في العالم تتمنى أن تكون مثلهما بما تملكان من ثروات طبيعية.

ماذا هناك؟ بعد الاحتلال الأميركي سنة 2003 قُتِلَ حتى الآن حوالى مليون عراقي ودُمِّر بلد ثري، وترك الأميركيون في بغداد حكاماً طائفيين زادوا القتل والدمار. سورية في وضع أسوأ، وأرقام الموت تتسارع لتلحق بالعراق، والتدمير من نوع لا يمكن إصلاحه في بلد خسر كل شيء.

هل أنا أهذي؟ قارنوا معي: السعودية والكويت والإمارات تستعد لعالم ما بعد النفط، والعراق وسورية (واليمن وليبيا) تُدمَّر بأيدي بعض أبنائها. رحمتك يا رب.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عرب البناء وعرب الهدم عرب البناء وعرب الهدم



GMT 13:59 2021 الأحد ,27 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 00:15 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

العلاقات السعودية - الايرانية… وبيل غيتس

GMT 06:00 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

أخبار من سورية وفلسطين

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon