حلب الشهباء أصبحت حمراء

(حلب الشهباء أصبحت حمراء)

(حلب الشهباء أصبحت حمراء)

 لبنان اليوم -

حلب الشهباء أصبحت حمراء

بقلم : جهاد الخازن

سورية هي حلب، وحلب هي سورية، والموت واحد، والى درجة أنه لا يوجد ما يكفي من نعوش للضحايا.

حلب كانت شهباء، أو بيضاء بما فيها من حجارة كلسية. اليوم هناك حلب الحمراء حمرة الدم لا الورد. الرواية تقول إن ابراهيم الخليل عليه السلام كانت عنده بقرة اسمها الشهباء، وكان يجلس في قلعة حلب ويقدم حليبها مجاناً للناس.

لعل الرواية السابقة خرافة فلا آثار تثبتها. ما ليس خرافة أبداً هو أن حلب تموت ونحن نتفرج.

هي الآن قسمان، شرقي تحت سيطرة المعارضة، وغربي تحت سيطرة النظام. منذ أسبوعين أو أكثر والمدينة تتعرض لغارات لا تنقطع وبراميل متفجرة. والموت في كل شارع وساحة وحي. حتى طبيب الأطفال محمد وسيم معاذ قُتِلَ بعد أن رفض ترك مدينته مصرّاً على معالجة أهلها. والهدنة التي تُمدَّد يوماً بعد يوم تتعرض لخروقات.

سوق حلب وقلعتها مصنفتان ضمن الإرث العالمي، ولم تسْلما من التدمير.

حلب اليوم ليست المدينة التي عرفتها صغيراً كبيراً. أعرف ريفها حيث كان مار مارون، وأيضاً دابق حيث انتصر السلطان سليم الأول على المماليك بقيادة قانصوه الغوري.

تلك المعركة التي حملت اسم المدينة حيث جرت في 8/8/1516. اليوم هناك موت من نوع يرافق عادة الحروب لا مدينة وأهلها.

آخر زيارة لي الى حلب كانت للمشاركة في الاحتفال بألفية مار مارون. الرئيس بشار الأسد استضاف المدعوين على غداء. وعندما خرجنا من المطعم كان هناك «هتّيفة». هذا مفهوم. غير أننا انطلقنا وراء الرئيس في سيارته الصغيرة ودخلنا سوق المدينة. الناس رأوا سيارة الرئيس وعرفوها وأحاطوا بنا. إمرأة مسنّة زلغطت (زغردت) وردت عليها نساء أخريات، وصفق الرجال وهتفوا.

كل هذا ضاع في أسبوع وخَلَفه موت يومي وتدمير. الأمم ا لمتحدة تقول إن سورية تمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم، و13.5 مليون من أهلها في حاجة الى مساعدات إنسانية، بينهم ستة ملايين طفل. ما يحصلون عليه هو هجمات على المدنيين ومخالفة كل القوانين التي تحفظ حقوق الانسان.

مَنْ كان يصدق في سنة 2010 فقط أن يوجد 4.8 مليون لاجئ سوري في دول الجوار؟ تركيا تستضيف 2.7 مليون لاجئ، ولبنان مليون لاجئ، والأردن 650 ألف لاجئ. ثم هناك السوريون الذين أكلهم سمك البحر، وآخرون وصلوا الى اوروبا لتحيط بهم أسلاك شائكة ولا مفرّ.

الموت أرحم. لا عين تشوف ولا قلب يحزن. هو موت مؤجَّل، ونحن نبكي مُلكاً مُضاعاً لم نحافظ عليه مثل الرجال أو النساء.

عرفتُ سورية قبل أن أدخل المراهقة. دمشق والغوطة، الطريق الى الأردن، والكسوة والقدم والشيخ مسكين. عرفت حمص وحماة وحلب وتدمر ومعلولا.

ثم عرفتُ دار الأوبرا وشهدتُ عرضاً موسيقياً فيها، والآن أقرأ أن فرقة سمفونية روسية عزفت في تدمر شيئاً من أعمال الموسيقار باخ وغيره. العرض رآه الروس على التلفزيون وتخللته مشاهد لفظائع ارتكبها تنظيم «داعش».

هل الروس أبرياء؟ هل هناك طرف واحد بريء وسورية تُستباح أمام عيوننا ونحن لا نملك سوى فرك الأيدي ومسح الدموع من العيون؟

سورية بلدي، مثل لبنان والأردن وفلسطين ومصر وكل بلد عربي. أهل بلدي يموتون، وأقول لكل واحد منهم مع الشاعر: مَنْ شاء بعدك فليمت / فعليك كنت أحاذر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حلب الشهباء أصبحت حمراء حلب الشهباء أصبحت حمراء



GMT 13:59 2021 الأحد ,27 حزيران / يونيو

لبنان والمساعدات الاميركية للجيش

GMT 00:15 2021 الأربعاء ,12 أيار / مايو

العلاقات السعودية - الايرانية… وبيل غيتس

GMT 06:00 2021 الأحد ,09 أيار / مايو

أخبار من سورية وفلسطين

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon