جهاد الخازن
نقول: أشهر من «قفا نبك» فشهرة قصيدة امرئ القيس طبقت الآفاق. تدانيها شهرة قول ابن الرومي:
لك أنف يا ابن حرب / أنفت منه الأنوف
أنت في القدس تصلي / وهو في البيت يطوف
اليوم وبعد انقطاع أكثر من شهرين عن الشعر وعن شعراء النهضة ومصر وسورية والعراق، كما وعدتُ في حينه، أعود إلى بعض الشعر الساخر لإبعاد القارئ عن نكد السياسة العربية.
أحمد شوقي قلّد ابن الرومي وقال:
لك أنف يا ابن خالي / تعبت منه الأنوف
أنت بالبيت تصلي / وهو بالركن يطوف
وأحفظ شعراً قديماً هو:
إن كان أنفك هكذا / فالفيل عندك أفطس
وإذا جلست على الطريق / ولا أرى لك تجلس
قيل السلام عليكما / فتجيب أنت ويخرس
والبحتري قال:
علمت الآن أن البعث حق / وأن الله يفعل ما يشاء
رأيت الخثعمي يقل أنفا / يضيق بعرضه البلد الفضاء
ابن الرومي كان هجّاء يجمع بين خفة الدم والبذاءة، ومن شعره الذي يصلح للنشر:
إن تطل عليك لحية وتعرض / فالمخالي معروفة للحمير
خلق الله في عذاريك / مخلاة ولكنها بغير شعير
وهو هجا أباه، كما هجا الحطيئة أمه وقال:
لو كان مثلك في زمان محمد / ما جاء في القرآن برّ الوالد
وأختصر قصة طويلة عن اللحى الضخمة فالأمير عبدالرحمن الناصر مازح وزيره لبّ أبا القاسم، وقال:
لبّ أبو القاسم ذو لحية / طويلة في طولها ميل
ثم طلب من الشاعر ابن جهور أن يكمل فاعتذر، إلا أن الناصر أصرّ عليه فقال:
وعرضها ميلان إن كسّرت / والعقل مأفون ومدخول
لو أنه احتاج إلى غسلها / لم يكفه في غسلها النيل
إن لم تكن الأنوف أو اللحى، فهناك البخل، وثمة شعر كثير فأعود الى ابن الرومي:
يقتر عيسى على نفسه / وليس بباق ولا خالد
فلو يستطيع لتقتيره / تنفس من منخر واحد
وفي مثله قال أبو نواس:
إذا فقد الرغيف بكى عليه / بكا الخنساء إذ فجعت بصخر
ودون رغيفه قلع الثنايا / وحرب مثل وقعة يوم بدر
ثم هناك الغناء وحفظت منه صغيراً:
ومغن إن تغنى / أشبع الندمان همّا
أفضل الأقوام حظا / فيه مَنْ كان أصمّا
ومثله:
قد دهاني ما دهاني / من ثقيل في الأغاني
قلت إذ غنى عراقا / ليتني في أصفهان
وأيضاً:
شاهدت في بعض ما شاهدت مُسمعة / كأن يومها يومان في يوم
لها غناء يثيبُ الله سامعه / ضعفي ثواب صلاة الليل والصوم
ودخل ابن نخيلة اليمن ولم يرَ فيها أحسن من نفسه وكان قبيحاً فقال:
لم أرَ غيري حسنا / منذ دخلت اليمنا
فيا شقاء بلدة / أحسن مَنْ فيها أنا
وأعود إلى شوقي وهو يداعب صديقه محمود ثابت بعد أن اشترى هذا سيارة قديمة خربة:
لكم في الحظ سيارة / حديث الجار والجارة
إذا حركتها مالت / على الجنبين منهارة
وقد تحردُ أحيانا / وتمشي وحدها تارة
وقال المنصور لأعراب الشام: اشكروا الله فإني مذ وليتُ عليكم أبعد الله عنكم الطاعون. فقالوا: الله أكرم من أن يرسل إلينا الطاعون والمنصور في آن.