بقلم : جهاد الخازن
هناك 28 صفحة في التقرير الرسمي الأميركي عن إرهاب 11/9/2001 طـُمِسَت ولم تُنشَر حتى الآن. بين حين وآخر يقوم مَنْ يطالب بنشر هذه الصفحات، ومَنْ يزعم أنها تدين المملكة العربية السعودية بكشف علاقة لها بالإرهابيين. بل أن هناك مَنْ يشرح مادة الصفحات غير المنشورة ويعلق عليها كأنه رآها!
التهمة، من مصادر يهودية أميركية أو جهات تريد ابتزاز السعودية مثل بعض أعضاء الكونغرس الأميركي، مستحيلة. لا أعرف ما تتضمن الصفحات غير المنشورة، ولكن أعرف قادة السعودية معرفة شخصية مباشرة على مدى عقود، وأعرف أنهم ضد الإرهاب والإرهابيين قبل الأميركيين وكل طرف آخر. عند كثيرين من الأعداء الموضوع المعلن هو الحصول على بلايين الدولارات من «شيوخ النفط» لأهالي ضحايا إرهاب 11/9/2001.
الإرهاب عصف ببرجي التجارة العالمية في نيويورك ومقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في واشنطن، والملك فهد بن عبدالعزيز في الحكم، وولي عهده الأمير، ثم الملك، عبدالله بن عبدالعزيز.
عرفت الملك فهد في الديوان الملكي في الرياض، وفي لندن وباريس وواشنطن، وسمعته يتكلم في مجالس خاصة، وعرضت عليه أهم أخبار اليوم وهو مسافر. لم أسمعه يوماً يوافق على أي إرهاب، بل يدينه.
الملك عبدالله بن عبدالعزيز كان صديقاً. وهو أعطاني أول مقابلة صحافية له في الحكم، وعرفت الشيخ عبدالعزيز التويجري نائبه في الحرس الوطني، ولم أسمع منهما يوماً سوى إدانة الإرهاب والإرهابيين إذا ذُكِرَ عمل لهم أو جريمة.
قبل الملكين فهد وعبدالله عرفت الأمير سلمان، أمير الرياض والملك الآن. علاقتي به كانت دائماً وثيقة، ولا أذكر أنه انتقد عملاً لي أو شيئاً كتبته. الملك سلمان خصم عنيد للإرهاب، ويستحيل أن يوافق على أي عمل إرهابي. أنا لست «خواجا» يسمع بأسماء القادة السعوديين من دون أن يرى أحداً منهم.
وزير الدفاع في حينه الأمير سلطان بن عبدالعزيز، وولي العهد بعد ذلك، كان صديقاً عزيزاً وأيضاً ضد أي إرهاب. هؤلاء الأمراء الكبار تنبهوا إلى خطر القاعدة قبل أي طرف آخر، واعتبروا أنها عدو للإسلام والمسلمين.
في مثل هذه العجالة لا يمكن أن أنسى الأمير نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية وولي العهد بعد ذلك. كان صديقاً عزيزاً جلستي الليلية معه قد تمتد حتى الصباح فيصلي الفجر وينام. كنت أكتب ما يقول لي على ورق آخذه من مكتبه، وهو حدثني عن إرهاب الخـُبَر ضد الأميركيين، وعن حزب الله السعودي، وعن زيارته إيران بعد الانفجار وزيارته دمشق واجتماعه مع الرئيس حافظ الأسد ليطالبه بتسليم أحد زعماء عصابة انفجار الخبر. الأمير نايف قمع الإرهاب في بلاده، وحاربه حول العالم.
بدأت أكتب وفي نيّتي أن يكون مقالي كله عن السخف أو الحقد الذي يُنشَر عن السعودية، ثم قررت أنني لا أستطيع أن أثبت كذبه من دون الدخول في التفاصيل فعدلت، وأنا لا أحتاج إلى التعليق على مَنْ يرى أن العلاقات السعودية - الأميركية اصطدمت بصخور الواقع، أو مَنْ يصف السعودية بأنها «الشيطان الذي نعرفه» وهذه الكلمات من مثل بقيته «أفضل من الشيطان الذي لا نعرفه». آخر قال إن العلاقة الأميركية - السعودية مفلسة، وسأل غيره: ماذا فعلت لنا السعودية أخيراً؟ وقرأت: يجب إنهاء النفوذ السعودي في واشنطن.
مرة أخرى، إذا ربطت الأوراق غير المنشورة في التقرير الرسمي الأميركي عن إرهاب 11/9/2001 القيادة السعودية بأي جهد غير مكافحة الإرهاب تكون كاذبة وأسبابها إسرائيلية، أو «كاش» لسرقة السعوديين.