اللاسامية قديماً وحديثاً  1

اللاسامية قديماً وحديثاً - 1

اللاسامية قديماً وحديثاً - 1

 لبنان اليوم -

اللاسامية قديماً وحديثاً  1

جهاد الخازن

ثمة شعر ساخر بالإنكليزية عن اليهود والشعب المختار، لن أحاول أن أترجمه إلى شعر بالعربية، وإنما أترجمه نثراً وفي شكل واضح. واحد يقول: كم غريب من الله ربنا أن يختار اليهود. يرد عليه يهودي: ليس أغرب من أن الناس الذين يعبدون رب اليهود ينبذون اليهود. ويرد عليه الأول: من قال أنهم شعب الله المختار؟ قاله موسى إلا أنه يهودي.

بدأت بهذا الشعر لأزعم أنني أستطيع أن أتعامل مع موضوع اللاساميّة بموضوعية من دون انفعال أو تشنّج. وأبدأ اليوم بخلفية تاريخية، وأكمل غداً باللاساميّة الجديدة أو العائدة.

كنت قرأت الشهر الماضي مقالاً كتبه هاليك بار، نائب رئيس الكنيست وعضو حزب العمال، عنوانه «الخطر الآخر على وجود إسرائيل يأتي من داخلها». هو قال أن بنيامين نتانياهو اشترط أن يعترف الفلسطينيون بإسرائيل «دولة يهودية» قبل بدء المفاوضات، لأنه كان يريد إفشال هذه المفاوضات. بار دعا إلى قبول إسرائيل مبادرة السلام العربية، واعترافها بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة، كما حذّر من اليمين المتطرف وأشار إلى خطر اندلاع انتفاضة ثالثة.

قرب نهاية الشهر تبعه دانيال فنكلستين، وهو عادة موضوعي معتدل، بمقال عنوانه «متى تصبح معاداة الصهيونية لا ساميّة». هو يصرّ على بقاء إسرائيل وعلى حقوق الفلسطينيين، ويقول أن القائمين بحملات طلباً للعدالة في فلسطين ليسوا بالضرورة لا سامييّن. وربما كنت تجاوزت المقال لولا أن الكاتب ينتقد «لا ساميّة» الحاج أمين الحسيني وكرهه لليهود وذهابه إلى ألمانيا النازية. هو لا يعرف الحاج أمين كما عرفته أنا حتى وفاته، وما سمعت منه وكتبته في حينه قوله لي أنه ذهب إلى ألمانيا قبل المحرقة النازية على أساس «عدو عدوي صديقي». وباستثناء إصراره على أن فلسطين كلها للفلسطينيين، وأن الصهيونيين غزاة، لا أذكر له كلاماً يمكن أن يُعتبَر لا ساميّاً.

اللاساميّة وُجِدَت عبر التاريخ وهي مسيحية أصلاً وغربية، لا عربية. المسيحيون اتهموا اليهود بصلب السيد المسيح، ثم اتهموهم بقتل أطفال المسيحيين أو شرب دمهم، وهو ما يسميه اليهود «التشهير بالدم». وكانوا كلما وقعت كارثة حمّلوا اليهود مسؤوليتها.

في إسبانيا، عاش اليهود مع العرب بسلام، إلى درجة أن بعضهم عمل للحكام فقال الشاعر: كنا نطالب لليهود بجزية وأرى اليهود بجزية طلبونا. بعد سقوط الأندلس سنة 1492، تعرض اليهود لضغط أو قمع من الحكم المسيحي العائد وبعضهم اعتنق المسيحية خوفاً، وسُمّوا «مسيحيين جدداً» أو ادعوا أنهم اعتنقوها، وعُرف هؤلاء باسم «مارانو»، من كلمة «محرم» بالعربية. أما المعنى بالإسبانية فكان الخنزير أو القذِر أو المنبوذ.

هم اضطهدوا مرة بعد مرة وهاجر كثر منهم إلى الشمال وسكنوا في فلورنسا وليفورنو والبندقية وميلانو وغيرها، وكانوا موضع شبهة دائماً، فقد اتهموا بأنهم وراء الطاعون أو الموت الأسود في القرن الخامس عشر وقتِل كثر منهم، كما قتِل آخرون في القرن السادس عشر، والبابا بولص الرابع أمر بإحراق بعضهم في أيار (مايو) 1556.

بعض اليهود المارانو من الذين هاجروا إلى الشمال أخذ يعلن المسيحية بين المسيحيين، ويصلي كيهودي سراً. إلا أن هؤلاء، جيلاً بعد جيل، اختلطت عليهم الأمور ولم يعودوا يعرفون أي دين يتبعون.

في المقابل، اليهود الذين تركوا إسبانيا وذهبوا جنوباً مع المسلمين إلى المغرب العربي حافظوا على دينهم، ولم يُرغَموا على تركه.

مرة أخرى، اللاساميّة من الغرب المسيحي، بل إن روسيا السوفياتية اضطهدت اليهود، وهناك اليوم كره لليهود بين المسلمين في أوروبا، لا أريد أن أسميه «لا ساميّة» سببه جرائم حكومة إسرائيل قبل أي سبب آخر. وأكمل غداً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اللاسامية قديماً وحديثاً  1 اللاسامية قديماً وحديثاً  1



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon