ذكريات مع بطرس غالي

ذكريات مع بطرس غالي

ذكريات مع بطرس غالي

 لبنان اليوم -

ذكريات مع بطرس غالي

جهاد الخازن

رحل عنا الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل ونال حقه من التكريم، فتذكرت صديقي بطرس بطرس غالي الذي توفي قبل أيام، واهتمت به مصر والعرب والميديا العالمية.

كنت في مكتب الدكتور بطرس غالي في الطابق السادس والثلاثين من مبنى الأمم المتحدة في نيويورك، عندما تذكر شيئاً من تجربته في العمل أستاذاً جامعياً ثم وزيراً، وبعد ذلك الأمين العام للمنظمة العالمية.

قال لي أنه وزملاءه من الأساتذة كانوا فقراء أو مفلسين، ثم يصبح واحد من هؤلاء وزيراً، ويمشي كمَنْ يملك الأرض ومَنْ عليها وقد «صعَّر» خدَّه بلغة القدماء، أي قلب وجهه ورفع رأسه كأنه بطل. هو مشى في المكتب مقلداً هؤلاء الزملاء ووعدني بألا يفعل مثلهم.

ما كان يحتاج الى ذلك، فأبوه كان وزيراً، وجدّه رئيس وزراء، وهو درس في السوربون. بكلام آخر، صفاته العائلية والشخصية لا يُعلى عليها.

هو عمِل أميناً عاماً من بداية 1992 وحتى نهاية 1996، أي خمس سنوات كاملة، وأرضى كل الناس باستثناء الأميركيين الذين هددوه باستخدام الفيتو لمنعه من ولاية ثانية. كان بيل كلينتون يعتقد أنه فرنسي الميول، ويدافع عن الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا. وكانت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة مادلين أولبرايت، تريده موظفاً عند الأميركيين ولم يقبل. ولعلّه نظر إليها كفلاحة من أوروبا الشرقية تحاول الصعود فوق مركزها في الحياة، أو فوقه وهو الباشا ابن الباشا المثقف جداً.

لعلّ تهمة «الفرنسة» لم تخلُ من صدق، فبعد الأمم المتحدة شغل منصب الأمين العام للمنظمة العالمية للناطقين بالفرنسية، وأقام في باريس سنوات. كنت أراه هناك باستمرار، وأذكر أن محطة تلفزيون عربية سجلت لنا مقابلة طويلة عن تجربته في العمل، وعلاقتي به وما تابعتُ من نشاطه، إلا أنني لا أذكر الآن اسم المحطة، فربما وجدتُ بين أوراقي تسجيلاً للمقابلة.

لعل صداقتي مع بطرس غالي بدأت سنة 1977، أي قبل أن أراه شخصياً بحوالى سنتين، فهو رافق الرئيس أنور السادات في زيارته التاريخية للقدس، وتعرّض لحملات صحافية قاسية، وكان هناك مَنْ ذكّرنا بأنه قبطي. أقول إن أقباط مصر أشد عداء لإسرائيل من أي طرف عربي آخر، وموقف قادة الكنيسة مسجّل بما لا يترك مجالاً للشك.

كنت ضد زيارة الرئيس السادات القدس، وكتبت معترضاً عليها، إلا أنني تجاوزت دور بطرس غالي، وعندما جلسنا معاً بعد ذلك، شكرني لأنني اخترتُ عدم مهاجمته. واكتشفت أنه قرأ كل ما استطاع جمعه من الميديا عن الزيارة، وكان حزيناً جداً إزاء تهمة الطعن في وطنيته.

بقي بطرس غالي وزير دولة للشؤون الخارجية حتى سنة 1991، ثم ركز على منصب الأمين العام للأمم المتحدة، فقد كانت غالبية ترى أنه يجب أن يكون من نصيب أفريقيا. هو فاز بالمنصب، وخدم لولاية واحدة، فكان الأمين العام الوحيد الذي لم يُجدَّد له، ومرة أخرى أصرُّ عبر العلاقة الخاصة والمتابعة على أنه رفض أن يعمل موظفاً عند الأميركيين فانتقموا منه. ولعل صديقي سمير صنبر، الأمين العام المساعد لشؤون الإعلام مع بطرس غالي، يبدي رأيه في كلامي هذا، فقد عمل معه كل يوم.

عندما توفي بطرس غالي تحدثتُ عنه لصحف ومحطات تلفزيون، كما فعلت عندما توفي الصحافي الكبير محمد حسنين هيكل. والآن وقد مضت أيام على رحيل بطرس غالي، أعود إليه بعد أن نال حيّاً وميتاً ما يستحق من تكريم شعبي ورسمي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكريات مع بطرس غالي ذكريات مع بطرس غالي



GMT 13:50 2024 الأربعاء ,20 آذار/ مارس

مفتاح جنوب البحر

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,19 آذار/ مارس

أحلام فترة النقاهة!

GMT 20:53 2024 الجمعة ,15 آذار/ مارس

دولة طبيعية

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

«وثائق» عن بعض أمراء المؤمنين

GMT 17:35 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

المشير والمشيرون

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon