عيون وآذان تركيا تدافع عن نفسها وأميركا عن إسرائيل

عيون وآذان (تركيا تدافع عن نفسها وأميركا عن إسرائيل)

عيون وآذان (تركيا تدافع عن نفسها وأميركا عن إسرائيل)

 لبنان اليوم -

عيون وآذان تركيا تدافع عن نفسها وأميركا عن إسرائيل

جهاد الخازن

بقيت تركيا حزب العدالة والتنمية خارج دائرة القتال والقتل في سورية والعراق أربع سنوات، واتُّهِمَ رئيس الوزراء ثم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان بالتعامل مع «داعش» والإرهابيين الآخرين من الدولة الإسلامية المزعومة.
تركيا استفاقت بعد أن تعرضت مناطق حدودية لهجمات وبعد عملية انتحارية وحشية داخل أراضيها. غير أن هذه الأسباب هي الجزء الأقل أهمية من التغيير في السياسة التركية، فقد كان أردوغان يأمل بالتعاون مع الإرهابيين حتى وهو يرى قتل 200 ألف إلى 300 ألف سوري، غالبيتهم من المسلمين السنّة مثله. إلا أنه وجد أن «داعش» ليس البديل في سورية، فهو إذا أسقط نظام بشار الأسد سيحوّل نشاطه الإرهابي إلى تركيا.
الخطأ التركي في التعامل مع الإرهاب استمر سنوات، ومحاولة تصحيحه لم تخلُ من خطأ آخر أو خطيئة، فالغارات التركية على مواقع حزب العمال الكردستاني جعلت حزب عبدالله أوجلان يعلن سقوط الهدنة مع تركيا التي بدأت قبل سنتين.
ما سبق عن الموقف التركي ولكن كيف هو الموقف الأميركي؟ «داعش» في سورية يهدد تركيا، إلا أنه أيضاً يهدد إسرائيل وهذا سبب النشاط الأميركي الأخير. تركيا سمحت للقوات الأميركية باستعمال قاعدة انجرليك في الغارات على أهداف لـ «داعش» في شمال غربي العراق وشمال شرقي سورية. وهي تتفاوض مع الأميركيين لإقامة منطقة في شمال سورية يُمنَع تحليق الطائرات فيها، وخط حدودي عازل، وهدفها الأهم توفير مناطق آمنة للاجئين السوريين في تركيا ليعودوا إلى بلادهم.
مرة أخرى، هناك شوائب في الاتفاق التركي - الأميركي. تركيا تضرب الأكراد والولايات المتحدة تساعدهم الآن عسكرياً في زحفهم على الرقة. وقد أمدّتهم بالسلاح، ما مكـّنهم من السيطرة على مناطقهم من شمال العراق، وأصبحوا يستطيعون أن يهددوا مناطق في شرق تركيا تسكنها غالبية كردية.
هل يصمد الاتفاق في بعض بنوده، والسياسة التركية على نقيض مع السياسة الأميركية في مواقف أخرى؟ لا نحتاج إلى جواب الآن، ولكن ما أراه واضحاً تماماً هو أن أردوغان ورئيس وزرائه أحمد داود أوغلو لم يغفرا لحزب الشعب الديمقراطي الكردي أن يحرم حزب العدالة والتنمية من المحافظة على غالبيته في البرلمان (له 258 مقعداً من أصل 550 مقعداً، أي أقل من الغالبية بثمانية عشر مقعداً). وحزب الشعب الديمقراطي هو الامتداد السياسي لحزب عبدالله أوجلان الذي اتهمته تركيا دائماً بالإرهاب، وتبعتها الولايات المتحدة قبل أيام، فأعلن البيت الأبيض أنه يرحب بحرب تركيا، المتأخرة، على «داعش»، ويعتبر حزب أوجلان «منظمة إرهابية».
تركيا الآن تقول رسمياً إنها تدخلت عسكرياً لمنع انتشار عدم الاستقرار في أراضيها، غير أن الأكراد لم يهددوا استقرارها وهناك هدنة يلتزم بها الطرفان. أزيد من عندي أنني أؤيد قيام دولة كردية حيث يشكل الأكراد غالبية من السكان، فقد ظُلِموا في بلادنا وفي إيران وتركيا على مدى عقود، وربما قرون.
المهم الآن أن السياستَيْن التركية والأميركية تلتقيان وتفترقان، إلا أن الصورة لا تكتمل من دون إشارة إلى روسيا، فهي لا تزال تؤيد نظام بشار الأسد رغم أن الرئيس السوري نفسه اعترف أخيراً بهزائم جيشه. وقرأنا أن الأميركيين حاولوا استمالة الروس إلى جانبهم، إلا أننا لم نقرأ عن أي تجاوب روسي، فالعلاقات الأميركية - الروسية في الحضيض بسبب أوكرانيا وغيرها، وهناك عقوبات دولية، يعني أميركية، على روسيا ولا منطق في توقع رفعها قريباً.
يصعب أن نتكهن اليوم كيف سينتهي المخاض السياسي في الشرق الأوسط، ولكن ربما استطعنا أن نقول إن الولادة ستكون بعملية قيصرية، أي مزيد من دماء الأبرياء.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عيون وآذان تركيا تدافع عن نفسها وأميركا عن إسرائيل عيون وآذان تركيا تدافع عن نفسها وأميركا عن إسرائيل



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon