لولا المتنبي

لولا المتنبي

لولا المتنبي

 لبنان اليوم -

لولا المتنبي

جهاد الخازن

أدخل اليوم مدخلاً لا أعرف كيف أخرج منه، وأرجح أن يهاجمني القراء وأنا أنتقد كبار شعرائنا، إلا أنني أكتب عن موضوع أزعم أنني خبير فيه، فدراستي الجامعية كانت في الأدب واللغة لا الصحافة.

ربما كان المتنبي أعظم شعراء العربية، وله قصائد خالدة. وفي العصر الحديث هناك أحمد شوقي الذي أجاد واستحق لقب أمير الشعراء.

بين المتنبي وأحمد شوقي شعراء كبار، منهم أبو نواس، ومراجعة ديوانه تظهِر مُجوناً وخمراً وفحشاً مع أن الرجل كان عالي الثقافة. وهناك جرير، وهو أيضاً من أبرز شعراء العربية، إلا أن مراجعة شعره تظهِر أن كثيراً منه في هجاء الأخطل والفرزدق، أو الافتخار بأصلٍ لا سبب للافتخار به.

المتنبي مدح سيف الدولة وعضد الدولة، إلا أنه مدح أيضاً محمد بن عبيد المشطب وسعيد بن عبدالله الكلابي المنبجي وعلي بن أحمد الطائي ومعاذ بن إسماعيل اللاذقي ومحمد بن زريق الطرطوسي. مَنْ هؤلاء؟ لولا المتنبي لما كان لهم ذِكر اليوم.

المتنبي شاعر عظيم، بعض مراثيه في الصميم، وبعض حكمه على كل شفة ولسان، إلا أنه كان يتكدّى بشعره وبعد أن قال لسيف الدولة: وأنعلت أفراسي بنعماك عسجدا، انتقل إلى كافور ورأى أنه شمس منيرة سوداء، والهمام أبو المسك، وقال: قواصد كافور توارِك غيره/ ومن قصد البحر استقلَّ السواقيا.

كان يريد ضيعة أو ولاية، ولم يحصل على هذه أو تلك فانقضَّ على كافور بهجاء معناه أن كل شعره السابق في ممدوحه كان كذباً واستجداء. هو قال فيه: أمَيْناً وإخلافاً وغدراً وخسّة/ وجبناً... أشخصاً لُحتَ لي أم مخازيا.

أختصر الزمن إلى شوقي، أو شاعر القصر، شاعر الخديوي، وهو القائل:

الملك فيكم آل إسماعيلا/لا زال بيتكم يُظلّ النيلا

أأخون إسماعيل في أبنائه/ ولقد ولدتُ بباب إسماعيلا

ومثل ذلك قوله في قصيدة عن حفلة راقصة في قصر عابدين:

شاعر العزيز وما/بالقليل ذا اللقب

وجدتُ لشوقي 70 قصيدة في باب «الخديويات»، وكانت له قصائد أخرى يمتدح فيها الخلافة العثمانية أو يبكيها، وهو قال عن السلطان عبدالحميد:

بسيفك يعلو الحق والحق أغلب/ ويُنصَر دين الله أيّان تضربُ

في مقابل قصائده «الخديوية» ترك لنا شوقي ست قصائد إسلامية تعكس عمق إيمانه، فلا أنسى «نهج البردة» وكأنه استشرف المستقبل وما سيؤول إليه أمر المسلمين اليوم فكان آخر بيت في القصيدة:

يا رب أحسنت بدء المسلمين به / فتمِّم الفضل واجعل حسن مختتم

(و «به» أي بالإسلام).

أهاجي شوقي كانت في بطل الثورة العرابية أحمد عرابي فقال:

صغار في الذهاب وفي الإياب/ أهذا كل شأنك يا عرابي
وأيضاً:

عرابي كيف أوفيك الملاما / جمعت على ملامتك الأناما

بل إنه حين هاجم رئيس الوزراء علي رياض باشا وجد فرصة ليعطف على عرابي وقال:

أفي السبعين والدنيا تولّت / ولا يرجى سوى حسن الختام

تكون وأنت أنت رياض مصر / عرابي اليوم في نظر الأنام

كل ما سبق لا يجعلني أنسى عظمة أمير الشعراء في قصائده عن سورية ولبنان أو غزلياته، فأقول ختاماً أن وطنيته استفاقت بعد أن عاد إلى مصر من منفاه الأندلسي، واستقبله ألوف الطلاب في محطة القطار وهتفوا باسمه وحملوه على الأعناق، فبكى واستيقظ حسّه الوطني. رحمه الله ورحمنا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لولا المتنبي لولا المتنبي



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon