مؤسسة البابطين وذكرى أبي تمّام

مؤسسة البابطين وذكرى أبي تمّام

مؤسسة البابطين وذكرى أبي تمّام

 لبنان اليوم -

مؤسسة البابطين وذكرى أبي تمّام

جهاد الخازن

قبل سنتين كنت وأصدقاء مع زوجاتنا في مراكش في رأس السنة الغربية فكان نهارنا ليلاً (أي نوماً) وليلنا نهاراً (أي سهراً). الأسبوع الماضي عدت إلى مراكش للمشاركة في الدورة الرابعة عشرة لمؤسسة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري، التي ضمت دورة أبي تمام الطائي والاحتفال باليوبيل الفضي للمؤسسة. حضرت جلسات أكثرها عن أبي تمام، على امتداد النهار كله. "قالوا للديك صيح قال كل شيء بوقته منيح".

أبو تمام شاعر عظيم. لو اخترنا العشرة الأهم من شعراء العربية لكان هو أحدَهم، ولو اخترنا خمسة لكان بينهم أيضاً. شعرائي الخمسة هم: المتنبي وأبو تمام وأبو نواس وجرير وامرؤ القيس.

كنت أعتقد أنني أعرف ما يكفي عن حبيب الطائي، إلا أنني وجدت نفسي بين خبراء من أساتذة جامعات وكتّاب وباحثين، وأدركت أنني هاوٍ بالمقارنة، فعدت الى لندن ببضعة عشر كتاباً، بينها ديوان أبي تمام في ثمانية أجزاء، ودراسات أكاديمية عنه. في أهمية ما سبق إعلان المؤسسة وهي تحتفل بيوبيلها الفضي، جائزةً جديدة للشعراء الشباب دون سن الأربعين.

لا أعتقد أن كل قارئ لهذه الزاوية طالبُ أدبٍ مثلي، لذلك أختصر.

أبو تمام كان مدح المعتصم فقال:

إقدام عمرٍو في سماحة حاتم / في حلم أحنف في ذكاء إياس

وقال له حاسدون إن الخليفة أعلى شأناً من هؤلاء، ففكر وأكمل فوراً:

لا تنكروا ضربي له مَن دونه / مثلاً شُروداً في الندى والباس

فاللهُ قد جعل الأقلَّ لنوره / مثلاً من المشكاة والنبراس

كان أبو تمام متوقد الذهن، سريع البديهة، حاضر الجواب، وقال له أحدهم شاكياً من التعقيد في شعره واستعماله الحوشي والغريب: لماذا لا تقول ما يُفهَم؟ فردَّ عليه: لماذا لا تفهَم ما يُقال؟

عبدالعزيز البابطين شاعر، وأعرف أنه يفضل لقب شاعر على رجل أعمال، ولعل من حسن حظه أنه شاعر عربي، فالعرب آخر معاقل الشعر في العالم.

مَنْ هو شاعر الملكة في بريطانيا؟ المركز يعود إلى القرن الثاني عشر، ومضى زمان كان حامل اللقب بين أبرز شعراء جيله، والآن لا أحد يعرفه، أو يعرفها، فقد وجدت أنه حالياً للشاعرة كارول آن دافي.

أبو سعود ترك البزنس لأبنائه والعائلة، ليركز على الأدب والشعر خصوصاً، وهو أراني يوماً في الكويت بناية عالية مما يسمّونه برجاً، وقال إنه جعلها وقفاً للمؤسسة حتى تستمر، فهو يضمن ابنه سعود وإخوانه، ولكن مَنْ يضمن له أبناءهم وأبناء هؤلاء.

جهد المؤسسة يشمل مؤتمرات ثقافية وسياسية وغيرها، وتعليم العربية في جزر القمر، وكراسي جامعية في إسبانيا وبلدان كثيرة أخرى، وإصدارات تكاد لا تُحصى أكتفي منها بمعجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين، ومعجم البابطين لشعراء العربية في القرنَيْن الماضيَيْن.

مؤسسة البابطين ليست أبا سعود فقط، ففيها عشرات الجنود المعروفين والمجهولين، وهم يشاركون في تنظيم المؤتمرات، بل إن بعضهم يساهم في إصدار الكتب باحثاً أو مصححاً أو غير ذلك، والجهد في النهاية ليس رجلاً واحداً وإنما مشترك.

غير أنني أعود الى المغرب، فكل ما فيه يذكّرني بقصة لي هناك. في الرباط تذكرت قمة 1974 التاريخية، ثم تذكرت المسيرة الخضراء (لم تصل إلى هدفها بعد)، وفي الصخيرات رأيت الملك الحسن الثاني في مؤتمر، وفي أبو زنيقة أجريت له مقابلة مهمة نُشِرَت في حينها فلا أعود إليها. وكنت في مؤتمر في الدار البيضاء في التسعينات، وعملية السلام نشطة واعدة، وأقبَلَ علينا إسرائيليون للسلام والكلام، ففررنا هاربين، وبعضنا يقول السلام (التسليم باليد) بعد السلام، وأنا أقول إنني لن أصافحهم ولو قامت دولة فلسطينية.

أخيراً أقول للقارئ إن المغرب بلد جميل، وهو بلد سياحي مضياف، ولا أكشف سراً إذا قلت إن بنات المغرب جميلات، وقد لاحظت في الجيل الجديد حذراً من السمنة التي كانت غالبة بين المشاركات في مؤتمر مؤسسة البابطين. ولا أصدر حكماً على الشباب لأنني لم أحاول النظر إليهم، مع اختفاء الأسباب.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مؤسسة البابطين وذكرى أبي تمّام مؤسسة البابطين وذكرى أبي تمّام



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon