نزار قباني والياسمين الدمشقي

نزار قباني والياسمين الدمشقي

نزار قباني والياسمين الدمشقي

 لبنان اليوم -

نزار قباني والياسمين الدمشقي

جهاد الخازن

هذي دمشق وهذي الكأس والراح

أنا أحب وبعض الحب ذبّاح

أنا الدمشقي لو شرّحتم جسدي

لسالَ منه عناقيد وتفاح

ولو فتحتم شراييني بمديتكم

سمعتم في دمي أصوات مَنْ راحوا

ما سبق من شعر الصديق الحبيب الراحل نزار قباني في مدينته دمشق، وهو سبق المأساة الأخيرة بنصف قرن، فكأنه يتكلم اليوم بلساني، أو لسان كل قارئ. والكأس والراح مجاز فلم أعرفه يشرب الخمر.

في القصيدة «من مفكرة عاشق دمشقي» قال نزار:

أنت النساء جميعا ما من امرأة / أحببت بعدك إلا خلتها كذبا

يا شام إن جراحي لا ضفاف لها / فمسّحي عن جبيني الحزن والتعبا

وأرجعيني الى أسوار مدرستي / وأرجعي الحبر والطبشور والكتبا

تلك الزواريب كم كنز طمرت بها / وكم تركت عليها ذكريات صبا

وكم رسمت على حيطانها صورا / وكم كسرت على أدراجها لعبا

هل كان نزار يتوقع الارهابيين من داعش والنصرة والقاعدة والبراميل المتفجرة والكيماوي وغيرها وهو يقول:

في بلادي حيث يبكي الساذجون

ويعيشون على الضوء الذي لا يبصرون

في بلادي حيث يحيى الناس من دون عيون

حيث يبكي الساذجون... ويصلون

ويزنون ويحيون أتكالْ

منذ أن كانوا يعيشون أتكالْ

وأختار من قصيدته «ترصيع بالذهب على سيف دمشقي»:

أتراها تحبني ميسون / أم توهمتُ والنساء ظنون

با ابنة العم والهوى أمويّ / كيف أخفي الهوى وكيف أبين

هل دمشق كما يقولون كانت / حين في الليل فكَّرَ الياسمين

آه يا شام كيف أشرح ما بي / وأنا فيك دائماً مسكون

مزّقي يا دمشق خارطة الذل / وقولي للدهر كنْ فيكون

أما في «موال دمشقي» فيقول:

قلْ للذين بأرض الشام قد ولدوا / قتيلكم لم يزل بالعشق مقتولا

يا شام يا شامة الدنيا ووردتها / يا من بحسنك أوجعت الأزاميلا

وددتُ لو زرعوني فيك مئذنة / أو علقوني على الأبواب قنديلا

ذات يوم اتصل بي نزار قباني ونحن معاً في لندن وقال بلهجة الأمر: مرّ عليّ. أدركت أن هناك ما يسميه نزار «قصيدة مفخخة» للنشر في «الحياة» فقد بقي حتى وفاته، رحمه الله، يقدم لنا قصيدة أو مقالاً بمعدل مرة كل أسبوعين. وجلست أسمعه يقرأ لي «متى يعلنون وفاة العرب».

القصيدة نشرت في 28/10/1994 وأختار منها:

أحاول رسم بلاد لها برلمان من الياسمين

وشعب رقيق من الياسمين

تنام حمائمها فوق رأسي

وتبكي مآذنها في عيوني

أحاول رسم بلاد تكون صديقة شِعري

ولا تتدخل بيني وبين ظنوني

ولا يتجوَّل فيها العساكر فوق جبيني.

لعلها كانت أشهر قصائد العرب في العقد الأخير من القرن العشرين. والصديق غازي القصيبي، رحمه الله، ردَّ عليه بقصيدة مطلعها: نزار أزف اليك الخبر/ لقد أعلنوها وفاة العرب.

أختتم بهذه الأبيات/:

يا رب إن لكل جرح ساحلا / وأنا جراحاتي بغير سواحل

كل المنافي لا تبدد وحشتي / ما دام منفاي الكبير بداخلي

نزار رحل وارتاح وبقينا مع ظلم ذوي القربى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نزار قباني والياسمين الدمشقي نزار قباني والياسمين الدمشقي



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon