إعلان الجهاد العام  بشروطه  للحكام قطعا وليس للعلماء قط

إعلان الجهاد العام - بشروطه - للحكام قطعا.. وليس للعلماء قط

إعلان الجهاد العام - بشروطه - للحكام قطعا.. وليس للعلماء قط

 لبنان اليوم -

إعلان الجهاد العام  بشروطه  للحكام قطعا وليس للعلماء قط

زين العابدين الركابي

ما هذا الذي يجري في ديار المسلمين فيؤدي إلى (فوضى إسلامية هدامة)؟! اجتمع لفيف من العلماء والدعاة في مصر وأصدروا بيانا دعوا فيه إلى (النفير العام) للجهاد في الساحة التي حددها البيان. ولكي نتصور عواقب وآثار هذا الكلام المثير المهيج المطلق، لنتصور - قبلا: أن مسلمي العالم قد فقدوا رشدهم وانخرطوا في تطبيق هذا البيان، ولنتصور – بالتالي - أن هؤلاء المسلمين الكثر هرعوا إلى الموانئ الجوية والبحرية والبرية في بلدانهم ليجاهدوا في تلك الساحة أو في غيرها.. ولنتصور - نتيجة لذلك - أن حكومات تلك الجماهير المتحمسة المتدفقة منعتهم مما يريدون (وهذا هو الواقع الذي سيكون بلا ريب.. فكل حكومة لا تقبل أن يتجاوز مواطنوها قوانينها وأنظمتها وقرارها السيادي).. وعند المنع ستقع مدافعة وسيقع صراع بين الجماهير وبين السلطات في بلدان العالم الإسلامي، ولربما أفتى مفت فرعي بوجوب قتال هذه السلطات التي تمنع المسلمين من أداء «فرض معين» - وفق نص البيان - أوليس هذا كله ذريعة لإحداث فتنة عامة دامية في العالم الإسلامي كله؟! بلى والذي شرع الجهاد وهدى إلى مباشرته - بشروطه - خلف ولي الأمر أو الحاكم حتى وإن كان فاجرا (فمن حكمة وجوب الدفاع خلف الحاكم الفاجر: ألا يكون الجهاد فوضى يمارسه من شاء ويأمر به من شاء بناء على اعتبار «الصلاح الشخصي»)! وننتقل من هذه المقدمة أو الصورة المرعبة إلى صلب الموضوع. وصلب الموضوع مبدوء بسؤال محدد هو: إعلان النفير العام من صلاحية من؟.. من صلاحية العلماء.. أم من صلاحية ولاة الأمر أو الحكام؟ غريب جدا أن نطرق «المسلمات البدهية»، وإلا فإن المعلوم في دين الإسلام، وعند العلماء الثقات أن الجهاد (بمفهومه الصحيح وشرائطه المعتبرة) لا يصح ولا يجوز ولا يباشر إلا خلف الحاكم الموجود وبإذنه. وهذا هو البرهان المبين: 1- قال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم: «وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به».. قال ابن حجر - في «الفتح»: «والمراد بالإمام كل قائم بأمور الناس». 2- وقال: «الجهاد واجب عليكم مع كل أمير: برا كان أو فاجرا، وإن عمل بالكبائر».. ونعيد التوكيد على أن من حكمة وجوب الجهاد مع الأمير الفاجر: دفع الفوضى في الجهاد أو القتال، فلا تصلح الناس فوضى لا سراة لهم. 3- وقال: «وإذا استنفرتم فانفروا».. والاستنفار إنما يكون للإمام أو الحاكم.. ففي شرح «عمدة الأحكام» للعلامة البسام: «وفي ثلاثة مواضع يكون الجهاد فرض عين منها: إذا استنفر الإمام الناس استنفارا عاما أو خص واحدا بعينه لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض)». 4- وقال: «الغزو غزوان.. فغزو تنفق فيه الكريمة، ويياسر الشريك، ويطاع فيه ذو الأمر، ويجتنب فيه الفساد. فذلك غزو خير كله.. وغزو لا تنفق فيه الكريمة، ولا يياسر الشريك، ولا يطاع فيه ذو الأمر، ولا يجتنب فيه الفساد، فذلك غزو لا يرجع صاحبه كفافا». إذن تعاضدت الأدلة والبراهين على أن إعلان النفير أو الجهاد العام هو من صميم صلاحية «كل قائم بأمر الناس» حسب تعبير الإمام ابن حجر.. ولم نسمع أو نعلم أن هذه الصلاحية نقلت إلى العلماء الذين اجتمعوا في القاهرة وأعلنوا النفير العام في بيان مطول! لعلهم تأولوا مقولة أن «ولاة الأمر هم الأمراء والعلماء».. ومع أنها مقولة فيها شبهة من «ولاية الفقيه»، فإن تطبيقها في مجال الجهاد والقتال يتضمن ما نهى الإسلام عنه بشدة، فمن ضوابط الإسلام ومحاذيره «ألا ينازع المسلم الأمر أهله»، سواء أكان المنازع مسلما عاديا أم كان عالما أو داعية! يضم إلى ذلك: منطق عصري في التنظيم. فمن الخصائص الإيجابية لعصرنا وعالمنا: تحديد المسؤوليات بطريقة ترفع عنها: ميوعة المزج والخلط والتداخل والدمج المحير أو المضل. مثلا: لا يزال وعاظ مسلمون يتغنون بأن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - تولى قيادة الجيش المسلم وهو ابن 18 عاما.. ومن حيث التاريخ فإن الواقعة صحيحة، بيد أن هذه الواقعة لا يمكن تطبيقها في عصرنا هذا.. لماذا؟.. لأن التأهل لقيادة الجيش له سلم يتوجب الانضباط به بحسم وحزم. فالـ18 سنة تعني أن صاحبها أكمل تعليمه الثانوي فحسب، فهل يعين خريج الثانوية اليوم قائدا عاما للجيش؟.. لا.. لا. فقيادة الجيش اليوم تتطلب فريقا أو مشيرا (عند البلدان التي تأخذ بهذه الرتبة).. والفريق لا بد أن يكون فوق الخمسين عاما قضاها في الخدمة العسكرية متدرجا في رتبها المختلفة. هذه واحدة. والأخرى - أي في مجال التنظيم الإداري العصري: أن رأس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو الذي له صلاحية إعلان الحرب الدفاعية.. وقد نص على ذلك - مثلا - النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية، كما نصت على ذلك دساتير العالم كله تقريبا، بما في ذلك الدستور الأميركي الذي أعطى الرئيس الأميركي سلطات إعلان الحرب وإنهائها، كما نص على أن القوات المسلحة تابعة للسلطة المدنية.. ومن الجنون هناك: أن تعلن كنيسة أو ميليشيا أميركية الحرب من دون الرئيس الأميركي! وثمة نقطة أخرى نحسبها جد خطرة وموهمة. فأصحاب بيان القاهرة أعلنوا في بيانهم أنهم «علماء الأمة».. وهذا تعبير مطلق لا يصح بحال.. ومما يوهن صحته: أن علماء المملكة العربية السعودية - مثلا - ليسوا على هذا الرأي أو هذه الفتوى.. وهذه - وحدها - حالة كافية لنقض الإجماع أو نقض تعبير «علماء الأمة». والمعروف عن علماء السعودية: أ - أنهم اعتبروا بما جرى في أفغانستان وبلدان أخرى بسبب «فوضى القتال» أو الجهاد. ب - بناء على ذلك فهم لا يفتون الناس بالذهاب إلى القتال في هذه الأرض أو تلك، بل ينهون عن ذلك. ج - أنهم لا يرون القتال أو الجهاد إلا خلف ولي الأمر. د - أن من السنة: «اتباع السنة في الجهاد».. ومن سنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في الجهاد: أن يقاتل من وراء الإمام وأن يطاع ذو الأمر. وهذا حق، فإنه لا مستقبل لهذه الأمة المسلمة إذا ظلت تقودها الفتاوى المعجونة بالسياسة: غير الملتزمة بالسنة في الجهاد.. وفي الدعوة.. وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: «فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ». ولقد خالف خوارج الأمس.. وإرهابيو اليوم عن أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فحق عليهم الوعيد. نقلا  عن جريدة الشرق الاوسط

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إعلان الجهاد العام  بشروطه  للحكام قطعا وليس للعلماء قط إعلان الجهاد العام  بشروطه  للحكام قطعا وليس للعلماء قط



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon