انزعاج الملالي من اللغة الفارسية
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

انزعاج الملالي من اللغة الفارسية

انزعاج الملالي من اللغة الفارسية

 لبنان اليوم -

انزعاج الملالي من اللغة الفارسية

بقلم : أمير طاهري

تنتظم اللغة الفارسية على منوال «الفاعل، والفعل، ثم المفعول به»، على غرار القواعد اللغوية المعمول بها في أغلب اللغات ذات الأصول الهندية الأوروبية، (وهو على العكس من ذلك في اللغة العربية!) ما يعني أن أول ما تصنعه الجملة الفارسية هو تحديد الفاعل، أي من يقوم بأداء الفعل نفسه. والسمة البارزة لمثل هذه الجملة هو تميزها بالوضوح. فإنك تعرف مَن فَعَل ماذا، مع مَن، قبل أن تعرف متى قام بالفعل ولماذا فعله.

ولكن ماذا لو، لأي سبب كان، أنك تخشى من هذا الوضوح وترغب في إخفاء الحقيقة خلف ستار من الغموض والضباب والوهم. ومن الناحية الكتابية، ماذا لو أنك ترغب في ممارسة «التقية» أو «الكتمان».

حاول بعض الكتاب، على مر العصور، وكثير منهم من الملالي، معالجة هذه الإشكالية مستخدما أداة صرفية تسمى «ناكاريه» أو «المبني للمجهول» والتي تسمح للكاتب أو المتحدث بقدر من الغموض حول الفاعل في الجملة المكتوبة أو المنطوقة. وبالتالي، بدلا من تحديد فاعل الجملة عند بدايتها، يمكنك القول «لقد حدث ذلك...»، أو «هم فعلوا ذلك..».

والأمثلة على استخدام هذه الأداة الصرفية كثيرة ومتنوعة في كتابات علماء المذهب الشيعي، بدءا من محمد باقر المجلسي، وحتى العلامة الطباطبائي الأكثر حداثة والأوسع معرفة.

غير أن هذه الأداة قد كثر استخدامها أيضا لدى السياسيين والدبلوماسيين. ففي عام 1941 عندما غزت القوات الروسية والبريطانية إيران بهدف استخدام خطوط السكك الحديدية على أراضيها في نقل الأسلحة إلى الاتحاد السوفياتي خلال الحرب العالمية الثانية، صرح رئيس الوزراء الإيراني وقتها محمد علي فروغي ببيان عبر الإذاعية الإيرانية، جاء فيه: «لقد جاءوا، ثم انصرفوا، وهم لن يزعجوا أحداً بعد الآن!».

إنه لم يتحمّل التفوه بالحقيقة بلغته الفارسية الجيدة ليقول: «لقد غزت القوات البريطانية والروسية بلادنا!».

وفي عام 1989، عندما أُجبر آية الله الخميني على الاعتراف بأنه لن يستطيع المسير إلى القدس عبر كربلاء العراقية، لم يقل إن وعده المأساوي قد فشل، بل قال: «لقد تقرر قبول وقف إطلاق النار»، هكذا!

وفي الآونة الأخيرة، كان فريق الجمهورية الإسلامية، الذي وضع الاتفاق النووي مع باراك أوباما، قد استخدم نفس الأداة الصرفية في صياغة النسخة الفارسية من 179 صفحة من «صحيفة الحقائق»، وفيها أن هذا الأمر أو ذاك «سوف يتم» من دون أن تقف قط على «الفاعل» الذي يُفترض قيامه بالفعل المطلوب. وحرصا على تأمين قدر من الإرث للسيد أوباما، سقط الجانب الأميركي في فخ الخدعة الإيرانية، ومضوا يزعمون أن الإيرانيين سوف يفعلون هذا أو ذاك من الأمور.

وبعض الكتّاب، مثل صديقي الراحل جلال الأحمد، الذي غادر الشيوعية صوب الإسلاموية، كان قد استخدم نسخة مختلفة من تلك الأداة الصرفية عن طريق إدغام الفعل في منتصف الجملة بكتاباته، ليخلق حالة الارتباك والغموض المطلوبة.

وهناك كثير من النقائص الناجمة عن استخدام هذه الأداة الصرفية، ولا سيما في مجال السياسة، حيث لا تعرف الجماهير أبداً من هي الجهات المتنافسة أو المعارضة في أي حجة مطروحة كانت.

وأحدث الأمثلة على ذلك كان خطاب الرئيس الإيراني، المعاد انتخابه حديثا، في طهران مع الصحافيين الأسبوع الماضي: «يدعي البعض خبرتهم العميقة في قياس تقوى الناس وإيمانهم بالثورة، ويعصفون بمن هم أفضل منهم في ذلك!» وعندما سأله أحد الصحافيين عمن يقصد بـ«البعض»، أجابه روحاني بقوله: «ومن ورائهم هناك مَن يتخذ القرارات». من دون أن يعطف على تسمية هذه الشخصية التي يتحدث عنها. (خضعت كلمات روحاني للرقابة على قنوات الإذاعة والتلفاز المملوك للحكومة الإيرانية، ولكنها متاحة للمشاهدة على موقع يوتيوب!).

ولقد استخدم المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي نفس الأداة الصرفية الخادعة. ففي كلمته إلى جمع من الطلبة «المسلحين» الأسبوع الماضي، قال خامنئي: «بالطبع، إن كلماتي موجهة إلى الجميع لبذل ما في وسعهم، واضطلاع (الهيئات الرسمية) في الدولة بواجباتها للتصرف من تلقاء نفسها كما هو الحال في ساحات المعارك عندما يحين الوقت لإطلاق النيران بلا ضابط أو حاكم».

ومن الواضح أن روحاني وخامنئي يشير أحدهما إلى الآخر في نهاية المطاف، في سياق الصراع من أجل السلطة داخل الدائرة الخمينية الضيقة التي ينضويان تحت لوائها سوياً. ومع ذلك، ليس منهما أحد مستعد لاعتماد الموقف السياسي الطبيعي القائم على تحديد «الجانب الآخر» وتسميته في أي حوار كان، أو التفوه صراحة بأي خلافات أو توضيح أي فروق في وجهات النظر، ومطالبة الرأي العام بدعم أو إسناد أي من الموقفين. بل لا بد من المحافظة على أسطورة «الإجماع الإسلامي» الخادعة على حساب الحقيقة الجلية.

وفي الأسبوع الماضي، استخدم بعض من أعضاء المجلس الإسلامي، أو البرلمان الإيراني المصطنع، نفس الخدعة الصرفية، في الإعراب عن إحباطهم إزاء فشل الحكومة أو عدم رغبتها في التقدم بسرد متماسك وراسخ بشأن الهجمة الإرهابية التي هزت العاصمة طهران.

ومن أحد الأعضاء، أحمد زماني، الذي قال بعد مرور ستة أيام على الهجمات: «ليس هناك تقرير رسمي عما حدث بالفعل».

وهناك عضو آخر، محمد قاسم زماني، الذي صرح: «لا بد للمهاجمين من شبكة للقيادة والسيطرة والدعم، والتي لا نعرف عنها أي شيء قط».

وعضو ثالث، محمد رضا طابش، الذي قال: «توفرت مساعدة ما للإرهابيين، وإلا ما كانوا استطاعوا أن يفعلوا ما فعلوه».

وعلى غرار خامنئي وروحاني، أراد النواب البرلمانيون الثلاثة إرضاء الناخبين في دوائرهم الحقيقية أو المتوهمة، من دون الالتزام الحقيقي بأي موقف واضح حيال الأحداث. وهم على غير استعداد لتسمية أجهزة الأمن الإيرانية باسمها، أو المؤسسة العسكرية، وسادتهم من الساسة، وإلقاء اللائمة عليهم في الإخفاق عن تقديم سرد موضوعي وموثوق حول المأساة.

تعد اللغة من وسائط تبادل المعلومات والأفكار والمشاعر في مناحي الحياة كافة، بما في ذلك المجال السياسي. وفي جمهورية إيران الإسلامية، رغم كل شيء، تُستخدم اللغة إما في إخفاء أشياء أو البعث برسائل مشفرة لا يدرك فحواها إلا أهل الدراية والاطلاع.

وفقدان الشجاعة في التعبير عن الإدانة المستندة إلى الراسخ من الوقائع، قد يكون في بعض الأحيان بهدف حماية الذات من الأذى في بيئة مناوئة وربما معادية، ومن ثم يأتي المبرر الذي يتبناه بعض الملالي في استخدام «التقية».

ولكن ماذا عن السياسيين العاملين في بيئة من صنعهم وخاضعة لسيطرتهم؟

قد يتفهم المرء السبب وراء فرض الرقابة أو ربما الإسكات المطبق على المنتقدين للنظام الحاكم. ولكن، ماذا عن وسائل الإعلام الحكومية التي تفرض الرقابة على تصريحات رئيس الجمهورية، ناهيكم عن ذكر الرؤساء السابقين الذين تحولوا إلى شخصيات وهمية؟

يزعم الرئيس روحاني أنه من المعتدلين والإصلاحيين، من دون أن يخبرنا عن المسائل المحددة التي يعتزم الاعتدال فيها أو عن الجوانب المعينة في سياسته الحالية التي يرغب في إصلاحها، وكيف يتصور ملامح هذا الإصلاح.

ومن جانبه، لا يفتأ خامنئي يحذر وباستمرار من «عملاء التآمر ووكلاء الصهيونية» الذين يحاولون تخريب الثورة الإيرانية من الداخل، ولكنه لا يخبرنا أبدا «مَن» هؤلاء، ولماذا هم متروكون لمتابعة تنفيذ مخططاتهم في الداخل الإيراني.

إن كبار سدنة الدائرة الخمينية لا يتحدثون أو يكتبون اللغة الفارسية بطلاقة، أو بالطريقة التي ينبغي أن يكون عليها الأمر. وهذا هو السبب في أنهم كلما زاد حديثهم ازدادت حيرة الناس في إدراك فحوى حديثهم. والصوت الوحيد الأصيل المسموع هو صوت شحذ الخناجر خلف الكواليس

المصدر : صحيفة الشرق الأوسط

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انزعاج الملالي من اللغة الفارسية انزعاج الملالي من اللغة الفارسية



GMT 16:21 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

الانتخابات الأميركية والألبوم العائلي القديم

GMT 22:40 2024 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

فرنسا: لا «متطرف» بالإليزيه

GMT 13:25 2024 الجمعة ,16 آب / أغسطس

أولمبياد باريس: اليوم التالي

GMT 23:45 2024 الجمعة ,09 آب / أغسطس

إيران... لعبة التحمل والصمود؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon