الجني العراقي والألاعيب القديمة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الجني العراقي والألاعيب القديمة

الجني العراقي والألاعيب القديمة

 لبنان اليوم -

الجني العراقي والألاعيب القديمة

أمير طاهري

برغم أنه من السابق لأوانه التكهن بنتائج الاحتجاجات الشعبية العراقية الراهنة، فإن هناك حقيقة واحدة واضحة للغاية أن ما نشهده في الواقع العراقي ناجم عن سوء تقدير، وسوء فهم متعدد الجوانب.

فهناك الذين يعتبرون العراق النسخة العلمانية للخطيئة الأصلية. وكانت إطاحة صدام حسين، بالنسبة إليهم، بمثابة نقطة البداية والمنطلق في رحلة لن تودي بهم إلا إلى الجحيم.

وهم يزعمون أن القوة لا يمكنها فرض الديمقراطية على أي مجتمع من المجتمعات، وبالتالي كان من الخطأ الفادح إقدام الولايات المتحدة على غزو العراق، وإطاحة نظام حكم صدام حسين. وهم في ذلك يتجاهلون حقيقة مفادها أنه برغم أن الديمقراطية لا تُفرض أبداً بالقوة، فإن العوائق على طريق الديمقراطية لا تُزال بغير القوة، وقد كان.

ثم لدينا أولئك الذين يعتقدون أنه على رغم رحيل صدام حسين ونظام حكمه، لا تزال النزعة «الصدامية» من السمات السائدة في المجتمع والحياة العراقية. وتدور الأحاديث في مختلف مقاهي بغداد في هذه الأيام عن مخاطر ظهور صدام حسين جديد يجثم على أنفاس العراق.

ويتجاهل الحاملون لهذه الرؤية حقيقة أن السواد الأعظم من شعب العراق قد تجاوزوا عهد صدام وأيامه ولم يعد يطاردهم الكابوس الذي يمثله بعد الآن. ولم يكن ثلثا الشعب العراقي اليوم من عداد المواليد حتى عام 1963 عندما استولى البعثيون على السلطة في البلاد. وكان نصفهم تقريباً من الأطفال أو الحدثاء في عام 2003 عندما انتهى أمر صدام.
ويُصاب المرء بدهشة بالغة عند حديثه إلى المسؤولين أو الموظفين العراقيين في العاصمة بغداد لاستماعه إلى نظريات المؤامرة المعتادة والمبتذلة التي توحي بأن مئات الآلاف من العراقيين قد دُعوا للمجازفة بأرواحهم - مع سقوط أكثر من 300 مواطن صرعى خلال الأسابيع الأربعة الماضية - للانتقام من ديكتاتور لا يرحم طمر التاريخ ذكراه في غياهب النسيان.
ويعتقد المسؤولون العراقيون الذين يحاولون بشتى الطرق تفادي طرح نظريات المؤامرة في أحاديثهم أن الانتفاضة الشعبية الحالية ناجمة عن نقص الخدمات العامة وضعف الأداء الاقتصادي وانتشار الفساد على نطاق غير مسبوق. وبرغم من صحة هذه العوامل وأهميتها، لا تزال الشكوك قائمة بأن الاحتجاجات الراهنة تحمل جذوراً أخرى أكثر عمقاً.
تتكون النخبة العراقية الحاكمة اليوم في الغالب من المنفيين السابقين بأمر النظام البائد، أي الأشخاص الذين أمضوا عقوداً من حياتهم في خارج البلاد ولا يزالون يحتفظون بعائلاتهم في إيران أو أوروبا أو الدول العربية أو الولايات المتحدة. والكثيرون منهم يحملون الجنسيات المزدوجة، برغم أن بعض العراقيين قد تخلى عن جوازات سفرهم الأجنبية لأجل الخدمة في الحكومة العراقية. ولا يعني هذا أنهم يحبون العراق بدرجة أدنى من أي مواطن آخر لم يغادر البلاد من قبل. ومع ذلك، تبقى الحقيقة كما هي، أنهم يملكون مساراً مختلفاً للتعامل مع الأمور، وهم لا يُقدّرون على نحو كافٍ مشاعر المواطنين العراقيين ومظالمهم، ولا سيما جيل الشباب، وما يشعرون به حيال العراق ومصيره في قابل الأيام.
والسواد الأعظم من الشعب العراقي اليوم ليسوا أصغر سناً من النخبة الحاكمة فحسب، وإنما - في بعض الحالات - هم أفضل تعليماً وتثقيفاً وأكثر قدرةً على التعاطي مع تقنيات العصر الحديث. كما يملك جيل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية

المتطورة خيارات أوسع للاطلاع على مختلف قنوات التلفاز والإذاعة والصحافة المطبوعة والإلكترونية، مما لم يكن الشعب العراقي يحلم به مجرد الحلم في عهد السيطرة الحديدية على وسائل الإعلام إبان حكم صدام حسين.
ويتساءل المسؤولون العراقيون في تعجب كيف يتسنى للكثير من المواطنين العراقيين، بما في ذلك الكثير من الأميين وفق التصنيفات الإحصائية، إرسال واستقبال الرسائل النصية عبر هواتفهم المحمولة أو الذكية. ولا يدرك أولئك المسؤولون أن أفقر الفلاحين العراقيين اليوم يملك القدرة على تعلم أساسيات الأبجدية وبعض المفردات العامة التي تساعده في التعبير عن غضبه وآلامه، وربما تنسيق العمل والتعاون مع أولئك الذين يشاركونه مخاوفه وآماله.

وهناك سوء فهم واضح أيضاً من خارج العراق بشأن المجريات الداخلية.
وفي طهران، حيث الهزة الشديدة التي قاربت العصف بالملالي إثر شدة الانتفاضات العراقية الراهنة، تشيع حالة من سوء الفهم المنسوج حول الزعم بأن الاحتجاجات من أفاعيل الأقلية السنية العربية في العراق، مع السعي للانتقام من الأغلبية الشيعية التي باتت تهيمن اليوم على الحكم والحكومة.

ورددت صحيفة «كيهان» الإيرانية اليومية، وهي البوق الواضح لآراء المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، حالة سوء الفهم هذه في مقالتها الافتتاحية يوم الاثنين الماضي. إذ زعمت الصحيفة الإيرانية واسعة الانتشار أن 15 في المائة فقط من المشاركين في المظاهرات العراقية ينتمون للأغلبية الشيعية من سكان البلاد. وحتى مع ذلك، واصلت الصحيفة الزعم بأن غالبية هؤلاء الشيعة كانوا من أتباع آية الله العظمى محمود حسن حسني الصخري، والفصائل المولوية واليمانية، وحركة الشيرازي المتمركزة حالياً في العاصمة البريطانية لندن.
وطرحت الصحيفة الإيرانية قائمة بالمناطق ذات الأغلبية السنية من السكان في بغداد على اعتبارها مصادر رئيسية للحشود المحتجة التي هزت العاصمة. وتبدو المقالة الافتتاحية كمثل تقرير مرفوع من عملاء الاستخبارات في فيلق القدس تحت قيادة الجنرال قاسم سليماني ومدى صعوبة تفسير كيف يمكن لـ«فتح الفتوح» الذي أحرزه في العراق أن يتحول إلى أكبر هزيمة تلحق بالحركة الخمينية في العراق حتى الآن.


ومن الصعب على زعماء طهران - الذين يزعمون أنهم يتصدرون جهود إعادة إحياء المذهب الشيعي على مستوى العالم بهدف نهائي وهو تحويل البيت الأبيض إلى حسينية شيعية - الاعتراف بأن قنصلياتهم، ومكاتبهم الثقافية قد اشتعلت فيها النيران مع حرق الأعلام الإيرانية على أيدي الشيعة أنفسهم في بغداد.
وينبع سوء الفهم التالي من قبل المسؤولين الأميركيين الذين يعتقدون أن الانتفاضة العراقية وليدة الصراع على السلطة بين أروقة النخبة العراقية الحاكمة، وأنه يمكن السيطرة تماماً على الأمور من خلال إعادة توزيع كراسي الحكم عبر إجراء الانتخابات العامة الجديدة.
وما يغفل عنه هؤلاء المسؤولون أن الانتفاضة العراقية الحالية تعارض كافة شرائح النخبة العراقية الحاكمة ورعاتهم الأجانب، وعلى رأس ذلك إيران. وعلى نطاق أضيق، لا يزال المواطن العراقي العادي يشعر بمزيد من الاستياء من استمرار الوجود الأميركي في البلاد على الرغم من أنه في أدنى مستوياته العسكرية في 15 عاماً. وهناك رفض عام وسائد للتدخل الأجنبي في شؤون العراق من جانب تركيا التي قامت، من دون العزف والرقص السياسي الذي اعتاده الجنرال قاسم سليماني في مسرحية «فتح الفتوح»، بتأمين 11 قاعدة عسكرية تركية على التراب العراقي.

وفي الآونة الراهنة، باتت بغداد الوجهة المفضلة لكافة أنواع وأشكال الخبراء، بمن فيهم البعض من الولايات المتحدة في كثير من الأحيان، الذين ما زالوا ينظرون إلى العراق على أنه مجرد مزيج من العشائر التي يمكن ترهيبها بالسلاح أو شراؤها بالأموال.

وفي أيام عمله قائداً للقوات الأميركية في العراق، كانت لدى الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس قائمة فعلية بأسعار شراء ذمم زعماء العشائر العراقية. ومع ذلك، فلقد ولت تلك الأيام إلى غير رجعة، وجاء جيل جديد من العراقيين صار تشبثه بالأصول العشائرية عاطفياً أكثر منه واقعي أو حقيقي.

وتجانب طهران الصواب عند التفكير في التلاعب بفكرة إنهاء الانتفاضة العراقية بحمام دم مماثل لما يجري الآن في سوريا. كما تجانب واشنطن الصواب كذلك عند التفكير أن موسماً جديداً من مواسم الانتخابات بنفس القواعد ولنفس الشخصيات سوف يخدع الشعب العراقي الغاضب. ويجانب ملالي النجف الصواب أيضاً عند التفكير أن العراقيين سوف ينصاعون لفتاويهم الرنانة كما كانوا يفعلون في الأجيال الماضية. ويخطئ زعماء العشائر العراقية خطأً فادحاً عند التفكير في أن شيخ العشيرة يمكنه الحصول على شيك ثقيل مقابل تهدئة أتباعه وأبناء عشيرته.
ومن شأن حالات سوءِ التقدير وسوء الفهم الراهنة أن تؤخرَ من دخول العراق إلى مرحلة جديدة من مراحل تاريخه الحديث، على أمل أن يكون ذلك من باب الدولة القومية القائمة على الشعب وليست النخبة الحاكمة. ولكن الحقيقة لا تزال قائمة على أن الحيل والألاعيب القديمة لن تعيد إدخال الجني العراقي إلى القمقم مرة أخرى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الجني العراقي والألاعيب القديمة الجني العراقي والألاعيب القديمة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon