إيران مخاطر الكلام الخادع بالنسبة لروحاني

إيران: مخاطر الكلام الخادع بالنسبة لروحاني

إيران: مخاطر الكلام الخادع بالنسبة لروحاني

 لبنان اليوم -

إيران مخاطر الكلام الخادع بالنسبة لروحاني

أمير طاهري

منذ استيلاء الملالي على السلطة في إيران عام 1979، شقت العديد من المصطلحات الخاصة بعملهم طريقها إلى القاموس السياسي الدولي. أحد هذه المصطلحات هو «تقية»، ويعني إخفاء المعتقد الحقيقي للشخص بهدف خداع الآخرين في بيئة عدائية. ويتمثل مصطلح آخر في «الكتمان»، والذي يعني الإبقاء على تخمين معاد بوضع الشخص يده بالقرب من صدره. ويتمثل مفهوم ثالث في استخدام لفظ يحمل معنيين متناقضين في آن واحد. لدى الفرنسيين شيء قريب من هذا في مصطلح «يسوعي» أو بيان سفسطائي. ويتمثل أقرب مقابل بالإنجليزية في «Double-talk» أو (الكلام الخادع). في رواية جورج أورويل «1984»، طرح المفهوم نفسه تحت اسم «Doublespeak». على مدى أكثر من ثلاثة عقود، استخدم الملالي والمقربون منهم ترسانة الخداع ضد القوى الأجنبية والأعداء الداخليين. الجديد هو أن الملالي والمقربين منهم بدأوا يوظفون تلك الذخيرة ضد بعضهم البعض. تجلى مثال على ذلك في زيارة الرئيس حسن روحاني إلى نيويورك والضجة التي أحدثتها في طهران. في نيويورك، حاول روحاني، مع وزير خارجيته محمد جواد ظريف، مثل سانشو بانزا، إغواء الأميركيين بالابتسامات والكلمات المعسولة. وصف روحاني أميركا بأنها «أمة عظيمة»، بدلا من اللقب الذي اعتادت إيران الإشارة إليها به وهو «الشيطان الأعظم». بل إنه في أحد المواضع، حاول أن يتحدث قليلا من الإنجليزية على التلفزيون الأميركي. بعدها، جاءت المكالمة الهاتفية مع باراك أوباما التي جرى الحديث عنها كثيرا والتي خلالها تبادل الرجلان 108 كلمات. من جانبه، أغرى ظريف الأميركيين بإبداء حبه لكل الأشياء الأميركية، وبالأخص ما يطلقون عليها «كرة القدم» والإصرار على الجلوس بجوار وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، خلال جلسة مخصصة لالتقاط الصور التذكارية. ولدى عودته إلى طهران، عرض أصدقاء روحاني هذا الكلام برمته بوصفه انقلابا دبلوماسيا تاريخيا. حتى إن واحدا منهم وصفه بأنه «رحمة إلهية». وعلى الرغم من ذلك، فإنه بعد فترة قصيرة من عودة روحاني، بدأت النشوة في طهران تخمد. وجهت أول طلقة من قبل المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي وظف أسلوب «الكلام الخادع» بالإعلان عن أنه فيما أيد أسلوب روحاني في نيويورك، إلا أنه يرى أن بعض الأحداث التي وقعت هناك كانت «غير مناسبة». ومن خلال عدم تصريحه بماهية الأحداث التي كانت «غير مناسبة»، فتح خامنئي الباب أمام آخرين للاعتقاد بأن كل خطوة اتخذها روحاني ربما كانت على تلك الشاكلة. المشكلة هي أن «الأحداث غير المناسبة» كانت السمات الوحيدة الجذابة لزيارة روحاني. فقد ألقى خطابا روتينيا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتناول الغداء مع بعض الأميركيين الأثرياء ذوي الأصول الإيرانية وأجرى عدة لقاءات تلفزيونية تحدث خلالها كثيرا، ولكنه لم يكشف عن الكثير. كانت تلك على وجه التحديد هي نفس الأشياء التي قام بها محمود أحمدي نجاد خلال سبع زيارات سنوية لنيويورك. ومع ذلك، فإن مسألة علاقات إيران بالولايات المتحدة على درجة بالغة من الأهمية بحيث لا يمكن استغلالها من قبل الفصائل المتنافسة في طهران ككرة قدم سياسية. إذا كان خامنئي يعتقد أن الاتصال بأوباما هاتفيا والجلوس بجوار كيري «عمل غير مناسب»، فعليه أن يقول ذلك صراحة. وإذا كان روحاني يرى أن مثل تلك الأشياء ليست «غير مناسبة» وإنما ضرورية لكسر حاجز الصمت مع واشنطن، فعليه بالمثل أن يعرب عن ذلك صراحة. الأمر الأهم هو أنه يجب أن يقدم للشعب الإيراني تقريرا كاملا وأمينا عما حدث وعن هوية من اتخذوا القرارات. إن موقف خامنئي مخادع على الأقل. وإذا سارت الأمور على ما يرام، يمكنه الادعاء بأنه دعم مطلب روحاني الحثيث بالانفتاح مع واشنطن. وإذا حدث، على الجانب الآخر، أن سقط روحاني على جانب الطريق قبل أن يصل حتى إلى المرحلة الأولى من التطبيع مع الأميركيين، فقد ترتسم على وجه خامنئي ابتسامة معناها «لقد قلت لكم ذلك». نتيجة هذا الجدال «المعتمد على الكلام الخادع» هي أن كل شخص يعتقد أنه يملك سلطة إصدار بيانات تتعلق بالسياسة الخارجية بشكل عام والعلاقات مع الولايات المتحدة على وجه الخصوص. يقدم المستشارون المتعددون لخامنئي تقييمات متناقضة لسلوك روحاني، بعضهم يصدق عليه، والبعض الآخر يرفضه. بل إن حتى ضباط الجيش والشرطة قد انضموا إلى هذا التنافر، منتهكين التقليد الراسخ منذ فترة طويلة والذي بموجبه لا ينضم أصحاب الزي الرسمي إلى الجدال السياسي بشكل عام. عبر أنحاء الدولة، يعرض الملالي الذين يلقون خطب الجمعة قراءات مختلفة للأحداث بما يتوافق وانتماءاتهم الحزبية. المحصلة النهائية هي أنه لا يمكن لأحد التحقق ممن يصوغ السياسة الخارجية في الجمهورية الإسلامية وما يمكن أن ينشأ من المشكلة المحتدمة التي يزعم روحاني أنه يواجهها. أثناء وجوده في نيويورك، حاول روحاني تناول الموضوع في بعض مقابلاته. الملحوظ أنه أشار إلى أن سلطات وواجبات كل من المرشد الأعلى والرئيس كانت محددة في الدستور، مما يشير إلى أنه لا يمكن لأي منهما تجاوز الحدود المرسومة له. وزعم أيضا أنه يملك «السلطة الكاملة» للتعامل مع قضايا محورية، مثل الأزمة بشأن برنامج إيران النووي. ربما كان الأمر الأكثر أهمية إشارته إلى أن المرشد الأعلى له «آراؤه في بعض القضايا»، مما يشير إلى أن خامنئي لم تكن له الكلمة الأخيرة في جميع المسائل. قدم ظريف شرحا منفصلا خاصا به. أخبر الأميركيين أن خامنئي قد قبل فكرة أن محرقة الهولوكوست حدثت، وزعم أن الموقع الإلكتروني للمرشد الأعلى تمت «ترجمته بصورة خاطئة»، على عكس ما جاء فيه فعليا. ومستخدما أسلوب «الحديث الخادع»، أثار روحاني قضايا محورية. إذا ما أمكن انتقاد، ناهيك عن رفض، كل خطوة يخطوها، حتى وإن كانت رمزية، مثل مكالمة هاتفية، فلن يأخذه أحد بمحمل الجد كشريك تفاوض. وهذا الإدراك من شأنه أن يضع روحاني في موقف ضعف من البداية. إذا نظر إليه باعتباره مجرد مرسال، فسيفضل الجميع الانتظار حتى يتسنى الحديث بشكل مباشر إلى هؤلاء الذين أرسلوه. ما لم يكن روحاني في موقع يمكنه من خلاله خداع العالم الخارجي وشراء وقت لطهران، فيجب أن يسمح له بالحديث والتصرف بسلطة عندما تبدأ الجولة التالية من المحادثات مع مجموعة خمسة زائد واحد الأسبوع المقبل.  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران مخاطر الكلام الخادع بالنسبة لروحاني إيران مخاطر الكلام الخادع بالنسبة لروحاني



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon