سورية العودة إلى الألعاب الاستعمارية القديمة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

سورية: العودة إلى الألعاب الاستعمارية القديمة

سورية: العودة إلى الألعاب الاستعمارية القديمة

 لبنان اليوم -

سورية العودة إلى الألعاب الاستعمارية القديمة

أمير طاهري

في وقت ما من العام الماضي ربما، اكتشف أحد الذين يقفون على رأس قيادة نظام الأسد في دمشق، دليلا استعماريا كتبه الفرنسيون ويدور حول كيفية السيطرة على سوريا. ويعكس ذلك الدليل السياسة العدوانية التي انتهجها الرئيس الفرنسي السابق ألكسندر ميلران، إذ يوصي الدليل بتطبيق سلسلة من الحيل تهدف في مجموعها إلى السيطرة على الدولة المتكونة حديثا ضد رغبات غالبية شعبها.

وقد صممت الأساليب المذكورة لتتناسب مع «بلقنة» سوريا الكبرى واستدعاء سياسة «فرق تسد» بناء على وعود بإقامة عدة دويلات تحكمها الأقليات. ومن واقع الحقيقة القائلة بأن الرئيس ميلران كان اشتراكيا وكان من المفترض أن تكون الدولة الفرنسية ذات طابع علماني، فلا كان هو اشتراكيا محضا ولا هي علمانية صرفة.

من أبرز وصايا الدليل الاستعماري المذكور، هناك اثنتان مهمتان؛ أولاهما تركيز الإدارة الاستعمارية مواردها على السيطرة على ما وصفته بـla Syrie utile أو «سوريا المفيدة». ويقصي ذلك المفهوم أكثر من نصف أراضي سوريا، التي تتألف من صحراء قليلة السكان. وبدلا من ذلك، يسلط الضوء على قيمة الشريط الساحلي ما بين دمشق ومدينة حلب على ساحل البحر المتوسط، وهي أكثر مدن البلاد اكتظاظا بالسكان، وطريقين رئيسيين؛ أحدهما يربط سوريا بلبنان في الجنوب، والآخر يربطها بتركيا في الشمال الشرقي. وعبر مراحل النضال الوطني السوري من أجل الاستقلال، تابع الفرنسيون تلك الوصفة بحماس عجيب.

واليوم، فإن ذلك هو ما يحاول نظام الأسد القيام به بالضبط.. فقد انسحبت قوات النظام من غالبية الأراضي لأجل تركيز الموارد المتاحة على «سوريا المفيدة». أما الفراغ الذي خلفه ذلك الانسحاب، فأدى إلى ظهور عشرات الجماعات المسلحة في «أرخبيل الجهاد» الممتد من الجنوب الغربي وحتى الشمال الشرقي. ووفقا لأفضل التقديرات، فإن نظام الأسد يسيطر حاليا على نحو 40 في المائة من التراب الوطني. ولا تزال تقديرات عدد السكان القاطنين في تلك المساحة من البلاد محل شكوك، حيث تتراوح التقديرات بين 35 في المائة و60 في المائة من إجمالي عدد السكان. ويعود ذلك التناقض في جزء منه إلى حقيقة أن كثيرا من سكان سوريا مسجلون بوصفهم لاجئين لدى لبنان، والأردن.. وإلى حد ما، قضى بعض السكان جزءا من أوقاتهم في تركيا على مقربة من منازلهم السابقة، محدثين ما يوصف بـ«حركة المد والجزر البشرية» التي تشكل جزءا من التناقض ذاته.

وتضمنت النصائح الاستعمارية الفرنسية أيضا، وربما بمزيد من الأهمية، حيلة هي: تجنيد أفراد في الشرطة والجيش من بين الأقليات الدينية والعرقية. ولأجل تحقيق تلك الغاية، طُبقت مجموعة أخرى من الحيل.

فمن خلال التباهي بـ«هوية الجمهورية العلمانية»، قولبت فرنسا نفسها في دور «حامي حمى المسيحيين في بلاد الشام».

ومولت الحكومة الفرنسية جهود إرسال عشرات الأقليات المسيحية إلى الداخل السوري، وسددت تكاليف ترميم كنائسهم هناك، وشجعت نشر التعاليم المسيحية في كثير من المدارس، وهو الأمر المحظور في فرنسا ذاتها.

ثم توددت فرنسا إلى «الطائفة النصيرية»، التي تغير اسمها لاحقا ليكون «الطائفة العلوية»، بوعود بإقامة دويلة صغيرة على طول الشريط الساحلي للبحر الأبيض المتوسط. وابتلعت الطائفة النصيرية تلك الحيلة الفرنسية وصارت من أشد المؤيدين للوجود وللحكم الاستعماري الفرنسي في البلاد.

وتوددت فرنسا كذلك إلى الأكراد، وهي الأقلية العرقية الرئيسية في الشمال الشرقي من البلاد، وذلك عن طريق تأسيس معهد لدراسات ثقافتهم العرقية، والسماح بحرية التحرك عبر الحدود مع الدولة التركية الناشئة حديثا، ومع العراق كذلك. أما بالنسبة لبقية الأقليات، ومن بينهم الدروز والتركمان، فقد استمالتهم فرنسا أيضا بمجموعة متنوعة من الحيل، ومن بينها دعوات وجهت لزعماء تلك الأقليات لزيارة باريس والسماح لأبنائهم بالدراسة في المدارس الفرنسية الراقية.

بُذلت كل تلك الجهود تحت مظلة ثيمة رئيسية واحدة، ألا وهي التحذير الفرنسي من أن عدم التعاون مع الحكم الاستعماري للبلاد سيؤدي إلى إبادة الأقليات السورية على يد الأغلبية السنيّة المسلمة. وللتيقن من وصول الرسالة للقاصي والداني، قام الفرنسيون برشوة عدد من قادة المجتمعات المحلية. وتظاهر الشباب في تلك الأقليات بالتطوع لخدمة فرنسا.. أما من الناحية العملية، رغم ذلك، فقد تعرض كثيرون من أولئك الشبان للاختطاف على يد عصابات التجنيد وأجبروا على الالتحاق بالخدمة في الجيش والشرطة الاستعمارية.

يوثق السيد دانيال نيب في كتابه الرائع «سوريا تحت الانتداب الفرنسي»، الذي نُشر في عام 2012، لحالة العنف التي استخدمها الاستعماريون الفرنسيون للاحتفاظ بسيطرتهم على البلاد بمعاونة المجندين من الأقليات.

واليوم، يستخدم نظام الأسد حيلا مماثلة من خلال محاولة تعزيز «تحالف الأقليات» عن طريق استخدام البعبع السني المسمى «داعش»، أو «ISIS» اختصارا باللغة الإنجليزية. ومن السهولة بمكان تناسي أن «داعش» قتل بالفعل كثيرين من المسلمين السنّة ودمر كثيرا من البلدات والقرى السنية. وبالتالي، فإننا نرى مشهدا غريبا للغاية يتشارك فيه تنظيم «داعش» مع نظام بشار الأسد في رقصة الموت الثنائية.

أخبرتني مصادر من الأقليات المسيحية والدرزية والتركمانية أن عصابات التجنيد، التي تضم فيما بينها أحيانا عناصر من مقاتلي «حزب الله» اللبناني ومعلميهم من إيران، تحاول إجبار أو إغراء بعض الشباب على الالتحاق بآلة القمع الأسدية نصف المتهالكة والمدعومة من موسكو وطهران.

ليس استخدام جنود الأقليات في خدمة الحكم الإمبريالي بالشيء الجديد؛ فلقد كان جيش الملك الفارسي زركسيس الذي اجتاح أثينا قديما يتألف في معظمه من جنود الأقليات من مختلف أصقاع الإمبراطورية الفارسية. وفي روما، استخدم الملك «سكيبيو الأفريقي» جنودا من هيسبانيا وأفريقيا في حملته الناجحة ضد القرطاجيين تحت قيادة هانيبال. ومنذ عصر الإمبراطور أغسطس فصاعدا تكوّنت أكثرية الفيالق الرومانية من جنود الأقليات من القارات الثلاث.

أما في الآونة الأخيرة، فاعتمدت الإمبراطورية البريطانية في الهند بشكل أساسي على المجندين من تلك الأقليات مثل المسلمين والسيخ، ناهيك بأقلية «الغوركا» النيبالية (المعروفة فارسيا باسم: «الباحثون عن المقابر»)!. وقد أسست فرنسا الفيلق الأجنبي لتجنيد الأقليات من جميع أنحاء العالم. وقد بنى الملك البلجيكي ليوبولد لنفسه إمبراطورية في أفريقيا من خلال جيش من المرتزقة جنده من أكثر من 30 جنسية مختلفة.

وأحد الدروس المستفادة من التاريخ أنه حتى أفضل الجيوش تدريبا وتنظيما إذا تألف في معظمه من الأقليات، فلا يمكنه الحيلولة دون زوال نظام مفروض ضد رغبات الأغلبية. ورغم تمتعهم بوفرة في العتاد والسلاح، فإن البريطانيين أُجبروا في نهاية المطاف على التخلي عن إمبراطوريتهم الهندية. وفشل الفرنسيون في ترويض سوريا، ومن ثم الاحتفاظ بقبضتهم على الجزائر، على الرغم من التجنيد واسع النطاق للمقاتلين الجزائريين الموالين لهم.

من غير المتوقع لنظام الأسد ومن يدعمونه في طهران وموسكو، أن يخرج أداؤهم بصورة أفضل. ومع ذلك، ومن خلال تلك اللعبة الخبيثة من وضع مختلف المجتمعات والأقليات في مواجهة بعضهم بعضا، يمكنهم أن يخرجوا بقالب جديد من الشكوك والكراهية المتبادلة التي سوف تجد سوريا المستقبلية، المحررة كما نأمل جميعا، صعوبة شديدة في تجاهلها في المراحل الأولى من النهضة الوطنية الجديدة على أدنى تقدير.

ليست الحرب في سوريا بين الأغلبية والأقلية من سكان البلاد؛ بل إنها حرب بين الشعب السوري بأسره، الذي يرغب في الحياة بحرية وكرامة، ضد نظام الأقلية الحاكمة الذي يزعم أن له توجهات اشتراكية، وعلمانية عربية، ومع ذلك، فهو يلعب لعبة استعمارية مثالية بالنيابة عن سادته في الخارج.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية العودة إلى الألعاب الاستعمارية القديمة سورية العودة إلى الألعاب الاستعمارية القديمة



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon