الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»

 لبنان اليوم -

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»

غسان الإمام

تزوج كارل ماركس فتاة بورجوازية نبيلة وجميلة أخلصت له. وتحملت معه فقره وشقاء إقامته المتواضعة في مهجره الرأسمالي بلندن. فخانها مرارا. بل وأنجب من خادمتها. واضطر صديقه ومموّله الوفي رجل الأعمال الإنجليزي إنجلز إلى أن يتبنى ابنه غير الشرعي، كي لا يجرحا عواطف الزوجة. لكن ماركس ظل وفيا لطبقة البروليتاريا التي أخطأ في الرهان عليها، كالطبقة الاجتماعية المدعوّة للثورة على طبقة زوجته وصديقه الرأسمالية. لا أومن بالصراع الدموي للطبقات. غير أن مفكري الاقتصاد الرأسمالي استفادوا من ابتكار ماركس «لفرز» المجتمع إلى طبقات، في جعل الطبقة الوسطى هي المستهلكة والمهندسة لاقتصاد الوفرة الرأسمالي، فيما حولت طبقة البروليتاريا النظام الشيوعي إلى دولة بيروقراطية مرعبة. وكان عليها أن تنتظر، للطرافة البالغة، طبقتها الوسطى، لتحقيق ثورة بلا دماء. وبلا رصاص. كنا كلما سألنا الرفاق الماركسيين الذين شمُّوا الهواء بانتظام في بلغاريا وروسيا، حدثونا بفخر وإعجاب عن المنجزات التي وُضع من أجلها الرفيق لينين للعرض في تابوت زجاجي ما زال حبيسا له. ثم فاجأنا القوميسار. المتمرد بوريس يلتسين بتوريث الدولة الجديدة إلى الضابط المخابراتي فلاديمير بوتين الذي يسلح بشار بأسلحة الدمار التي قتل ويقتل بها عشرات الألوف من أبناء الطبقة الوسطى في حلب. حمص. حماه... قصف بشار الطبقة الوسطى السورية التي لم تتمرد عليه. ولم تنضم إلى الثورة الريفية/ الجهادية التي اجتاحت المدن المذكورة. أما الطبقة الوسطى الدمشقية فهي تعتقد أن بشار يحبها حبا جمّا. وليس مستعدا لتدمير أحيائها فوق رؤوسها، كما فعل بالمدن المذكورة. تحت عسف نظام طائفي جائر، بلا أية ثقافة فكرية، أو رؤية اجتماعية، نشأت في سوريا، خلال السنوات الخمسين الأخيرة، طبقة وسطى عريضة، في المدن الكبيرة والبلدات المحيطة بها التي تحولت إلى مدن صغيرة. كان ازدهارها النسبي من صناعتها الذاتية. فقد اعتمدت على جهدها، في تحصيل المال من الخليج، أو من الاتجار بالأرض التي تمتلكها. ولم تكن هذه الطبقة الميسورة الحال نسبيا والنشيطة جدا في العمل. والتجارة. والبناء العقاري، بأحسن حالا من النظام، على مستوى الفكر. والثقافة. غياب الثقافة حرمها من القيم الفكرية والسياسية التي تنطوي عليها الطبقة الوسطى الأوروبية، في الإيمان العميق بديمقراطية الدولة والمجتمع، والاستعداد للموت في الدفاع عن الحرية السياسية والاجتماعية، كما فعلت وضحّت بعشرات الملايين في الحرب العالمية الثانية، لإسقاط الفاشية العنصرية. بدأت الحرية الدينية تأخذ بُعدا نفسيا في أوروبا منذ بدء ازدهار الطبقة الوسطى، خلال القرون الثلاثة الأخيرة، فيما تعرضت الطبقة الوسطى السورية والعربية إلى «غزو» ديني مكثف! الطريف هنا غض النظام النظر عن التربية الدينية المكثفة والسرية التي مارستها المرجعية التقليدية الدينية والمرجعية السلفية و«الجهادية»، فيما مُنع الحزب الإخواني من ممارسة نشاطه، بعد نجاح النظام في استئصاله مؤقتا بمجزرة حماه (1982). عقد النظام وفاقا شفهيا مع المؤسسة الدينية التقليدية وَفَّرَ نوعا من الحرية الدينية. لاقى ذلك ترحيبا لدى الطبقة الوسطى السنية في المدينة الكبيرة، وليس في الريف المتذمر الذي لاقى لا مبالاة النظام في الاهتمام بالخدمات، لا سيما في تخطيط وخدمة المدن الصغيرة، فكان البناء العشوائي سمة التشويه الغالبة على التوسع العمراني فيها. غير أن المرأة السورية هي التي تعرضت إلى «غزوة» دينية حقيقية. خلال السنوات الخمسين الأخيرة، نتيجة لنجاح التنظيمات الدينية التقليدية والسلفية والجهادية، في جعل البيت شبه السري مركزا للتلقين الديني. وتم غسل دماغ المرأة السورية الأمية أو شبه المتعلمة، من أي أفكار عن الادعاءات المبالغة عن «تحرر» المرأة العربية. اشتراكية النظام تحولت إلى رأسمالية متوحشة. شراهة النظام في ابتزاز الطبقة الوسطى المزدهرة أفقدت هذه الطبقة قيم الطبقة الوسطى الأوروبية في احترام القانون. فبات ساذجا أو غبيا، في عرف الرأي العام، كل من لا يتعامل بالرشوة مع المجتمع والغير، لتحقيق الربح الفاحش. وتقدمت العائلة والطائفة لتستغلا الاقتصاد المدني والعسكري (استيراد. تصدير. مقاولات وتوريدات الجيش. وقوى الأمن). حلف الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية لم يهتز مع العائلة والطائفة. فاستفاد كبار المتمولين السنة والشيعة المسيطرين على الغرف التجارية والصناعية أيضا من رأسمالية النظام «الاشتراكية»، في تحقيق أرباح واستثمارات توقفت مع نشوب الثورة وتدمير المصانع. وتفجرت بالهرب إلى الخارج. أما تجار الجملة والتجزئة من الطبقة الوسطى الذين نجح آباؤهم في قلب نظام عبد الناصر، وإنهاء الوحدة القومية مع مصر، من خلال تحريض أبنائهم الضباط متوسطي الرتب في الجيش (1961)، هؤلاء ليس لهم أبناء اليوم في الجيش الطائفي لتغيير الوضع. وبالتالي فتجارة البازار أصيبت بكارثة حقيقية، بانعدام الأمن. وتدمير الأسواق. والمصانع. التذمر شديد لكن مكتوم تحت الضغط الأمني. الثورة المسلحة ليست من قيم الطائفة الوسطى. فهي جبانة بالمقارنة مع ثوار البروليتاريا الريفية أو العمالية. كان الحل بالهرب إلى الخارج مع كبار البورجوازيين حاملين معهم أموالهم. هذه المرة ليس إلى لبنان كالعادة، وإنما أيضا إلى أوروبا واسكندنافيا (دول الشمال). تريفت الثورة وتأسلمت. غزا الريفيون الفقراء والبسطاء مدينة الطبقة الوسطى التي هي أيضا مدينة النظام الفاسد وبطانته السنية التجارية والدينية. قتل الشيخ سعيد رمضان البوطي أكبر الدعاة الدينيين التقليديين الذي فتح له النظام دكانة تلفزيونية دينية، لاستعادة ولاء الطبقة الريفية الفقيرة، بعد فوات الأوان، وللمحافظة على سكوت الطبقة الوسطى. هذه هي حال الطبقة الوسطى السورية، في عصر النظام الطائفي الغارب. فكيف ستكون حالها وموقفها، إذا تمكنت الثورة الريفية من إقامة نظام ديني أو «جهادي»؟ من سوء حظ الجبهات الإسلامية و«الجهادية» أن خطف راهبات دير معلولا قدم صورة عالمية سلبية للمشروع السلطوي الديني في هذا البلد العربي. المسيحية السورية فصيل لا ينفصل عموما عن الشريحة العليا من الطبقة الوسطى. فهي تكاد تلامس في الثراء الطبقة البورجوازية التجارية والصناعية المرتبطة مصلحيا بالنظام الراهن. ولعل بطاركة المسيحية الشرقية يصدرون بيانا مشتركا عن «حياد» المسيحيين السوريين، في الصراع الطائفي البشع الذي هو الآن المرحلة الحاضرة في الحرب السورية. والغرض من البيان طمأنة الثوار المتأسلمين، إلى أن المسيحية لن تكون عميلة للنظام. تحدثت طويلا عن إشكالية التنظيم الديني المتسيس، في الثلاثاء الماضي. وها هو «خطف معلولا» يبلور مجددا عجز المشروع السياسي السلطوي الديني، عن ضمان المساواة في المواطنة للطوائف الدينية غير الإسلامية التي ضمنتها لها، نظريا أو عمليا، الدولة المدنية الحداثية، وضمنتها لها الدولة العربية المستقلة. أيضا، هل تقبل الطبقة الوسطى السورية المستوطنة للمدن الكبيرة مشروع الدولة الدينية؟ هذه الطبقة تقبلت وتعايشت مع نظام طائفي جائر لم يتعرض اجتماعيا لتقاليد غالبيتها السنية الدينية. وهي تعرف سلفا أن أي نظام ديني معتدل أو جهادي متزمت سيشهر السيف في وجهها، كما يفعل مع الطبقة الوسطى السورية في المدن الكبيرة التي هدمها النظام. الغالبية والأقلية في سوريا ضمنت لها الدولة المدنية والطائفية التقيد بالأحوال المدنية الشخصية لأديانها، في كل ما يتعلق بالزواج والطلاق والميراث. من هنا، فلن يكون مشروع الدولة الدينية عبئا كبيرا عليها، إلا إذا مارس التدخل بالفرض والإكراه غير المألوفين لدى السنة السورية. لست متفائلا. فالصراع في سوريا قد يستمر، على الأرجح، حتى ولو سقط النظام الطائفي. الطبقة الوسطى هي التي ستكون ضحية الصراع، لأنها ستتمرد عاجلا أو آجلا، عندما تعرف أن الدين المتسيس ليس كافيا وحده لضمان أمن واستقرار البلد الذي يحكمه.  

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية» الطبقة الوسطى السورية و«الدولة الدينية»



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon