انهيار ثقافة الممانعة والكراهية للغرب
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

انهيار ثقافة الممانعة والكراهية للغرب

انهيار ثقافة الممانعة والكراهية للغرب

 لبنان اليوم -

انهيار ثقافة الممانعة والكراهية للغرب

غسان الإمام

أستعير «موسم الهجرة إلى الشمال» من الروائي السوداني «المهاجر» الطيب صالح الذي سكن الـ«بي بي سي». اللندنية أعواما طويلة قبل أن يعود إلى الوطن تائبا مستغفرا، لأقف متمهلا ومتأملا موجة هجرة السوريين إلى الشمال التي هي أكثر من مجرد استقالة من الوطن.
هذه الهجرة أيضا تعبير شعبي عضوي عما أصفه بانهيار ثقافة الكراهية للغرب والعداء لأميركا التي أشاعها النظام الرئاسي العربي الوارث «لأمجاد» الناصرية، منذ أوائل سبعينات القرن الماضي.
العداء الشخصي المتبادل بين صدام حسين وحافظ الأسد، لم يكن حائلا دون تغذيتهما المشتركة لثقافة العداء والكراهية للغرب، للتمكين لنظامهما التسلطي من العيش والبقاء. والقضاء على أي تلمس اجتماعي عربي، لفكر إنساني تعددي وديمقراطي. ارتكب صدام غلطة الشاه الإيراني المخلوع، فظن أن غدره بالنظام الخليجي باحتلال الكويت، سيقنع أميركا بالانسحاب لصالحه من مياه الخليج.
أما حافظ الأسد فقد وصل تحت ظلال ثقافة العداء للغرب إلى الانكفاء عمليا عن مشروع البعث القومي الوحدوي، للتحالف مع نظام الملالي الشيعي، نظام خميني وخامنئي الذي استولد من شعار «الموت لأميركا» طاقة جديدة لتعميق ثقافة العداء للغرب، ونحت وتصنيع شعار «الممانعة».
وكان إحياء الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لمشروع أحمد الشقيري الكلامي بإلقاء اليهود في البحر، مدعاة للسخرية من سذاجة وزيف شعار «الممانعة» الذي سقط فجأة مع شعار «الموت لأميركا»، ببصم الملالي الاتفاق النووي معها بالأصابع العشر. ومشاركتهم في ذبح السوريين.
في تصفية صدام والأسد لقوى اليمين المحافظ واليسار الماركسي والاشتراكي في العراق وسوريا، فقد لجآ إلى نظرية «التخوين» لملاحقة المطالبين بالحرية والديمقراطية. وإدانتهم بالعمالة للغرب، أمام مجتمعات عربية غدا عقلها في آذانها، وهي تسمع وتردد ببغاوية شعارات المقاومة. والممانعة. والعداء الممل لأميركا والغرب.
الشعوب لا تستطيع أن تعيش على أوهام وشعارات. يفقد الوطن قيمته إذا لم يوفر طعاما. وسكنا. وعملا. ومساواة. وكرامة. كنت قد حذرت في التسعينات من الفساد. وسوء التخطيط والتنفيذ في منطقة الجزيرة (شمال شرقي سوريا) الخصبة التي كانت تطعم قمحا. وتصدر قطنا. وتنتج نفطا.
هاجرت أولا القبيلة العربية احتجاجا على الإهمال. فوجدت لدى أهلها وامتدادها العشيري في الخليج عملا وملجأ، تاركة الأرض للفلاحين والعمال. ومعظمهم من الأكراد الذين ما لبثوا هم أيضًا أن نزحوا إلى أحزمة البؤس حول المدن الكبرى، هربا من الفاقة. واللامبالاة. والإهمال. ثم تورط المتعصبون منهم في محاولة إيقاظ الذاكرة العنصرية للأسر الكردية المستعربة والمندمجة تماما في المجتمع العربي السوري. فاصطدموا مع النظام وعرب المدن الكبرى.
ارتكبت مجازر دموية لم تكن كافية لتنبيه الأسد الأب والابن. كان هم الأب المصاب بوهن الذهن والعقل (dementia)، الحفاظ على خيول الفارس الابن المدلل (باسل) الذي اعتبر «شهيد» السمر واللهو بالسيارة «السبور» إلى آخر الليل في شوارع دمشق.
تم استدعاء الابن الآخر، لتلقى بين يديه مفاتيح الدولة. والقرار، قبل أن يكمل دراسته. وتنضج أهليته. ويستكمل وعيه السياسي والاجتماعي. فألهته ثرثرته الإنشائية عن إدراك ومداراة التركيب المعقد للمجتمع السوري. وتفادي أزماته المهددة بالانفجار.
النظام الحاكم يجب أن يتحلى بحد أدنى من كبرياء الحكم، وفضيلة التعامل مع المواطنين الأبرياء المحتجين. بدلا من ذلك، تعامل النظام مع الاحتجاج الشعبي السلمي بالشر. والقتل. والتعذيب حتى الموت في سراديب الاعتقال. بات بشار في النهاية بحاجة إلى مرتزقة إيران وميليشياتها لارتكاب المجازر في سوريا، وهم منتشون بثقافة الأضرحة التي أنعشتها عدائية التدخل والاختراق.
وهكذا أصبح اللجوء المؤقت إلى الدول الشقيقة حلا للنازحين السوريين. ثم الاستقالة نهائيا من الوطن. والهجرة إلى الشمال (أوروبا) هربا من الموت والإبادة، لمجتمع مفكك في عراه الاجتماعية. ومحكوم بنظام جائر. بلا ثقافة. وبلا قيم إنسانية.
أتفرس في سحنة هؤلاء المهاجرين. فأجد فيها ملامح متنوعة. غريبة: كردية. تركمانية. باكستانية. بنغلاديشية. أفريقية. عربية... متهادنة حينا ومتناحرة أحيانا. الخطر في هذه الهجرة الجماعية الهائلة كونها نسيجا غير منسجم في ثقافته. ووعيه السياسي. ولا أظن أنه قادر على الاندماج والذوبان، في مجتمعات أكثر تنظيما. وانضباطا في سلوكها الاجتماعي. وهذه الهجرة معرضة غدا للاضطهاد والتهجير، إذا ما اندست في طياتها عناصر العنف الديني، مستغلة أميتها الدينية والسياسية.
في هذه الفوضى الديموغرافية، أسأل عن مصير وطن عربي يجري تفريغه. وتغريبه. بل أسأل عن مصير النظام الرأسمالي المزدهر في ألمانيا وأميركا. هل هو قادر حقا على صهر ملايين المهاجرين إليه في بوتقته الرأسمالية التي باتت عاجزة عن الدمج. وعسيرة الهضم. والاستيعاب. وتغييب الهويات والانتماءات؟
تقاعس أميركا أوباما الذي لم يدرك، في انهزامية ثقافته السياسية، أن فرصة انهيار ثقافة العداء والكراهية صالحة للتدخل المباشر، لترحيل نظام فاجر يمارس إبادة شعبه، ربما لتوطين جماعات شيعية متخلفة مستوردة من أفغانستان. وإيران. مع ميليشيات «الحشد الشيعي» العراقية بقيادة ضباطها الإيرانيين.
لم يدرس علماء الاجتماع. والتاريخ. والسياسة. والإثنية في أوروبا قضية الهجرة السورية الجماعية. أجد النظام الأوروبي معتبرا لها، قضية اندماج. واستيعاب. وانتزاع شعب من أرضه. وبيئته. وانتمائه. فغدت سوريا «قضية تهجير» تستوجب الشفقة والرحمة، أكثر من كونها «قضية تحرير» ولو بالقوة الدولية.
ثمة ميل مغرض في الإعلام الغربي، لاتهام الدولة الخليجية بعدم استيعاب الهجرة السورية الجماعية لديها. ربما كان تقديم مزيد من العون المادي للمهاجرين ضروريا. لكن يبدو أن النظام الخليجي متنبه لخطر انتزاع كتلة سكانية عربية من بيئتها السورية، لدمجها كعمال في أعمال يأنف العامل الأوروبي من أدائها.
مع فورة النفط وتعريب موارده، استوعب الخليج العربي، وما يزال، أجيالا متعاقبة من ملايين العمال والعاملين العرب الذين يتمتعون بحرية تحويل مدخراتهم إلى بلدانهم، للمساهمة في إعمارها ولمساعدة أسرهم. لكن هناك ضرورة لفهم خوف المجتمعات الخليجية الصغيرة عدديا، من خسارة انتمائها القومي وهويتها المحلية، في بحر متلاطم من ملايين العمال الآسيويين والأفارقة.
ليست هناك أرقام دقيقة لعدد العاملين العرب في الخليج. إنما هناك تقدير كيفي لعدد السوريين الذي يتراوح بين مليون ومليونين من المقيمين. وهم مرغوبون هناك لجديتهم في العمل، من دون تشكيل شلل تحتكر العمالة، كما تفعل «ثقافة الشلة» عند البعض من الجنسيات الأخرى. أما العاملون اللبنانيون فقد أساء إليهم استغلال «حزب الله» لبعضهم في أعمال تتنافى مع الأمن الخليجي.
مع سذاجة التعليق السياسي العربي، بترحيبه الإعلامي بالسخاء الأوروبي في استضافة المهاجرين السوريين، أستغرب جمود وحيرة علماء السياسة. والاجتماع. والتاريخ العرب، إزاء هذه الاستقالة السورية الجماعية من الوطن. وظاهرة انهيار ثقافة الكراهية والممانعة. لا بد من تحرك أكاديمي علمي وفكري، لدراسة واستيعاب ما يحدث، لتنبيه النظام العربي، إلى خطر تهجير العرب، وإحلال أقوام بديلة لهم في المشرق العربي. وإسقاط الحدود، لإقامة أنظمة أعجمية. أو مذهبية غريبة عن الانتماء العربي. لعل نظام الاستقلال العربي يدرك، في أزماته الراهنة، أن المصير واحد ومشترك. لا فرق بين بلد ينعم بالثروة والاستقرار. وبلد يشقى بالموت والدمار.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انهيار ثقافة الممانعة والكراهية للغرب انهيار ثقافة الممانعة والكراهية للغرب



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بعد أن أصبح ١٨٪ من السكان عجائز وانخفضت القوى العاملة

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس

GMT 02:41 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصر: بروتوكول لتدريب طلاب المدارس في المنيا

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon