تعريب البورقيبية الجديدة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

تعريب البورقيبية الجديدة

تعريب البورقيبية الجديدة

 لبنان اليوم -

تعريب البورقيبية الجديدة

غسان الإمام

 البورقيبية ليست بآيديولوجيا. البورقيبية طبعات. كانت الطبعة الأولى مسرحا كبيرا لممثل واحد. احترف الحبيب بورقيبة تمثيل الميلودراما خمسين سنة: محاميا. مناضلا ضد الاستعمار. في خمسينات الاستقلال غدا رئيسا وزعيما أوحد. اشتراكيا في الستينات. رأسماليا في السبعينات. قراقوشا فاشلا في الثمانينات. متقاعدا في التسعينات.

اجتذب الحبيب بورقيبة الجماهير، فصفقت له. ابتكر الحزب الأوحد. احتكر السلطة، فأصيب الحزب بالتخمة. وتوزعته الشلل الانتهازية. منح المرأة مكاسب وحقوقا فنوبلوه. وهنت قواه العقلية، فامتدحوا عقله وحكمته. تلاعب بهم فلعبوا به.

راهنت البورقيبية على الفرنكفونية المتوسطية، فتأخر الاتحاد المغاربي. أخرجه الألمان من السجن الفرنسي، فظل صديقا لفرنسا. معجبا بميرابو وروبسبيير. ممتنا لمنديس فرانس. تجاهلته الجامعة العربية. فتجاهل العروبة. كره عبد الرحمن عزام. عادى جمال عبد الناصر. لم يعجبه هواري بومدين وبن بلة. دعا بورقيبة الفلسطينيين إلى التعايش مع اليهود وإسرائيل. ثم تحمل استضافة عرفات و«كراكيب» أجهزته الفوضوية، بعدما حاصره شارون في بيروت. وأخرجه حافظ الأسد من لبنان. تناسى بورقيبة الجميع. وتذكر فينيقيا. وحنّ لقرطاجة. علق على جداره صور هانيبال. وسان أوغسطين. وابن خلدون.

أقنع محمد مزالي رئيسه بورقيبة بالتعايش مع الإسلاميين. فذكرته سعيدة ساسي ابنة شقيقته بانحيازه للمرأة. فأقال بورقيبة مزالي. وطلق زوجتيه. فر مزالي من جنون الحبيب وطيش البورقيبية. فصمد العسكري/ المخابراتي زين العابدين بن علي. قال إنه «تعلم من بورقيبة». فأحاله على التقاعد بتهمة الخرف. وأسس البورقيبية الثانية وارثةً لاحتكارات الطبعة الأولى، باستثناء «كاريزما» الحبيب الشعبية.

للبورقيبية الثانية إنجازات. أضاف زين العابدين عليها لمسة تجميل. فولدت التعددية الحزبية. فاز حزبه (التجمع الدستوري الديمقراطي) بالغالبية النيابية. ونال هو جائزة الأولمبياد أربع مرات رئيسا بغالبية 99 في المائة من الأصوات. ونال الخامسة بالركلات. فقد عرف كيف ينجو من الانتفاضة بالطائرة من الملعب إلى المنفى.

نقل فؤادك حيث شئت من الهوى

ما الحب إلا للحبيب الأول

يبدو واضحا أن الشاعر أبا تمام معجب بالحبيب بورقيبة، على طريقة الباجي قائد السبسي الذي نُفي من «الحزب الدستوري» البورقيبي، بسبب ليبراليته ومطالبته بورقيبة بالإصلاح. لكنه ظل بورقيبيا. وتعاون مع البورقيبية الثانية التي أنجبها زين العابدين بن علي.

السبسي من قدماء التونسيين (87) سنة. فهو اليوم تماما في عمر الحبيب عندما نُحي عن الرئاسة والحكم (1987) بتهمة رسمية: الخرف. لكن السبسي لا شك أصغر من أبي تمام الذي تجاوز عمره مئات السنين.

هناك نحو ثلاثين مرشحا رئاسيا في تونس. المشكلة أن عددا منهم في عمر متقدم. فالطبيب والرئيس الحالي الدكتور منصف المرزوقي في السبعين من العمر. ويطالب منافسه السبسي بالاستئذان والانسحاب من المعركة الانتخابية بسبب عمره. ولإفساح المجال أمام جيل سياسي جديد.

إذا تجاوزنا قضية عمر السبسي. والمرزوقي. وأبي تمام، وخصوصا أن السبسي يرفض أن يكون العمل السياسي محددا بسن معينة، فيمكن القول إن رئاسة السبسي للحكومة المؤقتة في بداية الانتفاضة (2011) خدمته كثيرا. فقد أشرف على انتخابات جاءت بحكومة حزب «النهضة» الإخواني. وتم وضع دستور تقليدي يؤكد على الحريات السياسية والدينية.

النهضوي راشد الغنوشي لم يقدم مرشحا رئاسيا. وبالتالي فجماعته قد تصوت لترئيس السبسي الذي أبدى سلفا استعداد حزبه البورقيبي الجديد (نداء تونس) لتشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الديني الذي قدم تنازلات شكلية، بإعلان براءته من العلاقة مع «الإخوان المسلمين» بعد كل الذي فعلوه في مصر.

الطيف السياسي التونسي عريض. وتتقدمه اليوم الأحزاب والتيارات التقليدية الوسطية، كحزب «نداء تونس» البورقيبي. وعلى يساره ائتلافات وتيارات يسارية قومية. وماركسية. واشتراكية، بحاجة إلى تأصيل وجودها في الشارع الشعبي، بعد تعرض زعمائها إلى اغتيالات مروعة (شكري بلعيد. محمد البراهمي).

ثم هناك اليمين الديني الممثل بحزب «النهضة». والفاشية «الجهادية» التي استفادت من غض النهضويين النظر عن نشاطها العنفي المسلح. بل وهناك جيش غير مسيَّس لحسن الحظ. فقد رفض قمع الانتفاضة، وتسلم الحكم والسلطة. فأنهى عمليا البورقيبية الثانية، بتنحي قائدها زين العابدين بن علي. لكن هذا الجيش بحاجة إلى تعزيز سلاحه، في ظروف استثنائية يمر بها بلد محدود الموارد.

ثمة إشكالية كبيرة، تتعلق بالهوية. الانتماء. اللغة. الممارسة السياسية والدبلوماسية الخارجية. وهي لا تبدو ملحة ومستعجلة عند التونسيين. فقد درجت البورقيبية التاريخية على قياس سياساتها الخارجية برؤية متوسطية/ فرنكفونية. إلى درجة أن بورقيبة كان يتكلم بالفرنسية في لقاءاته الأجنبية، وحتى مع الأميركيين. ولا أدري ما إذا كانت تونس وشقيقاتها المغربيات قد كفت عن تسجيل المحاضر الوزارية والاتفاقات والمعاهدات بالفرنسية دون العربية. ولا أعتقد أن السبسي، في أسلوب المراوحة في المكان والزمان، راغب في تغيير هذه التقاليد. وهو يعرف أن التونسيين لا يعتبرون الفرنكفونية السياسية هوية وانتماء لهم.

لست ضد الفرنكفونية. وأدرك بحكم إقامتي الطويلة في فرنسا، أنها هي أيضا دفاع مستميت عن اللغة والثقافة الفرنسية أمام الإنجليزية الغازية. لكن تسييس الفرنكفونية، وجعلها مبدأ أساسيا للتعامل الدبلوماسي والسياسي مع الدول التي استعمرتها فرنسا سابقا، يجعل هذه الدول مترددة كثيرا في تبنيها كسياسة، لا كثقافة إنسانية.

أقول مخلصا لفرنسا التي غدت بمثابة الوطن الثاني لي، إن الفرنكفونية السياسية خلقت مشكلة أقلوية حادة بين العرب والأمازيغ في المغرب العربي الكبير. وعطلت مسيرة اتحاد المغرب العربي، بحيث باتت دوله أكثر ميلا إلى التعاون والتعامل مع أوروبا ككيانات معتزة بفرادتها، لا باتحادها.

تونس دولة سياحية. لكن هل هي دولة عربية حقا وواقعا؟ دساتير البورقيبية التاريخية اكتفت بالنص على العربية كلغة رسمية. لكن اللغة هي الأساس الوطني والثقافي للهوية. والانتماء. وتكون الأمم والشعوب. هنا الواقع يفرض على أي نظام جديد في تونس الاعتراف بالعروبة كهوية تونسية. كثير من التونسيين يحارون في الإجابة حول الهوية، لا سيما النخب الثقافية والإدارية التي تخشى فقدان نفوذها. دورها. وظائفها، إذا ما عززت تونس عروبتها.

الهوية تفرض أسس السياسات الداخلية والخارجية. تونس بحاجة إلى سياسة تعزز علاقتها بدول عربية قوية، كمصر والسعودية القادرتين على دعم تونس في مواجهة الفاشية الدينية المحلية والليبية والأفريقية. وإلا ستغدو تونس كسوريا التي أفقدتها المعارضة السياسية والمسلحة هويتها القومية. ودورها السياسي. ووحدتها الترابية. ثم قعدت في فندق إسطنبولي تتهجأ مع إردوغان اللغة التركية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تعريب البورقيبية الجديدة تعريب البورقيبية الجديدة



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon