سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود
ارتفاع حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على منطقة البسطة وسط بيروت إلى 11 شهيداً و63 مصاباً القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع الكويت تسحب جنسيتها من سالم الهندي الرئيس التنفيذي لشركة "روتانا" للإنتاج الفني ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان
أخر الأخبار

سلامة الطيران: الراكب مفقود والواصل مولود!

سلامة الطيران: الراكب مفقود والواصل مولود!

 لبنان اليوم -

سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود

غسان الإمام

سافرت بالطائرة مع الدكتور ناظم القدسي من دمشق إلى القاهرة. ولم يكن الرئيس السوري الأسبق من الرؤساء ورجال الأعمال الذين يملكون الطائرات. فقد كان راكبا عاديا كأمثالي. كانت الرحلة هادئة بلا مطبات. وكانت لشركة الطيران السورية سمعة جيدة في صيانة طائراتها اللا... حديثة. ولم تكن الطائرة محشوة بالبراميل المتفجرة. فلم يكن الرئيس بشار قد ولد بعد.
وللتخفيف من قلق الركاب، فقد ملأ الدكتور القدسي، رحمه الله، الرحلة بدعاباته الخفيفة واللاذعة، تماما كما فعل عندما كان رئيسا لمجلس النواب. وقد عرفته هناك. ولمست خفة ظله في إدارة الجلسات التي لم تفتني جلسة واحدة منها في عمر آخر برلمان ديمقراطي (1954 - 1958). ولم تكن حياة القدسي هانئة. فقد قلبه العسكر مرتين. وحبسوه في المرتين. وعندما توفي في المنفى، رفضت صحف «البعث» الحاكم نشر ولو خبر مختصر عن الوفاة!
في حياتي طائرات أكثر من السيارات. فقد عدت في الثمانينات من مدينة العيون في الصحراء المغربية إلى الرباط، على متن طائرة الجنرال أحمد دليمي وزير الدفاع المغربي. وأجريت معه الحديث الصحافي الوحيد في حياته التي ستنتهي فجأة، بعد ذلك الحديث «الطائر» بشهور قليلة.
وكان برفقة الجنرال دليمي زميله الجنرال الصامت عبد العزيز الدالي رئيس أركان الجيش المغربي آنذاك. وأذكر أن الجنرال دليمي سألني: «لماذا لم تواصل الطيران مع الجنرال عَبْرَق؟» وكان عبرق الطويل. الضخم الجثة، قائدا للجبهة الصحراوية المشتعلة آنذاك.
لذت بالصمت. لم أجب. فقد كنت أعرف أن الجنرال دليمي يعرف أن مروحية الجنرال محمد عبرق قد سقطت به. وقضى ضباط كبار كانوا يرافقونه. وكنت الناجي يومها. فقد سبق أن لاحظت أن عبرق كان يزيح جانبا قائد المروحية، ليتولى هو قيادتها. فكانت الريح تتلاعب بها وبنا. تمارضت في اليوم المشؤوم. بقيت جاثما على الأرض في العيون. فكتبت لي النجاة. وكان عبرق الناجي الوحيد من الركاب. لكن الملك الحسن الثاني، رحمه الله، غضب غضبا شديدا، فأقاله من قيادة الجبهة.
خلال الوحدة المصرية / السورية رافقت وفدا صحافيا مصريا زائرا لدول أفريقيا الغربية التي كان رؤساؤها أصدقاء للراحل جمال عبد الناصر في حركة «عدم الانحياز». وكانت المفاجأة الكبيرة لنا أن كل الذين استقبلونا في مطارات المنطقة كانوا من الإخوة اللبنانيين. ونكاية بـ«حسن... حزب الله». فقد كانوا من التجار ورجال الأعمال الشيعة المتحمسين للعروبة ولعبد الناصر. ما زال أنجال وأحفاد هؤلاء يمسكون باقتصاد المنطقة. ويؤدون «الخوة» التي يفرضها الحزب عليهم، بعد إفلاس إيران ممولته وراعيته.
لكن طائرة الركاب الصغيرة التي أقلتنا من داكار عاصمة السنغال إلى طنجة المغربية، وقعت في طريق العودة أسيرة الغيوم الكثيفة. لا بوابة. لا نافذة. لا «كابين». كنا جالسين خلف قائد الطائرة المحنك وشيبه يملأ رأسه. كان يدير الطائرة. وكأنه يتحرك في متاهة.
ويبدو أن الضغط الجوي في الطائرة قد اختل. فعانينا من تشنج في الوجه والعضلات. فسكبت المضيفة كأسا من عصير البرتقال على «جاكيتة» إحسان عبد القدوس الأنيقة. لم يغضب الصحافي الكبير تقديرا منه لجمال المضيفة. نزلنا في مطار طنجة مرهقين. لجأنا إلى حديقة المطار في انتظار إصلاح الطائرة. لم يهتم إحسان بالجاكيتة «البرتقالية» المبللة. كان مهتما بأن يعرف مني ما إذا كانت هناك ثورة على عبد الناصر في سوريا.
زودتني الجميلة زيورخ بنظارة سوداء. وكأن المدينة الجميلة النظيفة كانت تعرف أني سأطير إلى شمس مصر. استقبلني لدهشتي رجل نوبي في مطار القاهرة لوحت وجهه الأشعة اللاهبة. أضحكني الرجل. قال لي إنه نجل الفريق النوبي عبد الله النجومي باشا، أحد كبار ضباط القصر الملكي في عهد فاروق.
كان الرجل النوبي سائق «تاكسي». أوصلني إلى الفندق. حمل حقيبتي إلى غرفتي. غافلني وأنا أعد له الأجرة مع «البقشيش»، ففتح الحقيبة. أطبق على النظارة السوداء. ثبتها على عينيه المجهدتين شاكرا. وقائلا: «دي برضه النظارة التي وصفها لي طبيب العيون».
كانت أحلى أيام العمر تلك السنوات التي قضيتها في بيروت، بلا بلاوي الطيران. فلي فيها أهل أقرباء. وزملاء. وأصدقاء. ثم جاءت الحرب الأهلية. اغتيل الشهيد كمال جنبلاط. وغادر الصديق الكبير صائب سلام (والد رئيس الحكومة الحالية تمام سلام) فيلته الشعبية الكبيرة إلى المنفى. وغادرت أنا بيروت موجع القلب إلى باريس، في رحلة عمل لمدة شهر واحد. خسرت تذكرة الإياب. فقد أصبحت عاصمة الحرية مكتبا. ومنفى لي منذ 39 عاما. وباتت فرنسا وطنا عزيزا عليّ. وقد يضمني يوما ثراها.
الطائرة كوكب فضائي من ألمنيوم. وبلاستيك. وخشب خفيف. ولحوم إنسانية طرية. ألغت الطائرة سائر المركبات الأخرى. حلت محل الدابة. والسفينة. والسيارة، فباتت مركبة العالم. وستطير قريبا إلى الكواكب الأخرى، بتذكرة ذهاب. فهل تهمك تذكرة الإياب؟!
تحسنت كثيرا سلامة الطيران المدني. أحدث. وأقوى الطائرات هي التي تمتلكها شركات الطيران الخليجية والأوروبية. وأسوأها هي الروسية. والإيرانية. هناك كارثة جوية واحدة محتملة، من أصل 4.5 مليون رحلة.
لا تظن أن إرهابيا سيرافقك في الطائرة. الخطر الأكبر يأتي من الكهرباء. هناك 150 ألف متر من الأسلاك المتشابكة القابلة للالتهاب خلف جدران الطائرة الداخلية، إذا ما تعطل العازل للتماس الكهربائي.
منذ أسابيع قليلة، ألزمت فرنسا ساكنيها بتركيب أجهزة إنذار في كل بيت. هناك أجهزة إنذار بالحريق والدخان (أربعة حوادث يوميا) في الطائرات. المشكلة أن فرق الإطفاء. والإسعاف. والأطباء، لا تستطيع الوصول إلى الطائرة السابحة في الفضاء. هناك أسطوانات إطفاء، شرط أن تطفئ المضيفة الجميلة أولا القلوب الملتهبة.
الخطر الثاني في الطائرة يكمن في «كابين» القيادة. تحسنت تقنية إقفال باب «الكابين»، منذ أن اقتحم الإرهابيون «كابينات» الطائرات الأميركية. وقادوها إلى نطح ناطحات السحاب في نيويورك. غادر «كابتن» الطائرة الألمانية المنكوبة «الكابين» لزيارة «التواليت». فأغلق مساعده الانتحاري المريض نفسيا وراءه الباب. وهبط بالطائرة إلى حتفه. ومعه الطيار «المزحوم» و144 سائحا.
مسافر زاده الخيال تجنب ركوب الطائرة الماليزية الضخمة إلى فيتنام في ربيع العام الماضي. فما الذي قادها إلى الاختفاء في عباب المحيط الهندي، وعلى متنها 239 راكبا؟ مسافر آخر سعيد الحظ رفض ركوب طائرة ماليزية أخرى كانت تطير فوق حرب أوكرانيا. فأسقطها صاروخ «القوميسار» بوتين (سام 11)، وعلى متنها 298 راكبا وملاحا. لم ينجُ منهم أحد.
ما زال الذين يموتون على الأرض أكثر من الركاب الذين يتساقطون من الفضاء. ما زالت السيارة. القطار. الجريمة. البيئة الملوثة. المدينة المزدحمة. الأمراض الفتاكة، أشد خطرا من الطائرة. وما زالت الحياة، يا بنيَّ، أقوى من الموت. هذه سنة الحياة. نحن نطير. نركب الخطر. الراكب مفقود. والواصل مولود. يبقى الذين لا يصلون هم المسافرون، في تقديرنا، إلى المجهول. غيابهم المفاجئ يترك فراغا هائلا يثير الحزن الصاعق في قلوب الآباء. والأمهات. والأطفال. والعشاق. ثم نكفكف الدموع. ونواصل ركوب الخطر.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود سلامة الطيران الراكب مفقود والواصل مولود



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بعد أن أصبح ١٨٪ من السكان عجائز وانخفضت القوى العاملة

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس

GMT 02:41 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصر: بروتوكول لتدريب طلاب المدارس في المنيا

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon