مسؤولية «البطل» عن تغييب التسوية السلمية
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

مسؤولية «البطل» عن تغييب التسوية السلمية

مسؤولية «البطل» عن تغييب التسوية السلمية

 لبنان اليوم -

مسؤولية «البطل» عن تغييب التسوية السلمية

غسان الإمام

لا أدعي أنني أخترع البارود، عندما أكتب عن سبب إخفاق المشروعين القومي والإسلامي. فقد سبقني إليه كتّاب وباحثون عرب وأجانب، في السياسة. والتاريخ. والاجتماع. والفلسفة. والأدب. وحتى في الصحافة، عندما كانت الصحافة العربية والإعلام أكثر حرية وتسامحا، مما هما عليه الآن.

عطلة الأعياد فسحة أمام الكاتب والصحافي لكي يملأ الفراغ، باستشفاف آفاق هي أبعد وأعمق من التعليق التقليدي على الأحداث اليومية المفجعة. فقد نجمت تطورات بالغة الخطر عن هذا الفشل المريع، في التطبيق الميداني للخطاب السياسي، لدى القوميين. والماركسيين. ولدى المتأسلمين «الإخوانيين».

هذه التطورات تجسدت في انحدار الحوار السلمي. وابتذال التسوية السياسية، لدى قوى سياسية وطائفية، تمارس لا أخلاقية القتل. والخطف. والاجتثاث. والاستئصال. والتصفية الجسدية، للآخر المختلف في السياسة. أو الآيديولوجيا. أو المذهب. أو العرق. أو العنصر.

الفشل والانحدار لم يبدآ اليوم أو بأمس قريب. فقد عرفتهما سيرة الدولة الإسلامية التاريخية التي لم تكن ناجحة دائما في اعتماد مبدأ الشورى (الديمقراطي) الذي ورد في النص القرآني القداسي (وأمرهم شورى بينهم).

كان النبي في حكمته قد نهج مبدأ المصالحة والحوار السلمي بعد دخوله مكة. والتزم بالنص القداسي في الشورى. فلم يفرض شكلا محددا للدولة والسلطة. واكتفى باستلهام الآيات القرآنية التي حددت ونظمت العلاقات الشخصية والعائلية. وألح على أخلاقية وإنسانية التعامل بين المسلمين، في الحياة اليومية للمجتمع المدني.

جرى الحوار سلميا في سقيفة بني ساعدة، لاختيار خليفة النبي بعد رحيله. وفي التسوية، قبل أهل المدينة برحابة صدر، أن يكون الخليفة من أهل مكة، بطلب من الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر.

لكن النزاع ما لبث أن انفجر في مكة، داخل آل البيت بين أبناء العمومة. ووصل ذروته في موقعة الجمل التي تلت مقتل الخليفة عثمان بن عفان. ثم غاب في معظم الأحيان فن الحوار السلمي وآلية المساومة والتسوية، في الدولتين الأموية والعباسية. ثم في الدويلات الإسلامية الكردية. والتركية. والمملوكية التي اعتمدت السيف غالبا في احتلالها للوطن العربي الكبير. فحالت أيضا دون اكتمال شعور العرب بكونهم أمة.

وفرض التشيع الفارسي نفسه في التفرقة بين العرب المسلمين، سنة وشيعة. هذا التشيع نشأ بعد مقتل علي بن أبي طالب ونجليه الحسن والحسين. ودار الجدل فقهيا حينا. ودمويا حينا. فأشاع ظلالا كئيبة. وحال دون استعادة الوحدة والدولة الإسلامية الكبرى. وظلت هذه الكآبة تخبو تارة. وتصحو تارة، كما هو الوضع اليوم في المشرق العربي وباكستان الذي يتميز بانهيار فن الحوار. وازدهار تقنية العنف الجماعي.

المراوحة بين فن التسوية السلمية والآلية الهمجية في تغييب الآخر، حالت دون استكمال كتابة التاريخ العربي والإسلامي. ماذا تعني كتابة التاريخ بعلمية وموضوعية؟ إنها تعني تسجيل وتدوين وثائق الذاكرة التاريخية للأمة العربية. تعريف الأجيال المتعاقبة بما ورد في هذه المدوَّنة هو الذي يثبت مكونات شخصية الأجيال الموروثة الوطنية والقومية. ويحافظ على توازنها النفسي والثقافي، أمام المتغيرات السياسية والطائفية الهائلة في الداخل والخارج.

في المجتمع المريض المهزوز نفسيا. والمهزوم عسكريا. والمأزوم سياسيا، تستطيع الأنظمة المتوالية أن تلغي بعضها بعضا. استطاعت الأنظمة البعثية الطائفية والعشيرية. والناصرية. والتنظيمات «الإخوانية» و«المتشددة»، أن تنتج جيلا متأسلما! لا يمت لها بصلة. ومستعدا للتورط في المجزرة البشرية الراهنة، مبهورا بالتجارب المبتذِلة للدين التي تمارسها منظمات مسلحة متناحرة، كحزب الله. داعش. حماس. القاعدة. النصرة. أنصار بيت المقدس. فجر ليبيا. بوكو حرام. طالبان. عصائب أهل الحق...

لماذا لم تستكمل هذه المدوَّنة؟ لأن الباحثين كانوا فرادى. أو منحازين. أو خائفين من الحاضر المتسلط، والمضاد للماضي السياسي القريب. أو من التهديد الديني المتزمت. لم تكن هناك مجموعات علمية. متخصصة. متفرغة للتسجيل والتدوين. بالإضافة إلى ندرة الكتاب السياسي (المصادر غالبا). والمذكرات السياسية. ثم رفض النظام الإعلان عن الوثائق في أرشيف الدولة، فيما تروّج علنا التفاسير الدينية المتزمتة للسنة. والشريعة. والنص القداسي. فيتم بها تلقين وتحفيظ الذائقة العقلانية المبكرة، لمراهقي الجيل الجديد وشبابه.

كان هدفي في كل ما ذكرت في هذا الحديث، التنبيه إلى التغييب شبه الكلي «للشخص البطل» صانع التاريخ. والخادم للأمة. أو للطاغية الممعن في تمزيقها، عن تسجيل إنجازاته في المدونة. ماركس ألغى دور الشخص وأعطاه للأمم والشعوب. لكن الماركسيات اللينينية. الستالينية. الماويّة. التيتوية. التروتسكية. البكداشية... دحضت، في ممارستها، زعم ماركس. وأثبتت أن الشخص لعب دورا إيجابيا وسلبيا، في صنع التاريخ، أكبر أحيانا من دور الشعب والأمة.

أضرب أمثلة وشواهد للتسجيل والتدوين لدى الباحثين العرب المتأخرين. لأن المثال أكثر حيوية وإقناعا: الجزائري. الأمازيغي. الفرنكفوني محمد أركون طبق نظريات التحليل. والتفسير. والنقد الغربية، على مسلمات الحضارة العربية والدين الإسلامي. فبات غير مفهوم لدى القارئ والباحث.

ثم انحاز أركون إلى ما ألقاه أدونيس في رَوْعِهِ، عن «تفوق» الفقه الشيعي في الاجتهاد على الفقه السني. فوقع أركون في خطأ فقهي كبير. فقد تجاهل تمليك الفقه الشيعي لـ«آل البيت» حق احتكار السلطة، حارما المجتمع الشيعي من حرية الرأي والنقد.

إزاء استحالة حضور «المهدي الغائب»، استعاض الفقه الشيعي عنه بوكيله الافتراضي «الفقيه». وأسبغ عليه كمية من «المعصومية القداسية» التي تمتع بها الخميني وخامنئي. فلم يكن بالإمكان محاسبة الأول عن تذويب جيل إيراني كامل في الحرب الخاسرة مع العراق. ولم تتم محاسبة الثاني، بعد، عن دوره في اقتحام المشرق العربي. وتوريط جيل إيراني آخر، في الحرب الطائفية السورية والعراقية.

جمال الدين الأفغاني اخترق رجال الدين السنة في مصر والشام، بإصلاحيته المسيِّسة للدين. فقد خطفته الجمودية العثمانية التركية. فتفرق تلامذته. اكتفى الشيخ محمد عبده بالدعوة لإصلاح الأزهر. والاهتمام بتنوير التربية والتعليم. ودحض القاضي علي عبد الرازق الزعم بأن النص القداسي أوصى بقيام دولة «دينية».

أما الشيخ رشيد رضا فقد نصب نفسه ملهما للدعوة «الإخوانية» التي كان هدفها وما زال قطع الطريق على التوفيق بين التراث والحداثة. كانت النتيجة خروج كل هذا الزخم من التنظيمات المتشددة من الرحم الإخواني، فابتذلت بدورها جدلية الحوار والتسوية السياسية السلمية. وقامت بالنفخ في هجير الحرب الطائفية.

في تغييب أدونيس لدور الشخص/ الطاغية في بلده سوريا. فهو ما زال مصرا على أن أطفال درعا هم الذين قلعوا أظافر الضباط الأقرباء لبشار في أجهزة المخابرات المخيفة. وهم الذين قلبوا الانتفاضة السلمية، إلى ثورة مسلحة تستخدم براميل المتفجرات ضد نظام بشار.

هكذا يجري تغييب بشار عن استكمال تسجيل وتدوين مسؤوليته الشخصية عن تغييب الحوار السلمي، لصالح الانحدار بالمساومة والتسوية إلى الابتذال. من هنا، أومن بحقي، كمواطن عربي، في السؤال عن ضرورة تسجيل وتدوين إيجابيات وسلبيات الذين احتكروا صناعة القرار السياسي.

ماذا عن عبد الناصر؟ هل نكتفي بما دونه هيكل عنه؟ ماذا عن الأسد الأب؟ هل نكتفي بمحاضرات كريم بقرادوني عنه؟ وماذا عن صدام؟ هل نكتفي بتقييم الممثلة رغدة نعناعة له؟ ماذا عن البشير؟ هل نسلمه إلى المحاكم الدولية؟

ماذا عن.. وعن.. عبد الفتاح إسماعيل. بورقيبة. زين العابدين بن علي. عباسي مدني؟.. أين الكتاب السياسي الباحث في أدوارهم. وسياساتهم؟ أين مراكز البحوث، لكي تقدم المحاسبة العلمية والموضوعية لهؤلاء، إلى أجيال جديدة تم خلال الخمسين سنة الأخيرة حرمانها من الاطلاع على مدونة ذاكرتها السياسية المفقودة في هذه الفوضى الهائلة التي تختنق أمة بكاملها بدخانها؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسؤولية «البطل» عن تغييب التسوية السلمية مسؤولية «البطل» عن تغييب التسوية السلمية



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon