الفهم العربيّ لـالإرهاب

الفهم العربيّ لـ"الإرهاب"

الفهم العربيّ لـ"الإرهاب"

 لبنان اليوم -

الفهم العربيّ لـالإرهاب

حازم صاغيّة

درّج الرئيس اليمنيّ السابق علي عبدالله صالح طريقة بالغة الذرائعيّة في التعامل مع الإرهاب، مؤدّاها تتفيه الموضوع وتسخيفه. فحين كان ينوي لفت نظر الغرب أو الحصول على دعمه، كان يحذّر من الإرهاب، وتحديداً القاعديّ منه، الذي يتعرّض له بلده. أمّا حين لم يكن يُستجاب له، فكان يغضّ النظر عن الإرهاب هذا وعن تصاعده بحيث يغدو عدم الاستجابة مكلفاً وخطيراً في نظر «الغرب». وطريقة صالح كانت تتلاءم مع الفهم السطحيّ للمسألة الذي ساد في عهد إدارة جورج دبليو بوش، والذي استمرّ الكثير منه مع عهد باراك أوباما، على رغم نزع هذا الأخير يافطة «الحرب على الإرهاب» عن سياساته. بيد أنّ طريقة صالح كانت، من ناحية أخرى، تنمّ عن اتّساع الإدراك بأهميّة «الغرب» وأهميّة الحصول على اعترافه، إن لم يكن دعمه. والإدراك هذا كان، ولا يزال، يشمل فئات وقوى غير معروفة بحبّ هذا «الغرب»، ويُعدّ بعضها خصماً له متشدّداً في معاداته. حتّى «حزب الله» اللبنانيّ مثلاً، فضلاً عن الرئيس السوريّ بشّار الأسد، زيّن حربه في القصير وحمص بسوريّة حرباً ضدّ «الإرهاب التكفيريّ والجهاديّ». فكيف لا يدعو ملك البحرين، والحال هذه، إلى جهد يُبذل في مكافحة الإرهاب؟ أما الفريق أوّل المصريّ عبدالفتّاح السيسي، وهو حيال «الغرب» في منزلة بين منزلتي الرئيس السوريّ والملك البحرينيّ، فدعا أيضاً إلى «الاحتشاد» الجماهيريّ للوقوف في مواجهة الإرهاب وما يجرّه من فوضى. والحال أنّ البراءة وحدها هي ما يحمل على فهم الأمور كما أرادها السيسي أن تُفهم. فأن يتحدّث وزير الدفاع بدلاً من الرئيس الانتقاليّ، وأن يطالب من منصّته السلطويّة بـ «الاحتشاد»، أي بـ «الفوضى»، لمواجهة الفوضى والإرهاب، فهذا ما يُرجّح أن يكون تمهيداً لاستبداد عسكريّ مولّد، هو الآخر، لـ... الإرهاب! ولأنّ أمور الإرهاب تُقدّم على هذا المستوى من التسطيح، لم يُنظر بكبير قلق إلى هرب إرهابيّين فعليّين من سجنين عراقيّين كبيرين. ذاك أنّ أحداً لم يعد يصدّق وجود الذئب بعد كلّ ذاك التخويف الكاذب بالذئاب. مع هذا نتذكّر أنّ الموقف العربيّ شبه الإجماعيّ من الإرهاب إنّما قام طويلاً على نفي وجوده وعلى افتراضه اختراعاً أميركيّاً صرفاً. وكثيراً ما وُضعت المزدوجات حول كلمة إرهاب، أو أُلحقت الكلمة بعدد من علامات التعجّب والاستفهام المتذاكية. وقبل أيّام قليلة عادت تلك المزدوجات والعلامات إلى العمل بهمّة ونشاط كبيرين بسبب قرار «الاتّحاد الأوروبيّ» وضع «الجناح العسكريّ» لـ «حزب الله» على قائمة الإرهاب. وليس مستغرَباً، اليوم أو غداً، أن يخرج علينا شيوخ فصحاء كيوسف القرضاوي وراشد الغنّوشي يدينون إرهاباً يقولون إنّه يستهدف «الإخوان» في مصر وتونس، وفي العبارة نفسها يشكّكون بوجود الإرهاب الذي يصطنعه «الغرب» الخبيث! وفي هذه الغضون، يستمرّ التجاهل الدوليّ للوضع السوريّ مصدراً لنموّ إرهاب فعليّ، إرهابٍ بعضنا قد يهلّل له، وبعضنا قد يتوعّده ويعد باستئصاله ولو إرهابيّاً... وهكذا دواليك.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفهم العربيّ لـالإرهاب الفهم العربيّ لـالإرهاب



GMT 14:47 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب اعتزاز ومذكرة مشينة

GMT 14:45 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شالوم ظريف والمصالحة

GMT 14:44 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة... ثم ماذا؟

GMT 14:42 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ

GMT 14:40 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

شاورما سورية سياسية مصرية

GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 14:01 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

استقرار لبنان... رهينة التفاوض بالنار

GMT 13:59 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

تغييرات في تفاصيل المشهد

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon