طارق عزيز آخر العفالقة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

طارق عزيز... آخر العفالقة

طارق عزيز... آخر العفالقة

 لبنان اليوم -

طارق عزيز آخر العفالقة

حازم صاغية

بموت طارق عزيز، مات العفلقيّ الأخير الذي انتسب إلى حزب ساهٍ عن الواقع، ومن ثمّ ساهٍ عن نفسه، يعيش ويموت من دون أن يعرف سبباً لعيشه ولموته.

فعزيز راودته، حين انضمّ إلى حزب ميشيل عفلق، فكرة بسيطة ومزدوجة راودت كثيرين غيره:

من جهة، كيف نصير كلّنا عرباً، ليس للدين أو للأصل مكان في تعريفنا، بحيث لا يُفتضح أمرنا كأقلّيّات وهويّات صغرى. هكذا غيّر الكلدانيّ والمسيحيّ الكاثوليكيّ اسمه ميخائيل حنّا ليغدو طارق عزيز، متغنّياً بالأصالة العربيّة وتسامح الإسلام وقصائد امرئ القيس وكلّ ما يلزم لاكتساب هذه العروبة والضياع في بحر أكثريّة عازفة عن كلّ تعريف ما خلا عروبتها. وهذا إنّما كان تعبيراً عن وعي نهضويّ واستبداديّ في آن معاً: نهضويّته اتّصال بأجداد مُتخيَّلين، اندثرت عروبتهم الثقافيّة واللغويّة مع صعود العروبة السياسيّة والجماهيريّة لعبد الناصر والبعث، واستبداديّته كبتٌ للذات قابل في أيّة لحظة أن ينقلب كبتاً للآخر.

ومن جهة أخرى، كيف نغدو واحدين وأقوياء مثل الغرب، ولو دفعنا مقابل ذلك ضريبة العداء للغرب والتي يتمّ استيفاؤها لاحقاً، أي بعد أن نتقدّم. وهو مشروع ينطوي على لحظة تطهّريّة حيال الصليبيّين والاستعمار، كما يتوهّم المعرفة بالوحدة بوصفها نتاج الجهل بالأجزاء، ويرى قوّة الوحدة بوصفها نتاج الجمع بين أجزاء ضعيفة ومجهولة.

والأمر يتراوح بين الفضيحة والفظيعة حين يكون الواقع المسهوّ عنه، والذي لم يبشّر عفلق بغير تعميق السهو عنه، هو العراق، عراق مذبحة الأشوريّين، وفرهود اليهود، ونكبات الأكراد، ومنع ياسين الهاشمي المواكب الحسينيّة للشيعة، ومساجلة ساطع الحصري وفاضل الجمالي حول تعليم العراقيّين، وسحب جنسيّة الشاعر محمّد مهدي الجواهري بوصفه إيرانيّاً...

ولم يكن ابن تلّ كيف، التي كان مهاجروها إلى بغداد يتولّون من الأعمال اليدويّة ما يترفّع عنه المسلمون، ليجهل هذا. إلاّ أنّه آثر، مثله مثل آلاف البعثيّين، والشيوعيّين أيضاً، أن لا يرى أو يسمع. فالعراق، عنده، جزء من «أمّة العرب»، وكفى المؤمنين القتال، تماماً كما هو موعود، في نظر الشيوعيّين، بأن يغدو «وطناً حرّاً وشعباً سعيداً».

فلم يكن بلا دلالة إذاً أن يعيش طارق عزيز خارجيّاً: فقد ارتبط اسمه بالصحافة الحزبيّة، وبتعليم اللغة الإنكليزيّة، قبل أن يوصف، كوزير خارجيّة، بأنّه الوجه الديبلوماسيّ لصدّام. أمّا الصحافة الحزبيّة ومساجلاتها فأتفه من أن تشغل ضبّاطاً بعثيّين من تكريت أو «المثلّث السنّيّ» مهتمّين بإعداد انقلاب أو بإدارة زنزانة تعذيب. وأمّا الإنكليزيّة، فكانت آلاف مؤلّفة من العراقيّين تجيدها قبل البعث وتعريبه. وأمّا الديبلوماسيّة، فيما صدّام كالفيل في دكّان خزف، فلزوم ما لا يلزم. وفي آخر المطاف، فالصحافة والإنكليزيّة والديبلوماسيّة لا أكثر من زوائد، بها وبدونها يمضي في سبيله نظام أمنيّ خالص.

لقد ظلّ طارق عزيز، في ظلّ البعث «العلمانيّ»، أقرب إلى المصريّ كمال رمزي ستينو أو السوريّ جورج صدّقني، منه إلى رفاق له كعزت الدوري أو كالضبّاط الذين آلت بهم المسيرة إلى «داعش». وفي هذه الغضون عاش الرجل مظلوماً وظالماً معاً، مضطرّاً بسبب مظلوميّته، التي لا تملك لغة لها، أن يتواطأ مع الظالم وأن يساهم، ما وسعه ذلك، في تبرير ظلمه.

ومثلما عاش طارق عزيز عيشاً خارجيّاً، مات موتاً خارجيّاً، ما بين سجن أقرب إلى الجحيم ومستشفى أقرب إلى السجن. لقد سلّم نفسه إلى الأميركيّين لظنّه أنّه بريء، إذ هو مقصيّ عن القرار الفعليّ. وربّما راودته، فيما هو يغادر هذه الدنيا، فكرة عفلقيّة أصليّة مفادها أنّ المتسبّبين بموته الأشبه بالقتل لا يمكن أن يكونوا عرباً أطهاراً، إذ «الشعوبيّون» وحدهم، وقد شوّهوا أصالة العرب وفطرتهم، هم من يفعل أفعالاً كتلك. وبالتأكيد ففكرة «الأستاذ» هذه ما كانت لتبعث في صدّام أو حافظ وسائر «الأنبياء الصغار» سوى القهقهة المطنطنة على رفيق راحل مسكين سوف تُدفن جثّته في الأردنّ، جرياً على ما انتهت إليه جثث بعثيّة كثيرة.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طارق عزيز آخر العفالقة طارق عزيز آخر العفالقة



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بعد أن أصبح ١٨٪ من السكان عجائز وانخفضت القوى العاملة

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس

GMT 02:41 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصر: بروتوكول لتدريب طلاب المدارس في المنيا

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon