الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت

الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت

 لبنان اليوم -

الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت

بقلم : حازم صاغية

صحيح أنّ الثورات العربيّة انهزمت، كلٌّ بطريقتها، وإن تقاطعت تلك الطرق في غير موضع ومكان. لكنّها، على رغم الهزيمة، أحدثت في الواقع وفي العقل تغييرات لن تظهر كلّ آثارها إلاّ على مدى أبعد. فالثورة السوريّة مثلاً، بوصفها أكثر شقيقاتها دراميّةً وأكلافاً وتأثيراً في محيطها، يكفيها أنّها نظّفت التاريخ المحلّيّ، وجزئيّاً العربيّ، الذي سبق أن خطّه الدجل والتدليس. وكم يبدو اليوم كاذباً وسخيفاً مَن يبدأ التأريخ للمحنة السوريّة بنشأة «داعش» قبل سنوات ثلاث، ويتجاهل عام وراثة بشّار أباه في 2000، وعام الاستيلاء العائليّ – الطائفيّ على البلد عبر «الحركة التصحيحيّة» في 1970، وعام الاستيلاء الحزبيّ في 1963، رجوعاً ربّما إلى عام الاستيلاء العسكريّ الذي باشره حسني الزعيم في 1949.

وتنظيف كهذا ينطوي على درس علاجيّ بليغ، درسٍ يجعلنا استيعابه أذكى وأقدر على تعقّل عالمنا، مفاده رؤية العنف الناعم المقيم خلف العنف الخشن، والعنف المتدرّج والمتراكم وراء العنف المباشر الذي يأتي دفعة واحدة. إنّه درس يمنحنا عيوناً أكبر نرى من خلالها ما لم تكن تتيحه العيون.

وتنظيف التاريخ الذي يستعيد الحقيقة ويمتلكها فيما هو يشذّبها، هو، في أحد وجوهه، ما يعطي الصوت واللسان لملايين الصامتين والمدفوعين إلى صمت توارثوه جيلاً بعد جيل عن تلك التواريخ المؤسّسة للكارثة. لكنّه أيضاً ما يقدّم لهذه الملايين رواية تدحض الدجل المتراكم عن نظام «الأبد» والمساهمة الكبرى التي أسداها لـ «مقاومة الإمبرياليّة والصهيونيّة» وبقية الترّهات. وفي هذا لم تقتصر فضائل الثورة - والمقصود بها ثورة «التنسيقيّات» والسنتين الأوليين - على سوريّة: فالسوريّون الذين انتفضوا في 2011 خدموا الفلسطينيّين إذ فتحوا لهم طريق الخلاص من التلاعب المديد بهم وبقضيّتهم، بقدر ما خدموا اللبنانيّين إذ صدّعوا نظاماً ورواية ساهما بنشاط في تصديع بلدهم لبنان.

فوق هذا، لا يعود تنظيف التاريخ بالنفع على السوريّين الأحياء وحدهم. فهو يفضي إلى عدالة أكبر في الإقرار بأدوار مواطني سوريّة، المنتجين منهم والمبدعين والسياسيّين والجنود وسواهم، ممّن عاشوا وماتوا بوصفهم ضيوفاً ثقلاء الظلّ على «سوريّة الأسد». وإعادة تمليك الناس تاريخهم شرط شارط لإعادة تمليكهم بلدهم وتمكينهم فيه.

وقد يكفي الثورات، حتّى حين لا تملك الوعي الكافي بإنجازاتها، أنّها دمّرت تقليداً عربيّاً وإسلاميّاً لا تحول عراقته دون تفاهته، مؤدّاه أنّ العدوّ لا يقيم إلاّ في الخارج. فهي قالت، بمجرّد قيامها، إنّ عدوّاً، شرس العداوة، من «ذوي القربى»، يقيم في البيت ذاته. ولمّا كان نظام الأسد أكثر الأنظمة غَرْفاً من التقليد المذكور، يستخدمه علّةَ وجود له، كانت الثورة السوريّة أشدّ الثورات العربيّة تخليعاً وخلخلةً لذاك التقليد.

والذين يدافعون عن ذاك النظام، وعن العبوديّة التي رعاها، سيّئون بما فيه الكفاية. لكنّ من يفوقهم سوءاً أولئك الذين يقولون إنّهم يناهضون العبوديّة لكنّهم يتمسّكون بنظامها. هؤلاء، في أحسن أحوالهم، يرغبون بالتغيير من دون أن يحصل تغيير. يعلنون أنّهم يريدون دخول المستقبل شرط ألاّ تسقط شعرة من رأس الماضي بتراكيبه المراتبيّة الصارمة وبمزاعمه القوميّة والشعبويّة الكاذبة والموظّفة بخبث وسينيكيّة. ومن يريد المستقبل والماضي في وقت واحد ينتهي مزيِّفاً للماضي وحائلاً دون المستقبل. إنّه مجرّد عبد للحاضر، يلوّنه ويزوّقه ويحرص على إدامته وتجميله.

وهذا، بالطبع، لا يلغي مساءلة الثورة المهزومة عن أسباب هزيمتها، وتالياً مساءلة المجتمع والاجتماع السوريّين، والعربيّين، عن قدرتهما على إنتاج ثورة ورعايتها. لكنّه يلغي كلّ شكّ حول سقوط النظام الأسديّ بوصفه ضرورةً لأنّه نظام لا يليق إلاّ بالعبيد.

واليوم، فيما الروس والأتراك والإيرانيّون يقرّرون مصائر السوريّين، ينتشر في الأرض سوريّون بالملايين، سوريّون يعرفون أنّ الهزيمة لا تهزم الأمل، وأنّ الكذب لا يحجب الحقيقة إلى ما لا نهاية، وأنّ العبوديّة لن يكون لها مستقبل... هذا إذا كان ثمّة مستقبل!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت الثورة السوريّة التي نظّفت وانهزمت



GMT 17:43 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

كيف نربّي مناعة حيال إسرائيل؟

GMT 07:10 2024 الأربعاء ,02 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان المُحيّد عسكريّاً والمصارحة المطلوبة بين اللبنانيّين

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

انطباعات أوّليّة وسريعة وغاضبة على هامش الحرب

GMT 18:52 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

عن أيّام لبنان السوداء و«الشماتة» وأمور أخرى

GMT 22:13 2024 الأربعاء ,18 أيلول / سبتمبر

الحقّ الفلسطيني وحياة القادة وموتهم!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon