كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»؟

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»؟

 لبنان اليوم -

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في 1968، إبّان «ربيع براغ»، ظهرت «الموجة الجديدة» حيث ازدهرت الحياة الثقافيّة، وظهرت أفلام وكتب ومسرحيّات لم يكن من المتخيّل أن تظهر قبلاً.

التجربة تلك طحنتها الدبّابات صيف العام ذاته، وانطلقت موجة انتقام من المثقّفين وموجة هجرتهم الكثيفة إلى الخارج. يومذاك كان المسرحيّ الشابّ فاكلاف هافل أحد المراهنين على حرّيّات أكبر للبلد والشعب، ولكنْ أيضاً لأعماله المسرحيّة المخنوقة.

بعد عشر سنوات، وكان هافل يعمل في مصنع بيرة، ممنوعاً من النشاط المسرحيّ، كتب مقالة شهيرة (80 صفحة) حول الوضع السياسيّ في تشيكوسلوفاكيا أساساً، لكنْ أيضاً في بلدان أخرى. مقالته المُعنْوَنة «قوّة الذين لا قوّة لهم» تسبّبت بسوقه إلى السجن، لكنّها بعد عشر سنوات أخرى كانت أحد أسباب تولّيه رئاسة الجمهوريّة.

لقد انطلق هافل من سؤاله حول مدى ما يمكن للمجتمع أن يحرزه من سلطة وقوّة في ظلّ نظام كالنظام القائم. وكمحروم من الدفاع عن حقوقه، ساءل مفهوم القوّة: ما الذي تعنيه بالضبط المعارضة لنظام كهذا؟ ماذا تفعل؟ أيّ دور تلعبه في المجتمع، وعلى ماذا تستند؟ ولا تلبث أسئلته أن تقوده إلى استنتاج مفاده ضرورة قيام مَن لا قوّة لهم بفحص طبيعة السلطة التي يعملون في ظلّها.

وبانتقاله إلى التعريف، رأى أنّ وصف «ديكتاتوريّة» قد يطمس أكثر ممّا يوضح، مفضّلاً وصف النظام التشيكوسلوفاكيّ بـ»ما بعد توتاليتاريّ». والمصطلح هذا لا ينزع التوتاليتاريّة عن النظام، لكنّه يؤكّد ما اعتبره هافل اختلافاً عميقاً عن الديكتاتوريّات الكلاسيكيّة وعن التوتاليتاريّة كما نفهمها. ففي داخل النظام، ثمّة شبكة واسعة وكثيفة من الأدوات الحكوميّة التي تجد شرعيّتها في إيديولوجيا شاملة من «الدين المعلمَن». والشبكة هذه، بإخضاعها المواطنين، تؤدّي إلى القمع والخوف ولكنْ أيضاً إلى الرقابة الذاتيّة. هكذا، وفي الحدّ الأدنى، يُفرض الصمت على السكّان، إلاّ أنّ أموراً أخرى قد تُفرض أيضاً. ولإيضاح قصده استخدم الكاتب مَثَل بقّال يثبّت في واجهة دكّانه شعار «يا عمّال العالم اتّحدوا». فما الذي يريده البقّال من ذلك؟ هل هو فعلاً متحمّس لوحدة عمّال العالم؟ يجيب هافل بأنّ أغلبيّة أصحاب دكاكين البقالة لا يستخدمون الشعارات التي يُلصقونها بواجهاتهم للتعبير عن آرائهم، بل هم لا يفكّرون في معناها أصلاً. إنّهم يفعلون ذلك لمجرّد أنهم يفعلونه، ولأنّ كلّ شخص يفعله منذ سنوات، إذ هذه هي الطريقة التي تسير الأمور بموجبها فتُستأنَف الحياة الآمنة من دون متاعب واتّهامات.

والحقّ أنّ هافل لم يقدّم إضافة نوعيّة في فهم التوتاليتاريّة، لكنّه قدّم مساهمة جديدة في ما يخصّ المجتمع المدنيّ والمسؤوليّة الأخلاقيّة بوجهيها الخاصّ والعامّ.

فإذا كان النظام يعيش في كذبة، فارضاً على المواطنين العيش فيها، فإنّ العيش في الحقيقة هو ما يهدّده، إذ يُعَدّ أقوى معارضة لنظام يمنع السياسة.

وما يعنيه هافل بالمصطلح هذا هو الحياة التي تقوم على التعبير الحرّ والعمل، بحيث يسعى الناس أخلاقيّاً إلى تحسين شروطهم، فيما يتعدّى نشاطُهم العامّ السياسةَ إلى «نشاطات قبل سياسيّة».

و»العيش في الحقيقة»، في ظلّ نظام من الكذب، يعني أن يكون الإنسان جيّداً، محترماً ولطيفاً ومهتمّاً بالآخرين. وأمر كهذا قد يبدو تبشيراً مسيحيّاً، أو ربّما عديم التأثير، إلاّ أنّ أهميّته تنبع من أهميّة بناء نُوى جديدة لمجتمع جديد في صلب العلاقات القائمة. لهذا ينبغي دائماً اختيار السلوك الجيّد ومطابقة الأفعال والأقوال والسعي إلى الأفضل في العمل. فأن تُجيد عملك هو أن تتحدّى تلك السلطة، لأنّك تؤكّد بذلك قوّتك داخل بُنية تمنعك من أن تؤكّدها. وإذا كان للعمل السياسيّ تأثيره المؤكّد، فاقترانه بأعمال قبل سياسيّة، تحضنها بُنى موازية، إنّما يعزّزه ويقوّيه. والحال أنّ الحياة المستقلّة والصادقة لا تلبث أن تجد بُناها، أو تغدو هي نفسها بُنى موازية لبنى السلطة، يعيش فيها أولئك الذين يعيشون في الحقيقة، ويتشاركون البحث عن أهداف مشتركة. لهذا، وفي مقابل انعدام التأثير ضمن نقابة قائمة، لا بدّ من إنشاء نقابة أخرى موازية. والشيء نفسه يصحّ في الإعلام والإدارات المحلّيّة وبعض النشاطات الاقتصاديّة. فالبُنى الموازية هذه لا تلبث، مع الزمن، أن تندمج وتتّحد لتغدو مجتمعاً موازياً، تتشكّل فيه سلطة فعّالة من الأدنى إلى الأعلى، وفي النهاية تجبر السلطة على التعامل معها في ظرف ما. ولا بأس هنا بالتذكير بأنّ مقالة هافل سبقت بعامين تأسيس حركة «تضامن» العمّاليّة البولنديّة التي فُرض على السلطة بعد عشر سنوات أن تفاوضها ثمّ تسلّمها السلطة.

بهذا كان هافل ينطق بلسان الطموحات الرفيعة لشعبه، مؤكّداً على المسؤوليّة واحترام الحقيقة والثقة بأنّ التصرّف الفرديّ الحرّ يوسّع احتمالات الحرّيّة للجميع، دافعاً مواطنيه لاحتضان هذه القيم في ذواتهم.

لكنّ اختيار العيش في الحقيقة لا يمرّ من دون مصاعب. وأوّل المصاعب تلك أنّ ما يبدأ أداءً جيّداً للعمل واحتراماً لأخلاقيّة المهنة قد ينتهي اتّهاماً بالعداء للنظام وللمجتمع. لكنْ يبقى للمواطن أن يختار: هل يبقى مقيماً في الأكاذيب أم يعيش في الحقيقة مع ما يرافق ذلك من تضحيات؟ وتفضيل الخيار الثاني هو ما يعلن عن وجود سلطة ذاك المواطن المحروم من السلطة والقوّة!

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة» كيف تعيش كمنشقّ يقيم «في الحقيقة»



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon