في أنّ حافظ الأسد حي جدّاً في هذه الحرب الملعونة
أخر الأخبار

... في أنّ حافظ الأسد حي جدّاً في هذه الحرب الملعونة

... في أنّ حافظ الأسد حي جدّاً في هذه الحرب الملعونة

 لبنان اليوم -

 في أنّ حافظ الأسد حي جدّاً في هذه الحرب الملعونة

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

مَن يحضرون الحروب لا يقتصرون على من يخوضونها ومن يكونون ضحاياها ويتلقّون تأثيراتها أو يراقبون مساراتها. مَن يحضرون الحروب هم أيضاً أشخاص أو رموز يتمّ استدعاؤهم لهذا السبب أو ذاك. في الحروب الدينيّة مثلاً يُستنجَد بالأنبياء والرسل وشهداء الأديان والرموز المقدّسة ويؤتى بهم إلى المعارك الطاحنة، وفي الحروب القوميّة يُستحضر الأبطال القوميّون أو رموز الأمّة والشعب في التاريخ، فعليّاً كان هذا التاريخ أو وهميّاً. هكذا تتّسع حياة الحرب لموت كثير ولموتى كثيرين، وقد يظهر مؤرّخون أو مجرّدُ متذكّرين يجدون في أحداث الأمس القديم ما يشبه أحداث الحرب، وفي أشخاص ذاك الأمس من يشابهون مجريات الحرب أو مَن تفيد تجاربهم أو مواقفهم في فهمها.

وبهذا المعنى يجوز لنا القول إنّ الرئيس السوريّ الراحل حافظ الأسد حيّ جدّاً وفاعل جدّاً في هذه الحرب المجرمة على قطاع غزّة، حيث يقف وراء المجرم الإسرائيليّ المنظور صفٌّ طويل من المجرمين غير المنظورين.

وهو حيّ بمعانٍ كثيرة ومتفاوتة قد يكون أبسطها ما ذكّرنا به مؤخّراً حسين عبد اللهيان في خطابه في الأمم المتّحدة. فوزير خارجيّة إيران إذ أكّد استعداد «حماس» لتسليم إيران الرهائن الإسرائيليّين، حرّك في ذاكراتنا نهج الأسد في الثمانينات اللبنانيّة، حين كان الرعايا الأجانب يُخطفون في بيروت ثمّ تتّجه دولهم إلى مفاوضة دمشق ومفاوضة طهران. فإذا حُرّر مخطوف كان أوّل ما يفعله توجيه الشكر لـ»سيادة الرئيس المناضل» حافظ الأسد.

والأخير تُذكّرنا به حرب غزّة من زاوية أخرى. فإذا صحّ أنّ الحرب المذكورة هي النتاج الانفجاريّ لتاريخ مديد من تعطيل السياسة والجهد الديبلوماسيّ، ومن محاصرة التسويات، صحّ أنّ الأسد هو الذي عمل لعقود، بدأب وبلا كلل أستاذيّين، على تعطيل كلّ مسار سلميّ أو تسوويّ في المنطقة. فهو ابن الحزب الذي أحبط محاولة الحبيب بورقيبة في أواسط الستينات، وهو سيّد الحزب الذي قاد مهمّة التشهير بكامب ديفيد المصريّ – الإسرائيليّ منذ 1978، وإسقاط اتّفاق 17 أيّار اللبنانيّ – الإسرائيليّ، ثمّ ضرب مشروع السلام الأردنيّ – الفلسطينيّ في أواسط الثمانينات، وفي التسعينات، وبمشاركة إيران والمتطرّفين الإسرائيليّين، حوّل اتّفاق أوسلو الفلسطينيّ – الإسرائيليّ إلى جثّة.

لكنّ الأسد هو أيضاً من سادة المدرسة التي تحجب الأنظار عن النفس وتركّزها على فلسطين. وللغرض هذا يُوظَّف جهاز كلاميّ ومفهوميّ موسّع يقع في حبائله بعض معارضيه وضحاياه أنفسهم، فيروحون يتفنّنون في وصف المعركة الأبديّة مع «الإمبرياليّة والصهيونيّة»، ونُرحّل جميعاً إلى مواضٍ باتت سحيقة كان أبطالها بلفور وسايكس وبيكو وزملاؤهم.

وفي هذا التركيز المنهجيّ والصاخب على المجرم المباشر المنظور، الذي هو إسرائيل، يمضي كثيرون من المجرمين غير المباشرين في إجرامهم، لا بحقّ شعوبهم فحسب، بل بحقّ الفلسطينيّين أيضاً.

وهذا كلّه إنّما يعود بنا إلى الدروس التي جعلتها مدرسة الأسد عِلماً ذهبيّاً، لا سيّما خلط الحدود الوطنيّة وتجاوز سيادات البلدان وتحويل الميليشيات إلى جيوش، وذلك باسم القضيّة التي لا يستنكف عن خوضها وتحمّل آثارها إلاّ سوريّا الأسد.

لكنّ أهمّ ما خلّفته التركة الأسديّة، وهو شديد الحضور والوطأة في الحرب الراهنة، فهو استراتيجيّة حافظ الأسد التي عادت عليه بصفة «الذكاء الاستراتيجيّ» الخارق وغير المسبوق. ذاك أنّ الرئيس الراحل عُرف بأنّه يتورّط في مواجهة إسرائيل والولايات المتّحدة تورّط حدّ أدنى مدروس بينما يترك تورّط الحدّ الأقصى المفتوح لـ «الساحات» الأخويّة، في لبنان والعراق وفلسطين وسواها. وبعد خطاب يوم الجمعة الماضي الذي ألقاه أمين «حزب الله» العامّ يتبدّى كأنّ الأخير أعلن نفسه تلميذاً نجيباً لذاك المبدأ، لكنْ مع انقلاب في الأدوار. فبعد أن انتقلت قيادة «محور المقاومة» من دمشق إلى الضاحية الجنوبيّة لبيروت، صار لبنان مسرح تورّط الحدّ الأدنى المدروس فيما باقي «الساحات» مسرح تورّط الحدّ الأقصى المفتوح، لا سيّما منها سوريّا المستباحة، في شرقها وجنوبها ومطاراتها. وليس قليل الدلالة أنّ الخطاب نفسه انتفخ بالإشارات إلى «الفصائل العراقيّة» وبالوعود السخيّة حول ما يمكن أن يرتّبه حضور الحوثيّين اليمنيّين في الصراع المصيريّ، هم الذين لا بدّ أن يأتي يوم تصيب فيه صواريخهم أهدافها.

وفي هذه الغضون تمضي المقتلة الغزّاويّة في سبيلها، ونعلن أنّ الله إنّما منّ علينا بقادة عظماء وخالدين، لا نستحقّهم نحن الشعوب العاديّة التي تموت وتُقتل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

 في أنّ حافظ الأسد حي جدّاً في هذه الحرب الملعونة  في أنّ حافظ الأسد حي جدّاً في هذه الحرب الملعونة



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم
 لبنان اليوم - أمير كرارة يخوض تجربة المنصات الرقمية للمرة الأولى

GMT 22:19 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحوت الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 10:52 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

مناخا جيد على الرغم من بعض المعاكسات

GMT 14:02 2020 الثلاثاء ,20 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الثور الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 19:59 2024 السبت ,07 كانون الأول / ديسمبر

اتجاهات أزياء الكريسماس 2024 تجمع بين الفخّامة والبساطة

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 07:02 2024 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

جولة على أهم المتاحف والمعارض الفنية العالمية والعربية

GMT 09:33 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 18:43 2022 الخميس ,03 آذار/ مارس

«حزب الله» وسيناريو إطاحة الانتخابات!

GMT 16:13 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

«غوتنبرغ» السينمائي يقام على جزيرة معزولة

GMT 01:05 2017 الإثنين ,03 تموز / يوليو

دار Diane Von Furstenberg تقدم مجموعة من حقائب 2017

GMT 11:10 2020 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

مصر توقّع 9 اتفاقات للتنقيب عن النفط باستثمارات عملاقة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon