وداعاً للحرب مع إسرائيل

وداعاً للحرب مع إسرائيل؟

وداعاً للحرب مع إسرائيل؟

 لبنان اليوم -

وداعاً للحرب مع إسرائيل

حازم صاغية

أن لا تعلن إسرائيل عن غارة عسكرية أغارتها جواً على «حزب الله»، فهذا ليس مستغرباً، ذاك أن الإنجاز بالنسبة إلى الدولة العبرية يتقدم على الإعلان. ولضمان أن يبقى الإنجاز متقدماً، يناقش الإسرائيليون كل حرف يصدر عن خصومهم، ويضعون كل الفرضيات ويعملون بموجبها كي لا يتأذى مواطن من مواطنيهم، وكي يبقى الإنجاز أولاً. أما ألا يعلن «حزب الله» عن الغارة إلا متأخراً وبشكل مقتضب، فلا يحاول استخدامها لتوكيد استمرار الحرب بينه وبين إسرائيل، ولا يجد فيها فرصة جديدة للتذكير بمظلوميته حيال عدو صلف، فهذا ما يدعو إلى الاستغراب. يفاقم الاستغرابَ هذا أن الحزب ينتسب إلى ثقافة تمنح الأولوية للإعلان على الإنجاز، إلى الحد الذي يغدو الإعلان نفسه إنجازاً. لقد كان في وسع الحزب أن يقتنص فرصة ضربه، جرياً على تقليد عريق، فيذكرنا مجدداً بأنه الضحية وأن عدوه الجلاد، وبأن حربه في سورية لم تُلهِ إسرائيل عنه لأنها لم تُلهِه عن فلسطين. وهكذا ينساب الاستنتاج المنطقي: إذاً المعركة واحدة ضد الإسرائيليين وضد التكفيريين في سورية. فوق هذا، فالحزب الذي اعترف بالعملية اعترافاً مقتضباً ومتأخراً، وعد بالرد «في المكان والزمان المناسبين». ومن يعرف معنى العبارة التي اختُبرت ألف مرة من قبل، يعرف أن الحزب لن يرد إلا على نحو يتيح التملص من «الرد». العصافير التي في يده تُركت إذاً حرة طليقة. تم التركيز فقط على العصفور الذي في الشجرة: إن إسرائيل التي تناقش البيان وتفكر في احتمالاته «مصابة بالذعر والهلع»! أغلب الظن أن ما حدث قبل أيام في مكان ما على الحدود السورية– اللبنانية غير المرسّمة، خطوةٌ متقدمة على طريق الانسحاب من الحرب مع إسرائيل، وهو انسحاب بدأ مع صدور القرار الأممي 1701، بعد حرب 2006، مقفلاً جبهة الجنوب ومساوياً بينها وبين جبهة الجولان السورية- الإسرائيلية. ومنعاً لأي التباس، فإن ذاك الانسحاب خطوة إيجابية محمودة. ما ليس كذلك هو الاستغراق في حرب أخرى هي تلك الدائرة في سورية. بهذه الأخيرة يعبر بنا حزب كـ «حزب الله»، مُقدرٌ عليه العيش في الحروب واستحالة العيش بلا حروب، مرحلة انتقالية تستحق التأمل والتفكير، ذاك أن ظهور هذا الحزب مسبوقاً بقيام النظام الخميني في إيران، تلازم مع ضمور المقاومة الفلسطينية التي قوضها اجتياح إسرائيل للبنان في 1982. آنذاك مثلت مقاومته الناشئة ظاهرة استبدالية حل فيها الشيعي محل السني، واللبناني محل الفلسطيني، والإيراني محل الدول العربية. والاستبدال هذا خدم وظائف عدة، بينها توفير غطاء عربي لإيران في حرب الثمانينات بينها وبين العراق، ثم توفير جسر لها إلى المشرق، وتكريس الهيمنة السورية على الموضوع الفلسطيني– الإسرائيلي بإضعاف منظمة التحرير الفلسطينية وتصفية حلفائها اللبنانيين. في هذا تصرَّفَ «حزب الله»، ومن ورائه طهران، تصرُّفَ المزايد في الشأن المسمى قومياً، والمصطبغ تقليدياً بالأكثرية السنية. أما الآن، فبات هذا الميل الاستبدالي يفتقر إلى الحاجة إليه، ذاك أن انفجار الطوائف وعري حروبها حاصرا مساعي التزوير الأيديولوجي، فيما «العرب» لم تعد لديهم «قضية قومية أولى» أصلاً. وفي المعنى هذا، بات من يكسب على الجبهة تلك لا يكسب شيئاً يُعتد به، فكيف وأن النظامين الراعيين للحزب تغيرت ظروفهما واعتباراتهما: فالنظام السوري أضحى يخوض معركة وجوده ذاته، ما ضيق مساحاته السابقة في امتهان القومية والعروبة وفلسطين وتسليعها. أما النظام الإيراني، المعني بتحسين موقعه التفاوضي حيال الغرب، فبات مهتماً بورقته السورية التي قد تخدم التفاوض بقدر عنايته بالتنصل من الورقة الفلسطينية التي لا تخدمه. وهكذا، إذا كان ما حققه القرار 1701 هو أن الحزب لم يعد يؤذي إسرائيل، فإننا الآن نشهد على صمته عن إيذاء إسرائيل له. وتقليد جبهة الجولان من خلال 1701 لا يكتمل بغير نسخ عبارة «في المكان والزمان المناسبين».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وداعاً للحرب مع إسرائيل وداعاً للحرب مع إسرائيل



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon