مسيحيّون وعلويّون و»حماية أقليّات»

مسيحيّون وعلويّون و»حماية أقليّات»

مسيحيّون وعلويّون و»حماية أقليّات»

 لبنان اليوم -

مسيحيّون وعلويّون و»حماية أقليّات»

حازم صياغة

مع الفرحة بإطلاق سراح راهبات معلولا في سوريّة، كائنةً ما كانت الصيغة التي حكمت تحريرهنّ، حضرت في ساحة التبادل الإعلاميّ والكلاميّ عواطف صادقة ونبيلة كالرغبة في أن يُطلق سراح جميع المخطوفين والمخطوفات في سوريّة، كائناً من كان المخطوف وكائناً من كان الخاطف. كذلك حضرت مواقف حيال «جبهة النصرة» ومثيلاتها الإرهابيّة والتكفيريّة التي غدت، لا عبئاً ثقيلاً على الثورة فحسب، بل عبئاً قاتلاً على المجتمع السوريّ برمّته. لكنْ أيضاً حضرت بقوّة تلك النظريّة، التي لم تغادر ساحة التداول أصلاً، عن النظام السوريّ بوصفه «حامي الأقلّيّات الدينيّة»، أمّا آخر البراهين القاطعة فتحريره بعض أسراه كرمى لراهبات معلولا. وسط هذه المعمعة نقل «المرصد السوريّ لحقوق الإنسان» ما يفيد بوجود «استياء شديد في مناطق في محافظات طرطوس واللاذقيّة (غرب) وحمص وحماه (وسط)، تقطنها غالبيّة من الطائفة العلويّة، من قيام النظام بعمليّات تبادل مختطفين إيرانيّين أو لبنانيّين، مقابل الإفراج عن معتقلين ومعتقلات في سجونه، بينما رفض في حالات كثيرة، عمليّات تبادل مختطفين مدنيّين من أبناء الطائفة العلويّة، مقابل الإفراج عن معتقلين من معتقلاته وسجونه، وأيضاً رفض عمليّات تبادل أسرى من القوات النظاميّة وعناصر من «قوات الدفاع الوطنيّ» الموالية له من أبناء الطائفة العلويّة، مقابل الإفراج عن معتقلين» وما تشي به الفقرة أعلاه يقول بكلّ الوضوح اللازم أنّ المسألة لا هي «حماية أقليّات دينيّة» ولا من يحزنون. فنحن، هنا، أمام استخدام آخر للنظريّة التي قام عليها النظام الأسديّ منذ ولادته في 1970، ومفادها تغليب الخارج، بصفقاته و»أوراقه» وبيعه وشرائه، على الداخل، لا سيّما بناء علاقات صحّيّة بين جماعاته الأهليّة. ذاك أنّ الاستعداد لـ»التضحية» في سبيل تحرير الراهبات يخدم خطّة النظام في مخاطبة الرأي العامّ الغربيّ وفي إقناعه بـ»إنسانيّته» وبأنّه «يحمي الأقلّيّة المسيحيّة» من التعصّب والإرهاب. ولا تُنسى صرخة بثينة شعبان، إبّان مؤتمر جنيف 2، مخاطبةً ما يتراءى لها أنّه «الغرب»: ألستم مسيحيّين؟ والحال أنّ الشكّ في هذه العواطف حيال راهبات معلولا جائز تماماً حين يكون صاحب العواطف أخصّائيّاً في استخدام البراميل المتفجّرة والأسلحة الكيماويّة وإلقائها على الأطفال والنساء وباقي المدنيّين الأبرياء، فضلاً عن استعمال سلاح التجويع على نطاق واسع، وفقاً لآخر التقارير الصادرة عن «منظّمة العفو الدوليّة» (أمنستي إنترناشونال). لكنّ الشكّ في العواطف تلك يقوم على ما هو أبعد، أي على التكوين التراتبيّ – الطائفيّ الذي رعاه وعمّقه نظام «حماية الأقلّيّات الدينيّة». فحين يظهر «استياء شديد» في مناطق يقطنها علويّون، فهذا يُظهر أمرين متلازمين: فأوّلاً، ينمّ ذلك عن فائض التمثيل الذي يمارسه النظام حيال أبناء الطائفة العلويّة. فهو «يمون عليهم»، وهم «في جيبه»، أي أنّه يملكهم إلى حدّ لا ينطبق حتّى على المسيحيّين ممّن يقال إنّ أكثريّتهم تواليه. وفائض التمثيل هذا كاشف لا يخطىء في دلالته على طائفيّة النظام وعلى تصوّره للمجتمع السوريّ مجتمعاً من المعازل الطائفيّة تحكم العلاقةَ بها سياسات التقريب والتبعيد. وثانياً، ولأنّ العلويّين لا يمكن استخدامهم كسلعة خارجيّة، على ما هي حال المسيحيّين من جهة والإيرانيّين من جهة أخرى، يُترجَم فائض التمثيل، في المنعطفات الحرجة، فائضاً في التفريط بهم وبحقوقهم وحياتهم. إنّ «الطليعة» هنا، ومرّة أخرى، تخون «البروليتاريا» التي قرّرت أن «تمثّلها»، أو أنّ مَلاّك العبيد، حين استبدّت به الحاجة، باع من يعتبرهم عبيده. ونظام يفترض هذه المراتبيّة المحكمة بين الطوائف، وداخل الطائفة الواحدة، كما يعمل بموجبها ويسعى إلى تكريسها، ليس النظام الذي يقال فيه إنّه «حامي الأقلّيّات الدينيّة».

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسيحيّون وعلويّون و»حماية أقليّات» مسيحيّون وعلويّون و»حماية أقليّات»



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon