ديكتاتور صنعته الديموقراطيةفانصاع لها
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

ديكتاتور صنعته الديموقراطية...فانصاع لها!

ديكتاتور صنعته الديموقراطية...فانصاع لها!

 لبنان اليوم -

ديكتاتور صنعته الديموقراطيةفانصاع لها

خيرالله خيرالله

بعد ايّام يودّع العالم مارغريت تاتشر. هناك في لندن من احتفل بوفاة من لقبتها الصحف البريطانية بـ"السيّدة الاولى" من دون ان يوجد من يعترض على ذلك او يتعرّض للملاحقة. كان الاحتفال بالحدث علنيا في بلد لا حرمة فيه لكلّ ما له علاقة بالسياسة من قريب او بعيد، حتى لو كان الامر يتعلّق بالاختلاط بين السياسة والموت وحرمته. لكنّ الاكثرية في المملكة المتحدة كانت حزينةواعتبرت أن بريطانيا لم تفقد المرأة الوحيدة التي شغلت موقع رئيس الوزراء فحسب، بل فقد ايضا المرأة التي اعادتها الى الخريطتين الاوروبية والعالمية. فقدت خصوصا شخصية استطاعت تحديد الخط السياسي والاقتصادي الذي بات على أي حكومة التزامه. لم تكتف مارغريت تاتشر بتغيير حزب المحافظين الذي كانت تنتمي اليه، بل غيّرت ايضا حزب العمال الذي يتناوب معه على تشكيل الحكومة. غيّرت بريطانيا كلّها معتمدة على رؤيتها الواضحة للامور وعنادها. كان التغيير الذي قامت به تاتشر عميقا. بلغ من العمق درجة  توجّب معها على العمّالي توني بلير، كي يفوز حزبه في انتخابات العام 1997، اعتماد النهج الليبيرالي الذي اختطته تاتشر. اضطر بلير، كي ينتصر على المحافظين، الى خوض الانتخابات تحت تسمية "حزب العمال الجديد"، أي حزب العمّال الآخر المختلف كلّيا عن الحزب الذي هزمته تاتشر ثلاث مرّات متتالية بين 1979 و1990 تاريخ مغادرتها 10 داونيننغ ستريت. هناك بريطانيا ما قبل مارغريت تاتشر وبريطانيا ما بعد مارغريت تاتشر. قبل مارغريت تاتشر،  كانت بريطانيا في طريقها الى ان تصبح دولة من العالم الثالث، خصوصا أنها بدأت تتحول دولة اشتراكية غير قادرة على مجاراة الدول الاوروبية المتقدمة، وذلك بعدما غرقت في الازمة الناجمة عن فقدانها مستعمراتها الواحدة تلو الاخرى وصولا الى الخروج من كل منطقة الخليج في مطلع السبعينات بعد خسارة عدن في العام 1967. فهمت مارغريت تاتشر أن على بريطانيا العيش في عالم جديد وأنّ عليها الخروج من عقد الماضي. انتصرت اقتصاديا بأن وجدت لبلدها مكانا على الخريطة الاقتصادية العالمية في غياب القوة العسكرية التي باتت من ذكريات الماضي القريب. حوّلت بريطانيا نفسها بكل بساطة الى حليف متميّز للولايات المتحدة بعد الاعتراف بأنها القوة العظمى الاولى في العالم. وعزّزت تاتشر بسياستها الاقتصادية والنقدية مكانة لندنكاكبر سوق مالية في العالم. حطّمت مارغريت تاتشر تصلّب النقابات العمالية وممارساتها التقليدية المتحجرة التي كانت تقف حاجزا دون تقدّم الاقتصاد البريطاني وخلق وظائف جديدة فيه، لا سيّما في قطاعات التكنولوجيا المتقدّمة. كان ذلك مؤلما بالنسبة الى الطبقات الفقيرة. لكنّ هذه الطبقات التي عانت من قساوة "المرأة الحديد" لفترة، اكتشفت مع الوقت أنه لم يكن هناك من خيار آخر، في حال كان مطلوبا تجنّب انزلاق بريطانيا الى الاسوأ...أي الى الفقر والبؤس. اخترعت مارغريت تاتشر دورا لبريطانيا. كانت ديكتاتورا بالفعل. لم يثنها شيء عن السير الى النهاية في الخط السياسي والاقتصادي الذي انتهجته، خصوصا بعدما اقامت علاقات متميّزة مع الولايات المتحدة في عهد رونالد ريغان ثمّ في عهد جورج بوش الاب. حاربت مع ريغان الاتحاد السوفياتي وساهمت في اسقاطه كما كانت بين الاوائل الذين لفتهم شخص اسمه ميخائيل غورباتشوف عندما كان لا يزال عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفياتي في العام 1984. أما مع بوش الاب، فقد لعبت دورا اساسيا في جعله يتخذ موقفا حازما وحاسما من صدّام حسين في اللحظة التي بدأ فيها جيشه عملية غزو الكويت في الثاني من آب- اغسطس 1990. عندما اضطرت مارغريت تاتشر الى مغادرة 10 داونينغ ستريت في الثامن والعشرين من تشرين الثاني- نوفمبر 1990، ذرفت دمعة. كانت عاشقة للسلطة، لكنها كانت تعرف أن أهمّ ما في بريطانيا هو مؤسساتها الديموقراطية. عرفت أين يجب أن تتوقف وعرفت خصوصا أنه لم يكن في استطاعتها القيام بالاصلاحات التي قامت بها لولا الديموقراطية البريطانية. انتهت، بعد احد عشر عاما في موقع رئيس الوزراء، ديكتاتورا لم يكن لديه من خيار غير الانصياع للديموقراطية! مارست مارغريت تاتشر الديكتاتورية في ظلّ الديموقراطية. اتخذت قرارات صعبة وقاسية احيانا مستندة الى الاكثرية النيابية التي كانت تحظى بها. ولكن عندما دقّت ساعة الرحيل عن موقع رئيس الوزراء، باصوات قادة حزبها بالذات، لم يكن امامها سوى العودة الى منزلها تاركة خلفها بريطانيا جديدة. انها بريطانيا التي تعرف قبل غيرها أن العالم لا يرحم الدول التي  لا تجد لنفسها دورا ان على الصعيد الاقليمي او على الصعيد الدولي. كان على بريطانيا البحث عن هذا الدور والاستفادة من كلّ الفرص المتاحة في غياب القدرة على بناء قوة عسكرية قادرة على منافسة الولايات المتحدة وقبل ذلك الاتحاد السوفياتي الذي انهار رسميا في العام 1991. تكمن عبقرية مارغريت تاتشر في أنها استطاعت اتخاذ قرارات صعبة وغير شعبية في احيان كثيرة معتمدة على مبادئ آمنت بها. في مقدّم هذه المبادئ اقتصاد السوق وخفض الضرائب، حتى على الاغنياء، والتركيز على اهمّية انصراف المواطن الى العمل بشكل جدّي بدل الاتكال على مساعدات مصدرها صناديق الدولة، وهي مساعدات كانت تشجع احيانا العاطلين عن تفادي القيام بأي جهد بحثا عن وظيفة. نقلت الدولة البريطانية من مكان الى آخر من دون أن يؤثّر ذلك على الخدمات الاساسية المفترض توفيرها للمواطن مثل الطبابة. في المقابل لم تتردد في النظر الى بعيد. يكفي أنها ادركت باكرا أن الاتحاد السوفياتي ذاهب الى الانهيار لاسباب اقتصادية أوّلا وادركت أن لا مكان لبريطانيا في العالم الجديد من دون دور اقتصادي. دخلت التاريخ من ابوابه العريضة بصفة كونها، الى جانب ونستون تشرشل، ابرز شخصية بريطانية في القرن العشرين...وربّما في القرن الواحد والعشرين ايضا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ديكتاتور صنعته الديموقراطيةفانصاع لها ديكتاتور صنعته الديموقراطيةفانصاع لها



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon