رفيق الحريري في ذكراه لبنان يقاوم

رفيق الحريري في ذكراه... لبنان يقاوم

رفيق الحريري في ذكراه... لبنان يقاوم

 لبنان اليوم -

رفيق الحريري في ذكراه لبنان يقاوم

خيرالله خيرالله

المطلوب قتل رفيق الحريري يوميا. المطلوب قتل لبنان. الرجل يرمز الى لبنان. أنه اكثر من رمز. أنّه تجسيد لثقافة الحياة في منطقة لم يعد فيها مكان سوى لثقافة الموت التي تستهدف القضاء على كلّ ما هو عربي، بالمعنى الحضاري للكلمة، وكلّ ما يجسّد صيغة العيش المشترك التي سعى رفيق الحريري الى جعل لبنان نموذجا لها. اكثر من أيّ وقت يفتقد لبنان ومعه سوريا والعرب رفيق الحريري. غاب رفيق الحريري قبل ثماني سنوات. يتأكد اليوم أن اغتياله استهدف تغييب لبنان ومنع عودة الحياة اليه. تكفي زيارة قصيرة لبيروت، حيث كلّ شيء حزين، بدءا بالمطار وانتهاء بالفنادق والمطاعم والملاهي وكلّ ما له علاقة بالفن والادب والثقافة... والسياسة، للتأكد من ذلك. كم السياسة حزينة في لبنان الذي كان قادرا على ان يكون مثالا على تطوّر الحياة الاجتماعية بفضل ما يمتلك من جامعات، فاذا به اسير لعبة اقليمية سلاحها الاوّل المذهبية التي يعمل كلّ يوم حزب مسلّح على ترسيخها داخل المجتمع...في غياب الوعي العربي، عموما، لاهمّية عدم ترك لبنان يسقط في الفخّ الايراني. من حيث هو يخيف رفيق الحريري الذين اغتالوه، لا لشيء، بل لأنّه ما زال يمثّل المقاومة الحقيقية للمجتمع اللبناني في وجه ثقافة الموت والبؤس التي تجسدها حكومة "حزب الله". ولذلك، ما زال يخيف الذين خططوا وتآمروا والذين نفّذوا عملية اغتياله. يخيفهماكثر وجود سعدالدين رفيق الحريري الذي يؤكد كلّ يوم أن المقاومة لن تستلم وأن في استطاعة زعيم لبناني ان يكون خارقا للطوائف والمناطق وان يسمّي الاشياء باسمائها محددا مصدر العلة المتمثل بسلاح "حزب الله" وهو سلاح ايراني قبل اي شيء آخر يستخدم في عملية ابتزاز الدولة اللبنانية والسيطرة على مواردها ومؤسساتها ومرافقها...  ولأنّ رفيق الحريري ما زال يخيف القتلة، على هؤلاء تكرار جريمتهمكلّ يوم بل كلّ ساعة، نظرا الى أنّ هناك من يقاوم. هذا عائد الى أن رفيق الحريري موجود في كل حجر من حجارة بيروت وكلّ مدينة وبلدة وقرية لبنانية. لكنّه موجود قبل ذلك في قلب الانسان اللبناني وضميره، موجود في قلب كلّ مسيحي ومسلم يؤمن بلبنان وفي وجدان كلّ مسيحي ومسلم يدرك أن لا مستقبل له ولابنائه خارج لبنان. شئنا ام ابينا، تشير الارقام الى أن قسما كبيرا من اللبنانيين، خصوصا من المسيحيين، الذين تكفلت حروب ميشال عون بتهجيرهم، عاد الى لبنان في مرحلة ما بعد المباشرة بمشروع الانماء والاعمار الذي باشره رفيق الحريري. شئنا ام ابينا ايضا، وبلغة الارقام ايضا، عاد لبنان الى خريطة الشرق الاوسط بعدما استطاع رفيق الحريري اعادة بناء وسط بيروت وتحويله مكانا يلتقي فيه لبنانيون من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق والطبقات الاجتماعية. شئنا ام ابينا، ايضا وايضا، علينا الاعتراف بأنّ العملعلى اعادة بناء البنية التحتية للبنان توقّف بمجرد تفجير موكب رفيق الحريري. كان ولا يزال مطلوبا توقّف عقارب الساعة في لبنان. اكثر من ذلك، مطلوب اعادة العقارب الى خلف كي يبقى لبنان "ساحة". بعد اغتيال رفيق الحريري ورفاقه يوم الرابع عشر من شباط- فبراير 2005، لم يتصوّر القتلة أن الجريمة سترتد عليهم. كان الاعتقاد السائد لدى القتلة أنّ منطقهم سينتصر. ماذا حصل بعد اغتيال كمال جنبلاط او بشير الجميّل او المفتي حسن خالد اورينيه معوّض؟ لم يحصل شيء. ولذلك، كان رئيس الجمهورية، في العام 2005، (اميل لحود) على عجلة من امره كي يجري التخلص من معالم الجريمة. طلب تنظيف المسرح "كي يعود الناس الى اشغالهم". الناس لم يعودوا الى اشغالهم. اخرج اللبنانيون القوات السورية من لبنان بعد شهرين واسبوع من اغتيال رفيق الحريري. عندئذ، بدأ القتلة يعيدون حساباتهم. ارادوا تغطية الجريمة بجرائم اخرى، فكان اغتيال الاخ والزميل سمير قصير الذي جسّد المقاومة التي تصدّت لقتلة رفيق الحريري. كان سمير قصير أوّل من تحدث عن "ربيع دمشق"، الذي لا بدّ أن ياتي يوما وفي اسرع بكثير مما نعتقد. كان اغتيال رفيق الحريري تعبيرا عن عمق الازمة التي يعيشها النظام السوري من جهة وعن حجم الطموحات الايرانية على الصعيد الاقليمي من جهة اخرى. لذلك، سارعت ايران، عن طريق الميليشيا التابعة لها في لبنان، الى ملء الفراغ الناجم عن الانسحاب العسكري والامني السوري من لبنان. منذ الانسحاب السوري من لبنان، نتيجة اغتيال رفيق الحريري، لم يتوقف المحور الايراني- السوري عن السعي الى تغطية الجريمة من منطلق أن في الامكان افتعال احداث تجعل من التخلص من رفيق الحريري مجرد حادث عابر... وكأنّ الرجل قضى في حادث سير. كانت موجة الاغتيالات التي استهلت بسمير قصير بداية مسلسل لم يتوقف الى اليوم. لا يزال طيف رفيق الحريري يلاحق القتلة. لم تنفع الجرائم التي طاولت اللبنانيين الشرفاء في محو آثار الجريمة الاساسية. لم تنفع في ذلك حرب صيف العام 2006 التي افتعلها "حزب الله" ولا تحويله ميشال عون، وما شابه ذلك،الى اداة لديه. لم يجد النظام السوري الاتيان بـ"فتح الاسلام" الى مخيّم نهر البارد في محاولة لاقامة "امارة اسلامية" في شمال لبنان بدعم مكشوف من "حزب الله". قال الامين للحزب الايراني، وقتذاك، أنّ نهر البارد "خط احمر". لكنّ الجيش اللبناني استطاع في النهاية وبدعم من العرب الشرفاء السيطرة على الفتنة التي اراد النظام السوري افتعالها. لم ينفع الاعتصام في وسط بيروت في شيء باستثناء تعطيل الاقتصاد اللبناني وتهجير مزيد من اللبنانيين من لبنان. لم ينفع غزو بيروت والجبل في ايار- مايو 2008 في شيء، اللهم الاّ اذا كان المطلوب اخضاع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط. وقد حصل ذلك بالفعل تمهيدا لتشكيل حكومة ملحقةبـ"حزب الله" برئاسة الشخصية السنّية الطرابلسية المعروفة. فشل القتلة في التخلص من رفيق الحريري. قتلوه في لبنان، فظهر في سوريا. ما لم يستوعبه القتلة، الذين لم يستوعبوا الى الآن حجم الجريمة التي ارتكبوها وأنّ رفيق الحريري ما زال بيننا، بل أنه يتمدد. كان الرجل يقول أنّ من سيقتلني "مجنون". تبيّن أن القاتل والمشاركين في الجريمة "مجانين" بالفعل. من قتل رفيق الحريري هو من رفض الاستماع الى نصائحه في شأن سوريا ومستقبلها. من قتل رفيق الحريري لم يدرك أنه افتعل زلزالا سيضرب  قصره عاجلا ام آجلا. من كان يصدّق أن الجيش السوري سيخرج يوما من لبنان؟ من كان يصدّق أنذ النظام السوري سيدخل في المواجهة التي دخلها مع شعبه وأن خياره بات محصورا بمزبلة التاريخ؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رفيق الحريري في ذكراه لبنان يقاوم رفيق الحريري في ذكراه لبنان يقاوم



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon