عالم الانتظار… الذي لا يزال فيه الفلسطيني

عالم الانتظار… الذي لا يزال فيه الفلسطيني

عالم الانتظار… الذي لا يزال فيه الفلسطيني

 لبنان اليوم -

عالم الانتظار… الذي لا يزال فيه الفلسطيني

خير الله خير الله

أنهى باراك أوباما عهده على عكس ما بدأه. استسلم الرئيس الأميركي أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الذي قابله في البيت الأبيض وبحث معه في كلّ شيء، باستثناء الموضوع الأساسي الذي كان مفترضا البحث فيه، أي التسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
قبل ثلاثة أيام من اللقاء بين الرجليْن، حرص مسؤولون كبار في الإدارة على تأكيد أن لا مجال لأي جهود جديدة من أجل تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. الكلام، يخصّ بالطبع، السنة الباقية من عهد أوباما الذي يبدو أنّه لم يعد لديه ما يقوله أو يفعله في شأن عملية السلام. ليس لديه شيء لا للإسرائيليين ولا للفلسطينيين. ملف السلام صار نائما الآن. الملف الصاحي ملف المساعدات العسكرية لإسرائيل وملفّ سوريا، حيث لرئيس الوزراء الإسرائيلي مطالبه. في أساس تلك المطالب ردّ الجميل للنظام السوري القائم منذ كان حافظ الأسد وزيرا للدفاع في العام 1967 تاريخ سقوط الجولان.

استسلم الرئيس الأميركي لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي تحدّاه مرّات عدة في السنوات السبع الأخيرة في واشنطن دي. سي. مركّزا على الكونغرس بالذات. كان نتانياهو في كلّ وقت ضد أي مفاوضات جدّية، لكنّه كان مضطرا بين حين وآخر إلى الكلام عن انفتاحه على كل الطروحات، بما في ذلك خيار الدولتين، حرصا على عدم قطع شعرة معاوية مع واشنطن.

قبل أقلّ من تسعة أشهر، زار رئيس الوزراء الاسرائيلي واشنطن في مارس الماضي بدعوة مباشرة من رئيس مجلس النوّاب، وألقى خطابا هاجم فيه الاتفاق النووي الإيراني. كان ذلك قبل توقيع الاتفاق بين إيران وجماعة 5+1.

لم يمرّ نتانياهو عبر البيت الأبيض. على العكس من ذلك، تجاهل باراك أوباما كلّيا، بل تجاوزه من منطلق أنّه يمتلك الكونغرس بمجلسيْه، وليس في حاجة إلى الإدارة. لم تكن هناك منذ البداية، وفي يوم من الأيّام، أي كيمياء تجمع بين الرجلين. كلّ منهما يعيش في عالم خاص به لا علاقة له بالآخر. لكن الوقت كشف أن بيبي، كما يسمّي الإسرائيليون نتانياهو، أقوى من رئيس أميركا في أميركا نفسها، وأنّ الضياع الخارجي الذي تميّز به عهد الرئيس الأسود الأوّل للدولة العظمى الوحيدة في العالم، ينسحب أيضا على فلسطين.

إذن، طمأن أوباما نتانياهو بطي صفحة التسوية التاريخية، التي كان يطمح إلى تحقيقها في فلسطين، منذ اليوم الأوّل لدخوله البيت الأبيض. لم تعد لديه أيّ هموم من هذا النوع وفي هذا المجال، خصوصا أنّه وجد مكانا له، أو هكذا يعتقد، في كتب التاريخ. وجد ذلك بفضل الاتفاق النووي مع إيران، الذي يبدو من وجهة نظر الإدارة الأميركية، أنّه يختزل كل أزمات الشرق الأوسط.

في صيف عام 2008، وأثناء حملته الانتخابية، زار أوباما الضفّة الغربية والتقى رئيس السلطة الوطنية محمود عبّاس (أبو مازن). كان اللقاء في رام الله مناسبة ليؤكد المرشّح الديمقراطي للرئاسة الفلسطينية أنّه لن يفعل كما فعل سلفه جورج بوش الابن الذي ترك الاهتمام بالشأن الفلسطيني لنهاية ولايته الثانية. قال أوباما لمحمود عبّاس إنّه سيباشر العمل على تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ اليوم الأول لدخوله البيت الأبيض. صدق أوباما. باشر تحركّه الذي أغضب الجانب الإسرائيلي الرافض لفكرة السلام من أساسها. كان أوّل عمل أقدمَ عليه تكليف السناتور السابق جورج ميتشل بمهمة خاصة في الشرق الأوسط بهدف إيجاد تسوية فلسطينية-إسرائيلية.

فشل ميتشل وحمّل قسم من المسؤولين الأميركيين الجانب الفلسطيني مسؤولية هذا الفشل. اعتبر هؤلاء أنّ الجانب الفلسطيني لم يحسن التصرّف في أي مرحلة من مراحل ولاية أوباما. لم يستطع الحصول على شيء عندما اضطر الإسرائيلي لتقديم تنازل ما تحت الضغط الأميركي. كان الجانب الفلسطيني، من وجهة نظر بعض الأميركيين، يتخّذ مواقف بعيدة عن أي نوع من المرونة مسهّلا بذلك مهمّة بيبي نتانياهو الذي لا يؤمن سوى بالاحتلال وتكريسه.

حسب هؤلاء، تكرّرت الأخطاء الفلسطينية. يقول المسؤولون الفلسطينيون أنّ بيبي لم يقدّم يوما شيئا. هذا صحيح إلى حدّ ما. ولكن هل كان مطلوبا وقف المفاوضات من أجل الدخول في نزاعات داخلية شملت “فتح” والسلطة الوطنية ومنظمة التحرير؟

هل كان مطلوبا التخلي عن خيار بناء مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية، والوصول إلى ما وصل إليه الوضع اليوم حيث لا حكومة فلسطينية تعمل، بل هناك حكومة صورية أفضل ما يمكن وصفها به أنها لمجرّد الزينة؟

مرّة أخرى، لم يكن بيبي يريد التفاوض الجدّي يوما. ما قدّمه لا يعني الكثير. ولكن مع ذلك، كان من الحكمة عدم وقف المفاوضات وقبول الفتات في انتظار يوم أفضل، وتفاديا للوصول إلى مرحلة شبيهة بالمرحلة الراهنة.

تتميّز المرحلة الراهنة، إضافة إلى عمل “حماس” على ترسيخ الانفصال بين الضفّة والقطاع، بغياب أي سيطرة للسلطة الوطنية على الشارع، خصوصا في الضفّة الغربية. لكنّ أخطر ما في الموضوع أنّ إدارة أوباما باتت قادرة على القول أنّها أدّت قسطها، وأنها ستترك القضية الفلسطينية للإدارة المقبلة. للإيضاح فقط، لن يدخل الرئيس المقبل البيت الأبيض قبل مطلع العام 2017.

من الآن إلى مطلع 2017، يسرح الإسرائيلي ويمرح كما يشاء، وهو ينسّق مع الروسي في سوريا وسط تصفيق إيراني، حتّى لا نقول بالتفاهم مع طهران. العالم كلّه يركّز على سوريا حيث انضمت روسيا إلى الحرب على الشعب السوري، فيما لم تعد فلسطين في بال أحد، باستثناء الذين يريدون المتاجرة بالقضية وبالفلسطينيين أنفسهم.

فوق ذلك كلّه، بات في استطاعة الناطق الرسمي الجديد باسم بيبي ويدعى ران باراتز، والآتي من إحدى مستوطنات الضفّة الغربية، وصف أوباما بأنّه “الوجه الجديد للمعاداة للسامية” ووزير الخارجية جون كيري بأنه “رجل، يمتلك عقل ولد في الثانية عشرة من العمر”. مرّ موضوع باراتز باعتذار منه لأوباما وكيري. لكنّه مرّر الرسالة التي يريد تمريرها.

لا يزال بيبي في عالمه، عالم تكريس الاحتلال لجزء من الضفّة والقدس، ولا يزال باراك أوباما في عالمه أيضا، عالم التفكير بما سيقال عنه في كتب التاريخ. لا يزال أسير الرهان على إيران وعلى ملفّها النووي وعلى حسن نياتها، في وقت دخل الفلسطيني المقيم في رام الله عالما آخر، هو عالم الانتظار. إنّه العالم الذي ربّما لم يغادره يوما. هل غادر الفلسطيني هذا العالم في يوم من الأيّام؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عالم الانتظار… الذي لا يزال فيه الفلسطيني عالم الانتظار… الذي لا يزال فيه الفلسطيني



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon