عودة الى القضية الفلسطينيةمن البحر الميّت

عودة الى القضية الفلسطينية...من البحر الميّت

عودة الى القضية الفلسطينية...من البحر الميّت

 لبنان اليوم -

عودة الى القضية الفلسطينيةمن البحر الميّت

خيرالله خيرالله

كان انعقاد "المنتدى الاقتصادي العالمي للشرق الاوسط وشمال افريقيا" على الضفة الاردنية للبحر الميت مناسبة للبحث في ما اذا كان في الامكان اعادة الحياة الى العملية السلمية بين الفلسطينيين والاسرائيليين. أتاحت الجلسة ما قبل الختامية للمنتدى الذي أنعقد بين 24 و26 أيار- مايو الجاري فرصة لسماع وزير الخارجية الاميركي جون كيري يطرح مايشبه مشروع مارشال للضفة الغربية ولكن من دون مضمون سياسي باستثناء تأكيده رفض طرح اسرائيل أن تكون هناك "دولة فلسطينية ذات حدود موقتة". لم تقتصر دورة المنتدى على القضية الفلسطينية، بل كان هناك بحث في المشاكل التي تواجه المنطقة العربية، على رأسها البطالة. وأتاح ذلك اكتشاف الملك عبدالله الثاني مجددا. تبين للمرة الالف أن  في الاردن ملكا لا يقول كلاما عاديا. انه يحاول شرح التحديات التي تواجه الاردن والمنطقة من دون مواربة. انه يحاول بكل بساطة القول لأبناء شعبه، ما يعجبهم وما قد لا يعجبهم، بما في ذلك أن الاصلاحات كلّ لا يتجزّأ وأن هذه الاصلاحات السياسية والاقتصادية ضرورة اردنية في ظلّ الضغوط المختلفة التي تتعرّض لها المملكة. في مقدّم هذه الضغوط الوضع السوري واستمرار تدفّق اللاجئين على الاردن الذي صارت نسبة عشرة في المئة من سكانه من السوريين. لم تفقد الضغوط الداخلية والخارجية الاردن القدرة على المبادرة. كانت استضافة "المنتدى الاقتصادي العالمي" على ضفة البحر الميت جزءا لا يتجزّأ من هذه القدرة. قالاردن تعرف قبل غيرها أن هناك حاجة الى  حوار جدّي تطرح فيه مشاكل كلّ دولة من الدول العربية، اضافة الى مشاكل المنطقة بدءا بالتطرّف الديني وصولا الى البرامج التعليمية مرورا بالاصلاحات السياسية والبطالة، خصوصا في صفوف الشباب. ولذلك، لم يجد عبدالله الثاني بدّا من الاشارة، في الخطاب الذي اختتم به المنتدى، الى ان "المنطقة كلّها تتميّز بامكانية غير مسبوقة لاحداث تغيير ايجابي حقيقي. دعونا نعمل في المسار الصحيح معا. اننا نشهد في كلّ بلد وكلّ قطاع روحا ابداعية ومشاريع جديدة. لذلك، دعونا نتغلّب على ما تبقى من تحديات ونوفّرالفرص وظروف المعيشة الافضل التي يستحقها الناس في كلّ مكان". ربط "المنتدى الاقتصادي العالمي" بين السياسي والاقتصادي. وفّرت الدورة التي انعقدت على الضفة الاردنية من البحر الميت فرصة لاعادة الحياة الى عملية السلام الفلسطينية- الاسرائيلية. للمرّة الاولى في تاريخ النزاع الفلسطيني- الاسرائيلي، هناك ممثلون للمجتمع المدني الفلسطيني والاسرائيلي ورجال اعمال كبار يبلغ عددهم نحو خمسمئة يطلقون صيحة من أجل السلام على اساس "حلّ الدولتين". لا شكّ أن الاردن لعبت دورا اساسيا في دعم هذه المبادرة التي يقف خلفها في الجانب الفلسطيني السيّد منيب المصري. ألقى منيب المصري في البحر الميت كلمة مؤثرة، كانت أقرب الى شهادة تسامح صادرة عن انسان ناجح من نابلس يؤمن بالسلام عرف "النكبة" وعرف "النكسة" واصيب عائليا وكان حاضرا في كلّ جهود السلام قبل اتفاق اوسلو وبعده. لدى التمعّن في كلمات "أبو مازن" وكيري وبيريس، تظهر ملامح توفّر بعض الامل، خصوصا أن وزير الخارجية الاميركي أخذ علما بالامكانات الكبيرة التي في فلسطين ووعد بتوفير اربعة مليارات دولار من أجل استنهاض الوضع في الضفة الغربية. لم يتردد كيري أيضا في الاشارة الى أهمّية البعد السياسي لأي حل، علما بأنّه لم يشر صراحة الى حدود 1967 كمرجعية لأيّ مفاوضات سلام يمكن أن تؤدي الى قيام دولة فلسطينية مستقلّة. لكنّ بيريس كان في غاية الغموض لدى تطرقه الى المشكلة المتمثلة في ضرورة قيام دولة فلسطينية استنادا الى حدود 1967. كانت هناك عبارتان مفيدتان وحيدتان في كلمة الرئيس الاسرائيلي. تحدّث بايجابية عن "ابومازن" قائلا: انت شريكنا ونحن شركاؤك". واشاد في الوقت ذاته بمبادرة السلام العربية التي أقرتها قمة بيروت في العام 2002 بمبادرة من الملك عبدالله بن عبدالعزيز. بعد ما يزيد على عشر سنوات، هناك اعتراف اسرائيلي بمبادرة السلام العربية وبأهمّيتها. هل تلك اشارة الى أن هناك اجواء جديدة في اسرائيل...أم أن ما يقوله بيريس مجرد كلام للاستهلاك الاميركي لا يحظى  بالضرورة بموافقة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو الذي هو في واقع الحال الشخص الذي يتحكّم بالقرار الاسرائيلي؟ في كلّ الاحوال، أكّدت دورة "المنتدى الاقتصادي العالمي"  أن هناك أملا ضئيلا في احياء عملية السلام انطلاقا من البحر الميّت. انها مصلحة اردنية وعربية نظرا الى أن الهدف الاسرائيلي يتمثّل في جعل العالم ينسى أن هناك قضية اسمها القضية الفلسطينية وهي قضيّة شعب قبل أي شيء آخر. وسط كلّ ما جرى ويجري، لا يمكن تجاهل الدور الاردني. للاردن مصلحة في عدم طي صفحة القضية الفلسطينية. ولذلك ساهم في اعادة الحياة اليها انطلاقا من البحر الميت. هناك، للمرّة الاولى منذ فترة طويلة تصميم أميركي على التركيز مجددا على القضية التي كانت الى ما قبل فترة قصيرة قضية العرب الاولى، بل القضيّة الاهمّ في المنطقة قبل أن يطغى عليها الحدث العراقي الذي كان زلزالا هز المنطقة كلّها...ثم أحداث "الربيع العربي". تكمن أهمّية الاردن في أنها استطاعت توفير دفع لعملية السلام انطلاقا من "الربيع العربي" بدل أن يكون هذا الربيع مقبرة للقضية الفلسطينية. في النهاية لا يمكن الاستهانة بعبدالله الثاني ابن الحسين، أي بمن هو قادر على جعل البحر الميت مصدرا للحياة... على الرغم من كل التعنت الاسرائيلي الذي يجعل من الميل الى التفاؤل امرا في غاية الصعوبة...

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عودة الى القضية الفلسطينيةمن البحر الميّت عودة الى القضية الفلسطينيةمن البحر الميّت



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon