كيف تساعد مصر نفسها

كيف تساعد مصر نفسها؟

كيف تساعد مصر نفسها؟

 لبنان اليوم -

كيف تساعد مصر نفسها

خير الله خير الله

كيف تساعد مصر نفسها؟ البداية تكمن في الشفافية والخروج من عقدة 'المؤامرة}' والحصار، والتصرف بطريقة حضارية بعيدا كل البعد عن الحديث إلى الذات.

قليل من التواضع ضروري، بين حين وآخر، خصوصا في بلد مثل مصر تعرّض في السنوات الأخيرة لما تعرّض له وهو يستعد حاليا لالتقاط أنفاسه، خصوصا بعد التجربة المرّة التي مرّ بها. المعني بالتجربة المرّة استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة بعد خطفهم لـ”ثورة الخامس والعشرين من يناير” ومحاولتهم إقامة إمارة إسلامية في أرض الكنانة في وقت كان مثلهم الأعلى، ولا يزال، الإمارة التي أقامتها “حماس” في غزّة على الطريقة الطالبانية.

قبل كلّ شيء، يُفترض بمصر الخروج من عقدة أنّها محاصرة، أو أن هناك من يريد محاصرتها. مصر ليست محاصرة. على العكس من ذلك، هناك رغبة عربية ودولية، خصوصا أوروبية، في مساعدة مصر التي يبدو واضحا أن عليها مساعدة نفسها أوّلا، وذلك بدءا بالاعتراف بالأزمات الداخلية التي تعاني منها وفي مقدّمتها النمو السكاني والإرهاب والتطرّف وهبوط مستوى التعليم والفقر. لو كانت مصر محاصرة، أو لو كانت هناك رغبة في محاصرتها، لما كان الرئيس عبدالفتّاح السيسي دُعي إلى لندن.

كيف تساعد مصر نفسها؟ البداية تكمن في الشفافية والخروج من عقدة “المؤامرة” والحصار، والتصرّف بطريقة حضارية بعيدا كلّ البعد عن الحديث إلى الذات. لا أحد يتحدّث إلى نفسه، من أجل إقناع الآخرين بأنّه على حقّ، أو من أجل تكوين قناعة مفادها أنّه يكفي الإنسان تصديق ما يقوله لنفسه، كي يصدق الآخرون روايته للأحداث.

وقع حادث الطائرة الروسية. لا شكّ أن الحادث يشكل ضربة للسياحة المصرية. هذه حقيقة لا يمكن الهرب منها. مباشرة بعد الحادث، أوقفت شركتا “لوفتهنزا” و”آر فرانس” رحلاتهما إلى شرم الشيخ. كانت تلك إشارة أولى ما كانت لتغيب عن ذهن المسؤولين المصريين. بعد أيّام، وخلال وجود السيسي في لندن، خرجت تسريبات ومعلومات رسمية عن قنبلة انفجرت في الطائرة الروسية. مباشرة بعد ذلك، أخذت موسكو موقفا حذرا من الروايات التي بدأت تنتشر في لندن. ولكن، لم يمض وقت طويل، حتّى زايدت روسيا على بريطانيا وأوقفت كلّ رحلاتها الجوية إلى مصر. ترافق كلّ ذلك، مع تلميحات أميركية، صدرت عن الرئيس باراك أوباما نفسه، إلى عمل إرهابي استهدف الطائرة الروسية الأوروبية الصنع (شركة إيرباص).

وسط كلّ هذه المعمعة وفيما بدأ البريطانيون والروس يبحثون عن كيفية إخراج مواطنيهم من شرم الشيخ، كانت مصر حائرة من أمرها. أطرف ما في الأمر أن المحللين العسكريين المصريين، الذين ظهروا في الفضائيات، كانوا على استعداد لقول أي كلام… باستثناء الاعتراف بأن نظرية العمل الإرهابي احتمال كبير، وذلك في ضوء ما تعرّض له البلد منذ رحيل نظام حسني مبارك، وحتّى قبل اضطرار الأخير إلى الاستقالة… وفي ضوء التدخل العسكري الروسي في سوريا.

هناك حرب تستهدف مصر والأجهزة المصرية، لكنّ لا وجود لدول تشنّ مثل هذه الحرب بشكل مباشر. هناك بعض الدول التي لا تريد الخير لمصر، وهي معروفة جدّا. هناك حال فلتان في سيناء وعلى الحدود مع ليبيا. وهناك ارتباط بين الفلتان والإرهاب في سيناء من جهة، والوضع القائم في غزّة حيث “حماس” التي تأمل باستعادة مواقعها المصرية، وهي مواقع فقدتها مع انهيار حكم “الإخوان” إثر “ثورة الثلاثين من يونيو 2013”، من جهة أخرى.

مرّة أخرى، هناك رغبة عربية وغير عربية في مساعدة مصر. لو لم تكن هذه الرغبة قائمة لما شهدنا دولا عدة، على رأسها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، تسارع إلى دعم الاقتصاد المصري بمليارات الدولارات فور سقوط حكم الإخوان الذي كان يرمز إليه محمّد مرسي. عمليا، تحدّت هذه الدول الإدارة الأميركية التي أخذت موقفا متذبذبا من “ثورة الثلاثين من يونيو”.

شئنا أم أبينا، مصر دولة مهمّة. لا توازن إقليميا من دون مصر. ما حدث بالنسبة إلى الطائرة الروسية جزء من الحرب التي تتعرّض لها مصر، وجزء من الإهمال الذي تعاني منه أجهزة الأمن المصرية والإدارة المصرية عموما. لا يمكن أن ننسى أن هذه الأجهزة تعرّضت لضربات قوية في السنوات الأخيرة من حكم مبارك وأثناء الثورة الأولى في أواخر 2010 وفي 2011 وطوال حكم الإخوان الذي استمرّ حتّى منتصف 2013.

ثمّة قوى كثيرة تسعى إلى ضرب الاقتصاد والأمن المصريين. لذلك، من واجب السلطات المصرية تحمّل مسؤولياتها، بدل قول أي كلام عن حادث الطائرة الروسية التي تعتبر ضربة قويّة للاقتصاد الذي تأتي نسبة 15 في المئة من موارده من العملة الصعبة عن طريق السياحة. ليس كافيا أن يقول مسؤول أمني سابق إن مطار شرم الشيخ مؤمّن وآمن لأن حسني مبارك كان يستخدمه بشكل دائم!

حكم حسني مبارك انتهى منذ فترة طويلة.

المطار لم يعد آمنا ومؤمّنا، لأن المسؤولين الكبار توقفوا عن استخدامه. هذا كلّ ما في الأمر. ثمّ هناك فساد في كلّ مكان يستفيد منه الإرهاب. وهذا يعني، بكل بساطة، أن العمل الإرهابي في ما يخصّ الطائرة الروسية وارد جدّا وليس جزءا من حملة على مصر وعلى اقتصادها.

كان حادث الطائرة الذي شهدته مصر حدثا كبيرا، خصوصا أنه كشف هشاشة الإدارة المصرية وذلك من خلال ردود الفعل التي بدرت عن مسؤولين وشخصيات مصرية أرادت الهرب من الواقع.

إنّها تجربة مهمّة وصعبة مرت بها مصر. مثل هذه التجربة يمكن أن تكون محطة لمراجعة الذات واعتماد خطاب سياسي جديد على الصعيدين الداخلي والخارجي. أكثر من ذلك، تبدو الحاجة أكثر من أي وقت إلى مراجعة في العمق للسياسية المصرية في ليبيا، وحتى تجاه اليمن وسوريا. لا يمكن بأيّ شكل تبرير التساهل المصري مع نظام مجرم مثل نظام بشّار الأسد من منطلق العداء للإخوان المسلمين. الإخوان يلعبون الدور الأسوأ على الصعيد الإقليمي وهم في أساس الإرهاب وشكلوا دائما حاضنة له، لكن الشعب السوري الذي يذبحه بشّار الأسد وحلفاؤه من روس وميليشيات مذهبية تابعة لإيران، ليس الإخوان المسلمين.

على الرغم من خطورة حادث الطائرة وأبعاده، وكون الحادث بحد ذاته من النوع الأليم، ثمّة حاجة اليوم قبل الغد إلى إعادة النظر في أمور كثيرة في مصر. البداية تكون بمراجعة الخطابيْن السياسي والأمني مراجعة أساسية. العالم ليس غبّيا. المصريون ليسوا أغبياء. لا يمكن معالجة وضع في غاية الخطورة اسمه الإرهاب المرتبط بـ”داعش” والإخوان المسلمين و”القاعدة” بتجاوز الواقع.

على العكس من ذلك، من المفترض تحمّل الأجهزة المصرية مسؤولياتها من منطلق أنه كان هناك خلل في مطار شرم الشيخ، وأن الحاجة اليوم قبل غد إلى الانتهاء من هذا الخلل عبر كشف كلّ الثغرات، بما في ذلك الثغرة التي سمحت بوصول مواد متفجّرة إلى طائرة ركاب روسية في ذلك اليوم المشؤوم وقبل تلك الرحلة المشؤومة.

كل الدلائل تشير، أقلّه إلى الآن، إلى عمل إرهابي. ليس بنفي مسبق لحصول مثل العمل تسدّ الثغرات الكبيرة التي يعاني منها بلد… ليس كلّ شيء فيه على ما يرام.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف تساعد مصر نفسها كيف تساعد مصر نفسها



GMT 19:34 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

ليس آيزنهاور

GMT 19:30 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

والآن الهزيمة!

GMT 19:28 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية تأخر قيام دولة فلسطينية

GMT 19:22 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

... عن «الممانعة» و«الممانعة المضادّة»!

GMT 19:19 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن... وأرخبيل ترمب القادم

GMT 19:17 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

فريق ترامب؟!

GMT 19:14 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة رائعة وسارة!

GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 18:43 2022 الإثنين ,09 أيار / مايو

أفضل النظارات الشمسية المناسبة لشكل وجهك

GMT 07:22 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

مرسيدس تكشف النقاب عن نسختها الجديدة GLC

GMT 17:41 2020 الجمعة ,11 كانون الأول / ديسمبر

تعرفي على أنواع الشنط وأسمائها

GMT 10:04 2022 الإثنين ,18 إبريل / نيسان

النظارات الشمسية الملونة موضة هذا الموسم

GMT 23:44 2020 الإثنين ,28 كانون الأول / ديسمبر

مارادونا وكوبي براينت أبرز نجوم الرياضة المفارقين في 2020

GMT 18:54 2021 الخميس ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

رحمة رياض تعود إلى الشعر "الكيرلي" لتغير شكلها

GMT 13:05 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

تجنّب أيّ فوضى وبلبلة في محيطك

GMT 19:26 2022 الخميس ,14 إبريل / نيسان

عائشة بن أحمد مطلوبة أمام النيابة في "ملف سري"
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon