ما فاجأ إيران في اليمن

ما فاجأ إيران في اليمن

ما فاجأ إيران في اليمن

 لبنان اليوم -

ما فاجأ إيران في اليمن

خيرالله خيرالله

مع مرور الأيّام، يتبين أن القرار العربي القاضي بالتدخل في اليمن، كان منعطفا على الصعيد الإقليمي. فاجأ هذا القرار الذي تمثّل في “عاصفة الحزم” إيران التي كانت تعتقد أنّ الحوثيين، أي “أنصار الله”، سيكونون قادرين على بسط نفوذهم على كلّ اليمن وسيحوّلون البلد إلى قاعدة تستطيع منها طهران تهديد الأمن الخليجي من جهة والسيطرة على مضيق باب المندب الاستراتيجي من جهة أخرى.

لعلّ أكثر ما فاجأ الإيرانيين قدرة التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، على متابعة الحملة العسكرية الهادفة إلى ردّ الحوثيين إلى مناطقهم، وذلك على الرغم من تحالف هؤلاء مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح لأسباب محددة.

هذه الأسباب مرتبطة إلى حدّ كبير بالأحداث التي شهدتها عدن في مارس الماضي والتي تمثلت بالهجوم الذي شنته قوات موالية للرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي على ثكنة لـ”القوات الخاصة” (الأمن المركزي سابقا). ويعتبر القسم الأكبر من “القوات الخاصة”، خصوصا تلك التي كانت مرابطة في عدن، مواليا للرئيس السابق الذي لا يزال يتحكّم أيضا بألوية من “الحرس الجمهوري”. وهذه الألوية منتشرة في مناطق عدة في اليمن، إن في الشمال أو الجنوب أو الوسط.

كان الاعتقاد السائد في طهران، ولدى مناصريها، مثل “حزب الله” في لبنان، أن الحملة العسكرية التي بادرت إليها السعودية مع حلفائها العرب لا يمكن أن تستمرّ طويلا. هذه الحملة مستمرّة منذ خمسة أشهر. ليس ما يشير إلى أنّها ستتوقف قريبا.

لن تتوقف الحملة إلاّ بعد تحقيق أهدافها. كانت استعادة القوات الشرعية لعدن، قبل شهر تقريبا، نقطة التحوّل. كانت نقطة التحوّل الحقيقية والمهمّة، لا لشيء سوى لأنّها المرّة الأولى التي يتلقّى فيها الحوثيون ضربة عسكرية قويّة. إنّها الضربة الأولى لهم منذ العام 2004 تاريخ الحرب الأولى التي خاضها “أنصار الله” الذين كانوا ما زالوا يعرفون بـ”الشباب المؤمن” مع الجيش اليمني.

بين 2004 ومطلع 2010، وقعت ستّ حروب بين الحوثيين والقوات المسلحة اليمنية. في كلّ تلك الحروب، لم يحصل حسم من أيّ نوع كان، خصوصا أن خلفية تلك الحروب كانت التجاذبات السائدة في صنعاء بين علي عبدالله صالح وخصومه من الإخوان المسلمين.

في أساس تلك التجاذبات كانت قضية التوريث التي لم يستطع علي عبدالله صالح حسمها والتي استغلها خصومه، على رأسهم اللواء علي محسن صالح الأحمر والشيخ حميد الأحمر إلى أبعد الحدود من أجل إضعافه وصولا إلى أحداث 2011 التي كانت في الواقع محاولة انقلابية للإخوان المسلمين استهدفت السيطرة على البلد.

خلافا لما كان يؤمن به الحوثيون الذين استطاعوا تجاوز صنعاء والتوجه إلى تعز، للالتفاف عليها، بعد سيطرتهم على ميناء الحديدة، ظهر بوضوح أنّ هناك أخيرا قوة قادرة على مواجهتهم. هذه القوة عربية ويمنية في الوقت ذاته. لم تكتف القوات العربية باستعادة عدن التي سيطر عليها “أنصار الله” بدعم من الموالين لعلي عبدالله صالح، بل استطاعت أيضا إعادة الحياة إلى قسم من ألوية الجيش اليمني الذي بقي مواليا للشرعية والذي لم يستطع عبدربه منصور هادي، عندما كان في صنعاء، توظيفه في مشروع يخدم السلطة الشرعية.

استطاع التحالف العربي كسر المشروع الإيراني في اليمن. أكثر من ذلك، لم يعد بعيدا اليوم الذي ستعود فيه الشرعية إلى صنعاء. المهمّ أنّ التحالف العربي تمكّن من تجميع اليمنيين حول مشروع قادر على التصدي لإيران والحوثيين الذين يشكلون رأس حربة لمشروعها في اليمن.

ليست عدن وحدها التي خرجت من تحت سيطرة الحوثيين، بل كلّ المحافظات الجنوبية. وقسم من مناطق الوسط إضافة إلى مأرب التي كان الرهان الإيراني على اختراقها للتمدد في اتجاه شبوه وحضرموت.

حققت “عاصفة الحزم” جزءا كبيرا من أهدافها. أظهرت قبل كلّ شيء أنّ العرب ما زالوا قوة في المنطقة وأنّهم قادرون على التصدّي للمشروع الإيراني الذي بات يشكل حاليا أكبر تحدّ لهم، خصوصا بعد التطور الخطير الذي شهده العراق في العام 2003.

ما يؤكّد أهمّية ما حصل في اليمن منذ انطلاق “عاصفة الحزم” قبل خمسة أشهر وانعكاسات ذلك على الصعيد الإقليمي التراجع الذي يشهده اليوم المشروع التوسعي الإيراني القائم على الإستثمار في الغرائز المذهبية. هذا التراجع صار ظاهرا في العراق وصار ظاهرا في سوريا وصار واقعا في اليمن.

ربّما كان هذا التراجع يفسّر إلى حدّ كبير الهجمة الإيرانية على لبنان والضغوط التي تمارس على حكومة الرئيس تمام سلام والتركيز الخاص على وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي يجسّد خط الدفاع الأوّل عن مؤسسات الدولة اللبنانية، ممثلة بقوى الأمن الداخلي. فقوى الأمن بفروعها المختلفة باتت ترمز حاليا، مع مؤسسة الجيش، إلى ما بقي من الدولة اللبنانية.

مع اقتراب موعد معركة صنعاء، دخل الوضع اليمني مرحلة جديدة. صحيح أنّ التحالف العربي تمكن من وضع نهاية للمشروع الإيراني في البلد. لكنّ الصحيح أيضا أنّ الحوثيين سيعملون من الآن فصاعدا على تحصين شمال الشمال. وهذا يفرض إعادة مدّ الجسور مع كلّ القوى، خصوصا القوى القبلية وغير القبلية، التي يمكن أن تساعد في إفشال مشروع الدويلة الحوثية.

عاجلا أم آجلا، ستبرز الحاجة إلى التفكير في كيفية إيجاد قيادة يمنية قادرة على أن تكون واجهة مقبولة من الجميع، في الشمال والجنوب والوسط. والأمر الذي لا شكّ فيه أن حكومة خالد بحاح يمكن أن تكون نواة لما يمكن أن تكون عليه القيادة الجديدة التي تؤمن بأن لا أحد يستطيع إلغاء أحد في اليمن.

ما لا يمكن تجاهله أنّ تسمية خالد بحاح رئيسا للوزراء، جاءت بعد دخول الحوثيين صنعاء. هؤلاء لم يعترضوا عليه، كما لم يعترضوا على وزرائه. كان الاعتراض على أحمد عوض بن مبارك، مدير مكتب الرئيس الانتقالي الذي أصبح الآن سفيرا لليمن في واشنطن.

من الآن، ثمة حاجة إلى التفكير في كيفية إعادة تركيب اليمن الجديد عبر مشروع للمصالحة الوطنية يأخذ في الاعتبار أن الدولة المركزية التي تحكم من صنعاء صارت جزءا من الماضي.. كذلك العودة إلى مشروع الدولتين، أو الإقليمين في الشمال والجنوب.

تحقّق الكثير في اليمن في الأشهر الخمسة الأخيرة، خصوصا في مجال التصدي لإيران. لكن اليمن ما زال في حاجة إلى الكثير في مجال التصدي للفقر وإعادة بناء ما دمّرته المعارك الأخيرة.. فضلا عن منع صعود “القاعدة” التي تنمو دائما وتتوسع من خلال الحضن الدافئ للإخوان المسلمين. هؤلاء سيسعون إلى إعادة عقارب الساعة إلى خلف وسيشكلون أكبر خطر على اليمن في مرحلة ما بعد التخلص من المشروع الإيراني الذي سعى الحوثيون إلى تنفيذه على مراحل منذ ما قبل المواجهة الأولى مع القوات الحكومية في 2004.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما فاجأ إيران في اليمن ما فاجأ إيران في اليمن



GMT 18:02 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 18:00 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 17:57 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 17:55 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 17:51 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

التعليم مجانى وإلزامى (٦)

GMT 17:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

«المناقيش» سر تعثر لقاء السنباطى وفيروز!!

GMT 17:46 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حكمة نبيل العزبى!

GMT 17:44 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الشركات العامة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon