من هنا انطلقت الثورة المصرية مجددا

من هنا انطلقت الثورة المصرية مجددا...

من هنا انطلقت الثورة المصرية مجددا...

 لبنان اليوم -

من هنا انطلقت الثورة المصرية مجددا

خيرالله خيرالله

مصر الى اين؟ السؤال محيّر. الحيرة تزداد كلّ يوم في ضوء اعادة التاريخ نفسه في اقلّ من سنتين. في النهايةهل انتصرت "ثورة الخامس والعشرين من يناير" كي يحكم الاخوان المسلمون مصر؟ الاكيد أنّ المصريين الذين اشعلوا الثورة كانت لديهم طموحات مختلفة تماما عن طموحات الاخوان. ويبدو أنّ هؤلاء لن يستسلموا بسهولة. لو لم يكن الامر كذلك، لما كانت الثورة مستمرّة ولما كان المصريون في الشوارع مرة اخرى يطالبون بما طالبوا به اواخر العام 2010 وبداية العام 2011 عندما اضطر الرئيس حسني مبارك الى التنحي بعدما تبيّن له أن الجيش ليس مستعدا لحماية نظامه. على العكس من ذلك، كانت مؤسسة القوات المسلحة منفتحة على صفقة مع الاخوان المسلمين ومع قوى اخرى من اجل ضمان انتقال سلمي للسلطة. وقد انجزت هذه الصفقة بالفعل نظرا الى ان مبارك استخفّ، الى حدّ ما، بموقف المؤسسة العسكرية الرافض لتوريث نجله جمال، على غرار توريث بشّار الاسد سوريا. ثمة من يقول ان جمال مبارك كان يمكن ان يكون رئيسا جيّدا لمصر، خصوصا أنه مدني. ولكن ما العمل بالعبء الثقيل الذي كان ينوء تحته بصفة كونه نجل الرئيس في نظام جمهوري لا وجود فيه لشيء اسمه التوريث، اللهم الاّ عندما يكون اسم البلد سوريا ...او كوريا الشمالية. في هذين التبلدين قضى التوريث على أي الحياة السياسية والاقتصاد والمجتمع. تمّت الصفقة بين العسكر والاخوان في مصر واضطر مبارك الى الخروج من قصر الرئاسة والانتقال الى شرم الشيخ، ثم حوكم مع نجليه وعدد من كبار مساعديه. القصة كلها صارت معروفة. لكن ما لايزال يثير التساؤلات لماذا لم يلتزم الاخوان عددا لا بأس به من الوعود التي اطلقوها بدءا بأنهم لن يسعوا الى السيطرة على مجلس الشعب ولن يرشحوا احدهم الى رئاسة الجمهورية. ليس معروفا عدد الوعود التي اعلن الاخوان التزامهم بها أوعدد تلك التي أخلّوا بها. كلّ ما يمكن قوله أن في اساس الثورة مجموعات من الشبان المصريين من الذين لا علاقة لهم بالاخوان. هؤلاء الشبان، الذين يمثّلون بقايا الحضارة والتقدم في مصر، تحدوا نظام حسني مبارك الذي يعود اساسا الى العام 1952، تاريخ الانقلاب العسكري الذي اطاح الملكية وما لبث أن اعلن مصر جمهورية في العام 1953. ما نشهده اليوم بمثابة عودة الى جذور الثورة المصرية التي خطفها الاخوان في الوقت المناسب، اي يوم الجمعة 28 كانون الثاني-يناير 2011 عندما نزلت ميليشياتهم الى شوارعالقاهرة للسيطرة عليها بعدما انهكت التظاهرات والمواجهات التي استمرّت اياما عدة قوات الامن المركزي التابعة لوزارة الداخلية. لم يكتف الاخوان بخطف الثورة، بل فاوضوا كبار القادة العسكريين على مرحلة ما بعد مبارك وقدّموا الوعود المطلوبة كي يضمنوا تخلي الجيش نهائيا عن الرئيس المصري السابق. رفض الجيش الحلول مكان الامن المركزي في الشارع، فلم يجد مبارك امامه سوى الرحيل. لم يعد الموضوع مرتبطا بما فعله الاخوان في تلك المرحلة وما اذا كانوا احترموا الوعود التي قدّموها للقيادة العسكرية. الثابت أنهم عرفوا كيف التخلص من الاسماء التي ترمز الى النظام القائم منذ 1952 واحلّوا محلّها ضباطا ليسوا بعيدين عن تنظيم الاخوان. ما غاب عن ذهن الاخوان أن المسألة ليست مسألة الاستعاضة عن نظام عسكري بنظام اخواني. المسألة مرتبطة اوّلا واخيرا بمشاكل مصرية عميقة لا يمكن حلها الاّ عن طريق اللجوء الى حوار وطني يأخذ في الاعتبار حاجات البلد العربي الاكثر سكّانا. لا يمكن حلّ مشاكل مصر الاّ عبر مثل هذا الحوار في ظلّ نظام ديموقراطي حقيقي وليس عن طريق انتخابات رئاسية تستخدم فقط من اجل حلول الاخوان مكان العسكر. ما فات الاخوان ايضا ان هناك عشرين مليون مصري تحت خط الفقر وأنّ ليس في الامكان معالجة مشكلة النموّ السكاني بالشعارات...او اللامبالاة. كذلك، ليس في الامكان دعوة السياح الى زيارة مصر من دون اجندة واضحة تأخذ في الاعتبار الاجواء التي يبحث عنها السائح الاوروبي او الاميركي...وحتى العربي. ما ينطبق على السياحة ينطبق ايضا على كلّ المشاكل الاخرى التي غرقت فيها مصر بدءا بمستوى التعليم وصولا الى الزراعة والصناعة والمصارف والبيوت المالية والفساد والبطالة وأزمة المياه التي ستطلّ برأسها عاجلا ام آجلا. من يمكن أن يستثمر في مصر في ظلّ الاجواء الراهنة، اي في غياب دولة القانون؟ باختصار شديد، لم يكن لدى الاخوان ما يقدمونه الى المواطن المصري. ابرز دليا على ذلك فشل كلّ المحاولات للمحافظة على سعر العملة وعلى نشاط الشركات الكبيرة المدرجة في البورصة واسعار اسهمها. كان في استطاعة الاخوان المساهمة في وضع اسس لنظام ديموقراطي حقيقي بعيدا عن هيمنة حزب واحد على الدولة ومؤسساتها، لكنّهم لم يفعلوا ذلك. ارادوا التصدي لمشاكل مصر وحدهم من دون ان تكون لديهم اي فكرة عن طبيعتها او عن كيفية ايجاد حلول ذات علاقة بالعصر...  مثل هذا النظام الديموقراطي، الذي كان مفترضا بالاخوان السعي اليه بدل العمل على تغيير طبيعة المجتمع من اجل تدجينه، كان يمكن ان يكون متنفسّا للمواطن المصري الطامح الى التخلص من مخلفات نظام عمّر ستة عقود ولم يجرّ على مصر سوى الخراب. كان السعي الى المساعدة في اقامة مثل هذا النظام التحدي الاوّل امام الاخوان. الى ان تبيّن ان الطبع  يغلب التطبّع لدى تنظيم مثل تنظيم الاخوان لديه شبق لا حدود له الى السلطة. هنا فشل الاخوان. ومن هنا انطلقت الثورة مجددا.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من هنا انطلقت الثورة المصرية مجددا من هنا انطلقت الثورة المصرية مجددا



GMT 17:07 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا تفعلون في هذي الديار؟

GMT 16:02 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

من جديد

GMT 16:00 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

رُمّانة ماجدة الرومي ليست هي السبب!

GMT 15:57 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

الفاتيكان... ومرثية غزة الجريحة

GMT 15:52 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

لحوم العلماء ومواعظهم!

GMT 15:49 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

وجع فى رأس إسرائيل

GMT 15:47 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

حكم «الجنائية» وتوابعه

GMT 15:44 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

«الثروة» المنسية ؟!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon