حقارة الاعتداء على سوري في لبنان

حقارة الاعتداء على سوري في لبنان

حقارة الاعتداء على سوري في لبنان

 لبنان اليوم -

حقارة الاعتداء على سوري في لبنان

بقلم : خير الله خير الله

حقارة ليس بعدها حقارة أن يعتدي لبنانيون مسيحيون على لاجئ سوري أعزل وجد نفسه في الأراضي اللبنانية لسبب في غاية البساطة هو أن هناك نظاما سوريا، يشنّ حربا على شعبه.

لعلّ أحسن ما فعلته الدولة اللبنانية هو القبض على الذين نفـذوا الاعتداء. أظهر وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه لا تـزال هناك بقايا دولة ومؤسسات في لبنان. بقايا دولة ومؤسسات، تحمي اللبنانيين، خصوصا المسيحيين. تحميهم من أنفسهم أولا.

يكشف الفيديو الذي يظهر فيه شبّان لبنانيون يوجهون شتائم ولكمات إلى شاب سوري بحجة أنه لا يحمل أوراقا غيابا لأيّ نضج لدى قسم لا بأس به من مسيحيي لبنان. هؤلاء يتعاملون بعنصرية مع السوريين رافضين أن يتعلموا شيئا من تجارب الماضي القريب، وهي تجارب أخذت مسيحيي لبنان من كارثة إلى أخرى.

ما لم يستطع قسم من اللبنانيين المسيحيين، وليس جميع المسيحيين، فهمه في أيّ وقت طوال الحرب الأهلية وحروب الآخرين على أرض لبنان، أن كل ما قاموا به كان يخدم النظام السوري.

هذا النظام هو الذي جعل هذا الشاب السوري ينتقل إلى لبنان. كان هم بشار الأسد، ولا يزال، التخلص من أكبر عدد من السوريين بدعم إيراني واضح. يخوض رئيس النظام السوري حربه على سوريا والسوريين تحت عنوان واحد هو التغيير الديموغرافي والتخلّص من أكبر عدد من السنّة في سوريا.

هناك حاجة، اليوم قبل الغد، إلى صوت مسيحي عاقل يقول بالفم الملآن أن من يعتدي على مواطن سوري في لبنان لا يعتدي على لبنان فحسب، بل إنه يعرض مستقبل البلد لأخطار كبيرة

طوال الحرب اللبنانية، كان النظام السوري يدفع في اتجاه تكريس الشرخ بين اللبنانيين أنفسهم، بين المسلم والمسيحي، وبين اللبناني والفلسطيني. كان يسلّح الميليشيات المسيحية اللبنانية، مثلما كان يسلّح الفصائل الفلسطينية، كي تعتدي عناصرها على اللبنانيين.

عندما كان الخطف على الهوية يتوقف، كان النظام السوري عبر مسلحين تابعين له من منظمة “الصاعقة” وغيرها يلجأ إلى قتل مسيحي هنا ومسلم هناك، كي تكون هناك جولة أخرى من القتال وصولا إلى اليوم الذي استطاع فيه تحقق هدفه. كان هدفه وضع اليد على لبنان. كان هدفه أيضا وضع اليد على الفلسطينيين في لبنان.

مؤسف أن ياسر عرفات، الزعيم التاريخي للشعب الفلسطيني، لم يدرك أبعاد هذه اللعبة. على العكس من ذلك، انخرط فيها من حيث يدري أو لا يدري. كانت تحرّكه ينطلق في كلّ وقت من عقدة السيطرة على أرض ما في مكان ما، بغض النظر عن الثمن الذي يمكن أن يدفعه آخرون، بما في ذلك لبنان واللبنانيون، من أجل الوصول إلى هذا الهدف.

من يتمعن في الفيديو، الذي يظهر فيه الشاب السوري يتعرّض لاعتداء، يكتشف أوّل ما يكتشف روحا عنصرية تنمّ عـن سقوط لمجتمع بكامله تقريبا.

الأهمّ من ذلك، أن هذا الفيديو يكشف كم أن قسما من المسيحيين يرفض أن يتعلّم. يرفض هذا القسم من المسيحيين أن يفهم أن الجيش اللبناني ليس في حاجة إلى دعم من هذا النوع الرخيص. كل ما على الجيش عمله هو تأدية المهمة المطلوب منه تأديتها على الصعيد الوطني، وتفادي ارتكاب أخطاء من نوع التسبب في وفاة مواطنين سوريين كانوا محتجزين لديه.

لا يوجد لبناني يشكّك في وطنية الجيش وفي المهمة التي يقوم بها على الصعيد الوطني. لكن هذا شيء والاعتداء على شاب سوري، لا حول له ولا قوّة، بحجة الدفاع عن الجيش يظل شيئا آخر.

ليس مسموحا أن تقف القيادات المسيحية مكتوفة أمام بعض التصرفات الحمقاء التي تسيء إلى المسيحيين أوّلا. فمن اعتدى على السوري، لم يفهم يوما أنّ الغباء المسيحي الذي لا حدود له أوصل النظام السوري إلى السيطرة في العام 1990 على قصر بعبدا ووزارة الدفاع اللبنانية في اليرزة. كان سقوط القصر الجمهوري في بعبدا ووزارة الدفاع نقطة تحول على صعيد التأسيس لمرحلة الوصاية السورية على كل لبنان، وذلك بعدما كانت هذه الوصاية مقتصرة على مناطق معينة منذ دخول القوات السورية إلى الأراضي اللبنانية في العام 1976.

لعل أسوأ ما في الأمر، أن المسيحيين في لبنان، والكلام ليس عن كل المسيحيين طبعا، لم يطرحوا على نفسهم سؤالا في غاية البساطة فحواه لماذا صاروا أقلية، ولماذا صار عليهم أن يكونوا تابعين لـ“حزب الله”، الشريك في الحرب على الشعب السوري، كي يثبتوا أنّه لا تزال لديهم كلمة في القرار اللبناني.

ثمّة حاجة إلى بعض من بعد النظر لدى بعض المسيحيين اللبنانيين. من بين ما يفترض أن يفكّر فيه هؤلاء ما الذي يمكن أن يجنوه من معاداة النازح السوري؟ هل يخدم الاعتداء على شاب سوري، بحجة الدفاع عن الجيش اللبناني، القضيّة اللبنانية بأيّ شكل؟

ليس في الإمكان تجاهل أن هناك تجربة مرّة للمسيحيين في لبنان مع المسلحين الفلسطينيين الذين استباحوا كل المحرمات قبل العام 1982.

ولكن، ما لا مفر من الاعتراف به أن خوض حروب مع الفلسطينيين، من دون إجماع وطني على ذلك، عاد بالويلات على المسيحيين وجعلهم في الـوقت الراهن يعانون من عقدة الأقلّيات التي في حاجة إلى حماية.

لعب “حزب الله”، العدو الأول للفكرة اللبنانية، الدور المطلوب منه في مجال توفير “الحماية” للمسيحيين، مستفيدا قبل كلّ شيء من فراغ في العقل السياسي المسيحي، ومن عجز مسيحي عن فهم ما يدور في المنطقة.

لا شك، مرة أخرى، أن ليس في الإمكان التعميم، ولكن لا بد من أصوات مسيحية تقول كلمة حق بعيدا عن الكلام الفارغ من نوع أن السوري جاء لحرمان اللبناني من لقمة العيش.

الأهم من ذلك كله أن الشعب السوري سينتصر يوما على نظام آل الأسد. ماذا سيفعل المسيحيون اللبنانيون عندئذ؟

من الواضح أن هناك حاجة، اليوم قبل الغد، إلى صوت مسيحي عاقل يقول، بالفم الملآن، أن من يعتدي على مواطن سوري في لبنان لا يعتدي على لبنان فحسب، بل إنّه يعرض مستقبل البلد لأخطار كبيرة.

هذا ليس عائدا إلى أن الشعب السوري، الذي يقاتل النظام وحيدا منذ ما يزيد على ست سنـوات، لن ينسى مـن وقـف معه فحسب، بل لأن ثمة واقعا لا يمكن تجاوزه أيضا. لا يمكن لأقلية في لبنان الوقوف ضد الأكثرية في سوريا. لماذا على المسيحيين اللبنانيين دفع ثمن القرار الإيراني بحمل “حزب الله” على المشاركة في الحرب على الشعب السوري من أجل تهجيره من أرضه؟ أليس في دخول لبنانيين مسيحيين في لعبة من هذا النوع دليل على غباء ليس بعده غباء؟

أمس خدم هؤلاء المسيحيون النظام السوري أيام كان حافظ الأسد رئيسا لسوريا. أوصلوه إلى التمكن من احتلال لبنان. دفعوا غاليا ثمن عدم إدراكهم ما هو النظام السوري وما هي أهدافه وما طبيعة تكوينه. سيدفعون ثمنا أغلى لعدم إدراكهم أبعاد اللعبة التي تحاول إيران زجّهم فيها عبر “حزب الله”… من بوابة عرسال وبوابة الاعتداء على مواطن سوري أعزل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حقارة الاعتداء على سوري في لبنان حقارة الاعتداء على سوري في لبنان



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 11:13 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 17:50 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نجاحات مغربية... و يقظة ضرورية

GMT 20:01 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 08:15 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"
 لبنان اليوم - ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 16:49 2021 الإثنين ,15 شباط / فبراير

تضطر إلى اتخاذ قرارات حاسمة

GMT 11:51 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

طرح فيلم "الإسكندراني" لأحمد العوضي 11يناير في سينمات الخليج

GMT 22:27 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

شاومي يطرح حاسوب لوحي مخصص للكتابة

GMT 14:06 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

GMT 15:32 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية مميزة توفر متعة التزلج في فصل الشتاء

GMT 14:00 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفخم 3 فنادق في العاصمة الايرلندية دبلن

GMT 05:39 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار لتنسيق أزياء الحفلات في الطقس البارد

GMT 05:24 2022 الأحد ,10 تموز / يوليو

قواعد في إتيكيت مقابلة العريس لأوّل مرّة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon