المهمة المستحيلة في بريطانيا
ارتفاع حصيلة ضحايا الغارة الإسرائيلية على منطقة البسطة وسط بيروت إلى 11 شهيداً و63 مصاباً القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع القوات المسلحة السودانية تُعلن تحرير مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من ميليشيات الدعم السريع الكويت تسحب جنسيتها من سالم الهندي الرئيس التنفيذي لشركة "روتانا" للإنتاج الفني ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان
أخر الأخبار

المهمة المستحيلة في بريطانيا

المهمة المستحيلة في بريطانيا

 لبنان اليوم -

المهمة المستحيلة في بريطانيا

بقلم : خيرالله خيرالله

لم تكشف استقالة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي غياب القيادة السياسية عن بريطانيا فحسب، كشفت أيضا أزمة أوروبا في شكل عام. تحاول بريطانيا الهروب من أزمة أوروبا لتجد نفسها في أزمة أكثر عمقا وأكثر سوءا كانت في غنى عنها. ما تعاني منه بريطانيا، على وجه الخصوص، يتمثّل في غياب الشخصية التي يمكن أن توصف بأنّها قادرة على ممارسة دور ذي علاقة بالزعامة الحقيقية. شخصية تقود الشارع، مثل مارغريت تاتشر، التي حطّمت النقابات العمالية ونفوذها، ولا تنقاد له.

أصبحت تيريزا ماي رئيسة للوزراء بعد استقالة ديفيد كاميرون في العام 2016 إثر استفتاء على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. أي إنها كانت رئيسة للوزراء بالصدفة تولّت مهمّة مستحيلة. كان على ماي معالجة موضوع في غاية التعقيد، موضوع ولد من جهل أكثرية البريطانيين لمعنى بقاء بلدهم في الاتحاد الأوروبي والنتائج المترتبة على هذا الخروج-الكارثة الذي يسمّى “بريكسيت”.

هناك مسؤوليات كبيرة يتحمّلها كاميرون الذي لم يحسن التمهيد للاستفتاء على “بريكسيت” وجعل البريطانيين يفهمون أن الخروج من الاتحاد الأوروبي الذي انضمّت إليه بريطانيا في العام 1973 هو كمن يطلق النار على قدمه. في النهاية انتصر مؤيدو الخروج من الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء. كان الفارق ضئيلا. انتصر في الواقع الجهلة على الذين يمتلكون حدّا أدنى من المنطق. ما حصل أقرب إلى مأساة من أي شيء آخر. لا يشبه استفتاء “بريكسيت” سوى انتصار رأي أحد عشر غبيا على رأي عشرة عقلاء. لا يمكن اعتبار ذلك سوى كارثة ذات طابع مأساوي تسببت بها الديمقراطية.

لم يمتلك ديفيد كاميرون، الذي كان يعتقد أن نتيجة الاستفتاء مضمونة لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي، الحدس السياسي الذي كانت تحتاجه مرحلة التحضير للاستفتاء قبل ثلاث سنوات من الآن. استخف بسياسيين شعبويين، لا يعرفون شيئا عما يدور في العالم بل يحسنون إثارة الغرائز، مثل بوريس جونسون أو نايجل فرّاج.

لعب هؤلاء السياسيون ورقة الهجرة من دول أوروبا الشرقية التي انضمّت حديثا إلى الاتحاد الأوروبي. لم يسأل أي من هؤلاء السياسيين الانتهازيين عن الدور الذي لعبته بريطانيا في توسيع الاتحاد الأوروبي كي تجد طريقة للحد من النفوذ الألماني-الفرنسي فيه. لم يسأل أي من هؤلاء لماذا يصعب الاستغناء عن البولونيين أو الرومان أو غير ذلك من الأوروبيين عندما يتعلّق الأمر بخدمات الفنادق أو المطاعم أو أعمال البناء.

كلّ ما في الأمر أن بريطانيين ينتمون إلى أصول متواضعة، بعضهم كان مستفيدا من مساعدات الاتحاد الأوروبي، صدّقوا إشاعات تقول إن الأوروبيين سيجتاحون بلدهم وسيأخذون وظائفهم، علما أنّ أيا من هؤلاء البريطانيين يرفض مثل هذا النوع من الوظائف التي يقبل عليها آخرون. ماذا سيحدث إذا غادر البولونيون وغيرهم بريطانيا إلى غير رجعة؟ من سيحل مكانهم في قطاعات مختلفة؟

كان يمكن التعويض على المنطق الذي جعل حكومة ديفيد كاميرون تلجأ إلى الاستفتاء عن طريق زعامة قويّة تشرح للبريطانيين أن خطأ جسيما حصل وأن لا بدّ من إصلاحه. كانت تيريزا ماي كلّ شيء باستثناء الزعيم القادر على وضع شعبه أمام مواجهة الواقع وجعله يواجه الحقيقة بدل الهرب منها.

يندرج تصرّف تيريزا ماي في سياق أحداث توالت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ساهمت هذه الأحداث في جعل بريطانيا تدرك حجمها الحقيقي في عالم تغيّر كلّيا. كانت حرب السويس في العام 1956 المنعطف. اضطرت الإدارة الأميركية، وقتذاك، إلى تذكير بريطانيا العظمى بأنّها لم تعد عظمى.

لو كانت عظمى بالفعل لما اضطرت إلى الانسحاب من الهند جوهرة التاج البريطاني، ولو كانت عظمى، لما اضطرت إلى وقف الحرب التي شنتها مع فرنسا وإسرائيل بعد تأميم جمال عبدالناصر لقناة السويس. وقتذاك، اتصل جون فوستر دالس وزير الخارجية الأميركي بأنطوني إيدن رئيس الوزراء البريطاني وطلب منه وقف حملة السويس. كلّ ما في الأمر، أنّ الرئيس دوايت ايزنهاور كان غاضبا من شن عدوان ثلاثي على مصر من وراء ظهر الولايات المتحدة التي حالت دون سقوط أوروبا تحت سيطرة هتلر في الحرب العالمية الثانية.

انصاع إيدن وانصاعت فرنسا وانصاعت إسرائيل وظنّ جمال عبدالناصر أنّه حقّق انتصارا على بريطانيا وفرنسا وإسرائيل مجتمعة!

منذ حملة السويس ونتائجها، بدأت بريطانيا تعي معنى أن تتحوّل إلى دولة عادية، وصولا إلى الاعتراف بأنّ لا غنى لها عن أوروبا التي وافقت أخيرا على انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي. استعادت بريطانيا حيويتها، اقتصاديا، على الرغم من انسحابها من شرق قناة السويس، بما في ذلك ميناء عدن الإستراتيجي في العام 1967.

لعبت مارغريت تاتشر دورا محوريا في جعل المملكة المتحدة تستعيد موقعا لها على خريطة العالم استنادا إلى ثلاث ركائز هي الإصلاحات التي نفّذتها على الصعيد الداخلي بدءا بتحرير الاقتصاد والقضاء على سلطة النقابات العمالية. أما الركيزة الثانية، فكانت أوروبا. جذبت بريطانيا شركات أوروبية كبيرة أرادت الاستفادة من تحرير الاقتصاد البريطاني. وكانت الركيزة الثالثة العلاقة المميزة بين واشنطن ولندن.

كانت بريطانيا في كلّ وقت الطفل المدلّل في الاتحاد الأوروبي. مكّن ذلك السوق المالية للندن من أن تصبح بين الأهمّ في العالم. لم تنضم بريطانيا إلى العملة الموحدة (اليورو) وحافظت على تأشيرة خاصة بها بعد رفضها الانضمام إلى معاهدة شنغن. حافظت على مزايا كثيرة خاصة بها… إلى أن ظهرت طبقة جديدة من السياسيين الذين يصنعون مجدا من خلال المزايدات الرخيصة.

بدأت تظهر الآن آثار غياب مارغريت تاتشر. يكفي للتأكد من ذلك المقارنة بين المرأة الحديد وتيريزا ماي التي أمضت ثلاث سنوات رئيسة للوزراء ولم تستطع في يوم من الأيّام الاعتراف بأنّها أمام مهمّة مستحيلة، وأنّ لا خيار آخر أمام بريطانيا سوى تجاوز نتائج الاستفتاء عبر استفتاء آخر تسبقه حملة مدروسة. تستهدف مثل هذه الحملة إفهام البريطانيين بلغة الأرقام أن الخروج من الاتحاد الأوروبي سيجلب على بلدهم الويلات، بما في ذلك احتمال وصول زعيم حزب العمال جيمس كوربن، وهو شخص يساري، إلى موقع رئيس الوزراء…
  
ليست بريطانيا وحدها من يحتاج إلى زعيم سياسي يضع المواطن أمام مسؤولياته بعيدا عن أنصاف الحقائق التي روّج لها داعمو الخروج من الاتحاد الأوروبي. أوروبا كلّها تعاني من المشكلة نفسها. لم يبق من زعيم أوروبي غير المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي لم يعد بعيدا اليوم الذي تعلن فيه تقاعدها. ستظلّ ألمانيا ألمانيا، بسبب قوّة اقتصادها وشركاتها الكبيرة وتوق الألمان إلى العمل ساعات طويلة، على العكس من الفرنسيين الذين لا يفكّرون سوى بالإجازة المدفوعة والتعويضات والخدمات التي تقدّمها الدولة..

ليست بريطانيا وحدها من يحتاج إلى زعيم سياسي يضع المواطن أمام مسؤولياته بعيدا عن أنصاف الحقائق التي روّج لها داعمو الخروج من الاتحاد الأوروبي

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المهمة المستحيلة في بريطانيا المهمة المستحيلة في بريطانيا



GMT 14:27 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

وفاة الحلم الياباني لدى إيران

GMT 14:24 2019 الجمعة ,21 حزيران / يونيو

المواجهة الأميركية مع إيران (١)

GMT 05:35 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

موسكو في "ورطة" بين "حليفين"

GMT 05:32 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

(رحيل محمد مرسي)

GMT 05:28 2019 الخميس ,20 حزيران / يونيو

ضرب ناقلات النفط لن يغلق مضيق هرمز

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:46 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الحمل الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 14:04 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 14:08 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

بعد أن أصبح ١٨٪ من السكان عجائز وانخفضت القوى العاملة

GMT 13:10 2020 الثلاثاء ,02 حزيران / يونيو

الضحك والمرح هما من أهم وسائل العيش لحياة أطول

GMT 12:47 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

موديلات بروشات للعروس مرصعة بالألماس

GMT 02:41 2012 الخميس ,13 كانون الأول / ديسمبر

مصر: بروتوكول لتدريب طلاب المدارس في المنيا

GMT 21:17 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

مكياج عروس وردي مميز لعروس 2021

GMT 05:47 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

هند صبري بإطلالة أنثوية وعصرية في فستان وردي أنيق

GMT 07:03 2013 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

بريطانيا تقترح تسديد الخريجين قروضهم مبكرًا

GMT 04:00 2016 الثلاثاء ,22 آذار/ مارس

4 مشاكل تًهدد الحياة الزوجية بالفشل

GMT 04:21 2022 الأحد ,15 أيار / مايو

رحم الله الشيخ خليفة

GMT 08:37 2021 الثلاثاء ,12 كانون الثاني / يناير

الفنان راغب علامة يحتفل بعيد ميلا ابنه لؤي
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon