إذا أرادت هيلاري كلينتون إثبات جديتها…

إذا أرادت هيلاري كلينتون إثبات جديتها…

إذا أرادت هيلاري كلينتون إثبات جديتها…

 لبنان اليوم -

إذا أرادت هيلاري كلينتون إثبات جديتها…

بقلم :خير الله خير الله

هل يمكن للسياسة الخارجية الأميركية أن تتغيّر في عهد المقيم الجديد في البيت الأبيض الذي بات مرجّحا أن يكون هيلاري كلينتون؟

ثمّة مؤشرات كثيرة إلى أن تغييرا ما سيطرأ، علما أنّه ليس معروفا ما الذي ستؤول إليه أوضاع المنطقة العربية في ظلّ نفض الولايات المتحدة يدها منها، وحصر اهتمامها باسترضاء إيران على حساب كل ما هو عربي في الشرق الأوسط والخليج.

كان آخر دليل على ذلك الكشف عن إرسال إدارة باراك أوباما لأربعمئة مليون دولار، نقدا، إلى طهران في إطار تسوية قضايا عالقة بين البلدين منذ سنوات طويلة. يبدو أن المبلغ كان ثمنا لأربع رهائن أميركية أطلقت من السجون الإيرانية في أعقاب توقيع الاتفاق في شأن الملفّ النووي الإيراني!

يُحتمل أن يطرأ تغيير على السياسة الأميركية، لا لشيء سوى لأنّ هيلاري كلينتون مختلفة عن باراك أوباما من جهة، وإلى أنّ الولايات المتحدة لا تستطيع، من جهة أخرى، إبقاء نفسها بعيدة لفترة طويلة عن الشرق الأوسط على الرغم من أن اعتمادها على النفط الآتي من الخليج خفّ إلى حدّ كبير.

ليس ما يشير، أقلّـه إلى الآن، إلى أن هنـاك ما سيحول دون وصول هيلاري كلينتون إلى الرئـاسة. من بـين نقاط الاختلاف بينها وبين الرئيس الحالي، اعتقادها أن لا حاجة إلى مسايرة إيران في أي مكان من العالم ثمنا لالتزامها الاتفاق النووي. تؤمن كلينتون بأنّ من مصلحة إيران احترام بنود الاتفاق وليس ما يدعو إلى التغاضي عما ترتكبه لا في العراق ولا في سوريا ولا في البحرين واليمن… ولا في لبنان.

لا يمكن للسياسة الأميركية إلا أن تتغيّر في اتجاه موقف أكثر إنسانية، خصوصا في سوريا حيث يتبيّن كلّ يوم أن الشعب فيها عانى الكثير بسبب سياسة قائمة على مراعاة إدارة أوباما لإيران، واعتقاد الرئيس الأميركي الحالي أنّ في استطاعته التعاون مع الرئيس فلاديمير بوتين للقضاء على الإرهاب الممثل بـ“داعش”. لم ير أوباما سوى “الإرهاب السنّي” الذي يرمز إليه “داعش”. لا يريد أن يرى “الإرهاب الشيعي” الذي ترمز إليه الميليشيات المذهبية التابعة لإيران والمنتشرة في العراق وسوريا ولبنان واليمن وكادت تصل إلى البحرين وحتّى إلى دولة مسالمة مثل الكويت.

من بين المؤشرات التي تدعو إلى بعض التفاؤل، أن أوباما اعترف أخيرا أن ليس في الإمكان التخلص من “داعش” من دون التخلص من النظام السوري. ما هذا السرّ الخطير الذي كشف عنه الرئيس الأميركي في وقت لا يوجد طفل في بلد مثل سوريا أو لبنان لا يعرف أن النظام السوري يعتبر، منذ قيامه، المتاجرة بالإرهاب علّة وجوده وغطاء لممارساته الطائفية والمذهبية التي أخذت بُعدا جديدا بعد انتصار “الثورة الإسلامية” في إيران والتعاون الجدي بين الجانبين في هذا المجال.

في الواقع، كشفت الحرب العراقية – الإيرانية التي استمرت ثماني سنوات عمق هذا التعاون بعدما أصبحت سوريا القاعدة الخلفية لإيران طوال تلك الحرب التي استنزفت دول المنطقة. كانت تلك الحرب أفضل تعبير عن العقم الذي عانى منه النظام الذي أقامه صدّام حسين في العراق من جهة، ومدى تورط النظام الإيراني الجديد الذي أقامه آية الله الخميني في الرهان على اللعبة المذهبية والاستثمار فيها من جهة أخرى.

يظل السؤال عن مدى التغيير الذي سيطرأ على السياسة الأميركية. هل سيكون تغييرا في العمق أم مجرد تغيير شكلي؟

إذا كانت هيلاري كلينتون، التي ستستفيد إلى حد كبير من الانقسامات داخل الحزب الجمهوري للانتصار على دونالد ترامب، جدّية في انتهاج سياسة مختلفة، ولو نسبيا، في الشرق الأوسط بدل تركه فريسة للميليشيات الإيرانية التي تمنع حتّى بقوة السلاح انتخاب رئيس للبنان، فإن نقطة البداية واضحة كل الوضوح. لا يمكن التفريق بين ميليشيا وأخرى في الشرق الأوسط كلّه وصولا إلى ليبيا، أي إلى ما هو أبعد من المشرق العربي. بكلام أوضح، لا يمكن أن تكون هناك حرب ناجحة على الإرهاب من دون وضع كل المنظمات الإرهابية، بما في ذلك “الحشد الشعبي” في العراق، في سلّة واحدة.

هناك، بكل بساطة، مشروع توسّعي إيراني يقوم على الاستثمار في إثارة الغرائز المذهبية وتوظيف الميليشيات خدمة لهذا المشروع الذي قضى على العراق وقضى على سوريا ويكاد يقضي على لبنان، لولا صمود أكثرية الشعب اللبناني ومقاومتها سلاح “حزب الله”.

هل تبدأ هيلاري كلينتون من حيث يجب أن تبدأ، أي من المباشرة برفض التفريق بين إرهاب وآخر، كما يفعل باراك أوباما؟

في النهاية، إذا كانت روسيا معنيّة فعلا بالحرب على الإرهاب، سيكون عليها أن تختار بين بقاء بشار الأسد ورحيله. لا يمكن قصف مدارس حلب ومستشفياتها تحت ذريعة التصدّي للإرهاب “السني”. لا يمكن بأي شكل تجاهل الدور الذي لعبه النظام السوري في خلق “داعش”، ولا المساعي الإيرانية للاستفادة من هذه الظاهرة الإرهابية لتغيير الوضع القائم في العراق عن طريق عمليات تطهير ذات طابع مذهبي لمناطق معيّنة بدءا من بغداد. لم تعد لبغداد علاقة بتلك العاصمة التي تضمّ عراقيين من كلّ الطوائف والمذاهب والطبقات الاجتماعية.

بعد قرن على توقيع اتفاق سايكس – بيكو، ستتغيّر المنطقة في العمق. هذا ما ستدركه روسيا أيضا وستسعى إلى الاستفادة منه. ستتغيّر الخرائط. العراق الذي عرفناه انتهى، كذلك سوريا. لبنان مهدّد شئنا أم أبينا. لا يمكن الاستخفاف، بأي شكل، بأن التغييرات ستشمل الأكراد، الشعب الوحيد الذي حرم من دولة… إلى جانب الشعب الفلسطيني طبعا. لا شكّ أن الموضوع الكردي كان من بين الأسباب التي دعت الرئيس رجب طيّب أردوغان إلى الذهاب لملاقاة فلاديمير بوتين. لا شكّ أيضا أن مستقبل بشّار الأسد كان موضع بحث بين الرئيسيْن الروسي والتركي.

أي أميركا في عهد هيلاري كلينتون؟ هل تلعب دورا في إعادة بعض التوازن إلى الشرق الأوسط عبر سياسة لا تفرّق بين إرهاب وإرهاب، أم تبقى أسيرة سياسة باراك أوباما وسذاجة وزير الخارجية جون كيري الذي لا يريد أن يرى أن ابتسامة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ليست سوى قناع لسياسة أقل ما يمكن أن توصف به أنّها تعبير عن خبث واحتقار للعرب ليس بعدهما خبث واحتقار…

الجواب بكل بساطة أن التغيير سيحصل، لكنّ أحدا لا يستطيع التكهن بمداه، علما أن روسيا التي تشعر بأنّ هذا التغيير قادم، بدأت روسيا تعد نفسها له. تفعل ذلك عن طريق الانفتاح على تركيا وبدء العمل مع دول مهمّة في المجموعة العربية من أجل تثبيت مواقعها في المنطقة مستفيدة من أنّ سياسات إدارة باراك أوباما فرصة لن تتكرّر!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إذا أرادت هيلاري كلينتون إثبات جديتها… إذا أرادت هيلاري كلينتون إثبات جديتها…



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 11:13 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 17:50 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نجاحات مغربية... و يقظة ضرورية

GMT 20:01 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon