مرحلة كلّ المخاوف في لبنان

مرحلة كلّ المخاوف في لبنان

مرحلة كلّ المخاوف في لبنان

 لبنان اليوم -

مرحلة كلّ المخاوف في لبنان

بقلم:خيرالله خيرالله

يواجه لبنان اكثر من ايّ وقت تحديات لم يسبق له ان واجه مثلها في تاريخه الذي عمره مئة عام وعام واحد. لعلّ التحدّي الاهم في هذه الايّام تحولّه الى بلد منسي في ضوء الحرب الاوكرانيّة التي تسبب بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باتخاذه قرار اجتياح أوكرانيا في الرابع والعشرين من شباط – فبراير الماضي. يحاول بوتين، في الواقع، ازالة دولة معترف بها عالميا وعضو في الأمم المتحدة من الوجود. زادت مصائب لبنان بعدما صار دولة هامشيّة عربيّا ودوليا. لم يعد هناك من لديه أي اهتمام به في وقت يوجد فراغ لبناني في اعلى هرم السلطة حيث الثنائي ميشال عون وجبران باسيل في موقع رئيس الجمهورية. ميزة الرجلين، وهي عيبهما، انّهما يسعيان الى بيع اللبنانيين الأوهام غير مدركين حجم المأساة التي تعصف بالبلد.

في النهاية، ماذا ينفع المواطن اللبناني كلّ نفط العالم وغازه اذا لم يكن في استطاعته التصرّف بأمواله المودعة في المصارف اللبنانية. لا ينفع ذلك المواطن اللبناني في شيء، اكان فقيرا او متوسّط الحال او غنيّا. ليس الهرب الى البحث عن النفط والغاز، وبيع الاوهام، سوى محاولة أخرى للتغطية على الازمة الحقيقية ذات الطابع المصيري التي يعاني منها لبنان.

تعتبر هذه الازمة الاولى من نوعها منذ قيام لبنان الكبير في العام 1920. لم تحصل ازمة من هذا النوع الّا في ايّام "العهد القويّ" الذي بدأ في الواحد والثلاثين من تشرين الاوّل - أكتوبر 2016. مع "العهد القوي"، بدأ عمليا "عهد حزب الله" الذي استطاع فرض مرشّحه رئيسا للجمهورية.

هناك عهد لا يستوعب معنى ان تحتجز المصارف اموال اللبنانيين ولا معنى انّ لا مصارف لبنانية بعد الآن. يعني ذلك بكلّ بساطة انّ لا اقتصاد لبنانيا بعد الآن. لا اقتصاد يعني موت لبنان. لا ينفع في انعاش لبنان كلام ومواضيع انشاء في مستوى صف السرتيفيكا (شهادة نهاية المرحلة الابتدائية) من نوع الخطاب الذي القاه قبل عامين رئيس الجمهورية في مناسبة بدء محاولة لاكتشاف النفط والغاز في المياه اللبنانية. تحدث ميشال عون عن تحول لبنان الى بلد نفطي... قبل اكتشاف أي غاز او نفط في مياهه. باع اللبنانيين سمكا في البحر!

لا يفيد اللبنانيين الهروب الى امام في شيء. ما يفيدهم هو مواجهة الواقع المتمثّل في ان بلدهم ما زال اسير السلاح غير الشرعي لـ"حزب الله" الذي ليس سوى لواء في "الحرس الثوري" الايراني يقاتل في سوريا وغير سوريا، في اليمن والعراق، حتّى، خدمة لمشروع توسّعي إيراني يقوم على اثارة الغرائز المذهبية. مثل هذا المشروع على تناقض كلّي مع فكرة لبنان من أساسها. بل ينسف فكرة لبنان الكبير كوطن لكلّ أبنائه، من كلّ الطوائف والمذاهب، من دون ايّ تمييز من ايّ نوع.

يصبّ ما يحصل عمليا في لبنان هذه الايّام في مشروع آخر لا علاقة له بلبنان. يستهدف هذا المشروع تهجير مزيد من اللبنانيين، خصوصا من المسيحيين كي تزداد حال اللاتوازن في البلد.

هناك حاليّا موجة هجرة لبنانية حقيقية وكبيرة تزداد يوما بعد يوم. إنّها امتداد لموجة حصلت في السنتين 1989 و1990 بعد حربي "الإلغاء" و"التحرير" اللتين شنّهما رئيس الحكومة المؤقتة ميشال عون بعدما وجد نفسه في قصر بعبدا من اجل مهمّة وحيدة هي تأمين انتخاب رئيس للجمهورية خلفا للرئيس امين الجميّل الذي انتهت ولايته في الثالث والعشرين من ايلول – سبتمبر 1988.

خلال وجود ميشال عون في قصر بعبدا، بين خريف 1988 والثالث عشر من تشرين الاوّل – أكتوبر 1990، عندما اخرجه الجيش السوري من القصر الى بيت السفير الفرنسي، هاجر عشرات آلاف المسيحيين من لبنان. لم يسبق لمثل هذا العدد من المسيحيين ان اتخذ قرارا بترك البلد. وقتذاك، هاجم ميشال عون مناطق إسلامية بالمدفعية الثقيلة ثم ما لبث ان خاض حربا مع "القوّات اللبنانية" التي كانت لا تزال ميليشيا وليس حزبا سياسيا.

حرّر ميشال عون في تلك المرحلة مناطق عدّة... من المسيحيين. لم يمنع ذلك الدكتور سمير جعجع من توقيع اتفاق معراب معه في العام 2016 واضعا الأطراف اللبنانية الأخرى امام امر واقع. هذا الامر الواقع هو ان يكون ميشال عون، مرشّح "حزب الله"، رئيسا للجمهورية... او لا جمهورية بعد الآن.

الأكيد انّ لدى سمير جعجع حسابات خاصة به. لكنّ ما هو اكيد اكثر من ذلك، ما تتداوله سفارات أوروبية في بيروت في هذه الأيام بالذات عن تأثير الازمة الاقتصادية على وضع المسيحيين في لبنان وذلك بسبب انتشار البطالة واليأس من المستقبل.

هناك خوف لدى هذه السفارات من استمرار موجة هجرة اللبنانيين، خصوصا للمسيحيين منهم. سيزيد ذلك من غياب التوازن الديموغرافي في البلد. ستعني مثل هذه الهجرة المستمرّة انّ الطريق الى المثالثة المسيحية - الشيعية - السنّية صارت معبّدة في ضوء نتائج الانتخابات النيابيّة المقررة في منتصف ايّار – مايو 2022. هل تحقيق المثالثة مهمّة عهد ميشال عون وجبران باسيل؟ هل هذا هو السبب الحقيقي وراء اصرار "حزب الله" في العام 2016 على ان لا مجال لان يكون احد غير ميشال عون رئيسا للجمهورية؟

من الواضح انّ حال الإفلاس والانهيار الاقتصادي التي وصل اليها لبنان تساعد في تنفيذ مخطّط "حزب الله" الساعي الى "مؤتمر تأسيسي" في مرحلة ما لتكريس المثالثة بديلا من المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

هذا لا يمنع من طرح سؤال يمكن ان تكون له اهمّيته بالنسبة الى مستقبل البلد: هل تخدم التطورات الإقليمية التي قد تصبّ في مصلحة "الجمهورية الإسلامية"، في حال تصالحها مع اميركا وتوقيع اتفاق جديد في شأن برنامجها النووي، المشروع التوسّعي الايراني الذي يشمل لبنان؟

إنّها بكلّ بساطة مرحلة كلّ المخاوف في لبنان وعلى لبنان. من الصعب تمكن بلد صغير نسيه نحيطه ونسيه العالم في ظلّ تطورات كبيرة في حجم الحرب الاوكرانيّة التي جعلت قارة كاملة مثل أوروبا تعتبر انّ مصيرها صار على المحكّ.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مرحلة كلّ المخاوف في لبنان مرحلة كلّ المخاوف في لبنان



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي

GMT 17:45 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكاظمي يؤكد العمل على حماية المتظاهرين بالدستور

GMT 08:32 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرفي علي نصائح للتعامل مع الطفل العنيد

GMT 11:05 2014 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

لرئيسهم العاشر بطولته في "قديم الكلام"!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon