السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني

 لبنان اليوم -

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني

خير الله خير الله
بقلم: خير الله خير الله

أخطر ما في السودان حالياً ذلك الغياب للمجتمع المدني. لم يعد هذا المجتمع سوى متفرّج وضحيّة، بل شاهد زور، وسط قتال ذي طابع عبثي لا أفق سياسياً له. إنّه قتال بين شخصي الفريق عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش، والفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوة الدعم السريع، وهو جيش آخر في السودان معترف به رسمياً، كما حال «الحشد الشعبي» في العراق.

ليس «الحشد الشعبي» سوى مجموعات ميليشيات مذهبيّة تابعة لـ«الحرس الثوري» في إيران. على الرغم من ذلك كلّه، بات لما يسمّى «الحشد» وجود شرعي في العراق بما يؤكّد الهيمنة الإيرانية على البلد. في مرحلة معيّنة احتاج الضابط عمر حسن البشير، الذي حكم السودان طوال ثلاثة عقود، إلى «حميدتي». شرّع البشير قوّة الدعم السريع بهدف واضح هو حماية نظامه الذي ما لبث أن انهار في العام 2019.

في ظلّ الحلقة المقفلة التي يدور فيها السودان، هناك نقطتان يجدر التوقف عندهما مع دخول المعارك بين الجيش النظامي وقوة الدعم السريع أسبوعها الثالث.

تتمثل النقطة الأولى في التحوّل الذي طرأ على المجتمع السوداني منذ الاستقلال في العام 1956. لا يمكن الكلام في السنة 2023 عن غياب للمجتمع المدني فحسب، بل بات يمكن التساؤل أيضاً أين تبخرّت الأحزاب السودانيّة التي كانت تطلّ برأسها بين حين وآخر مؤكّدة أن الحياة السياسيّة لم تمت نهائياً في السودان.

أمّا النقطة الثانية، فهي تتعلّق بمدى قدرة السودان على المحافظة على وحدته الترابيّة، أقلّه على ما بقي منها منذ استقلال الجنوب في العام 2011... وتحولّه إلى دولة مستقلّة. يسعى جنوب السودان إلى لعب دور الوسيط بين الذين يتقاتلون على السلطة في المناطق السودانيّة الأخرى. تكمن المشكلة في المدى الطويل في أنّ السودان في طريق التفتت. لم يكن انفصال الجنوب سوى بداية. لا يمكن عزل استقلال الجنوب عن الفشل السوداني وفشل المجتمع المدني تحديداً. هذا فشل لن تقتصر انعكاساته على السودان وحده. سيكون تشظي السودان مقدّمة لتشظي دول أخرى في المنطقة، بينها إثيوبيا.

في أكتوبر 1964، في السودان بالذات، كانت المرّة الأولى في المنطقة التي يهزم فيها المجتمع المدني العسكر ويخرجهم من السلطة وذلك بعد ست سنوات من حكم عسكري بدأ في العام 1958 بعدما سلّم المدنيون السلطة إلى الفريق إبراهيم عبود في ضوء عجز الأحزاب السياسيّة عن إدارة البلد. اضطرّ الفريق عبود وقتذاك إلى التراجع والاستقالة في مواجهة الحشود البشرية التي واجهت سلطة العسكر. فشل العسكر، ابتداء من خريف العام 1958 في إدارة السودان. في خريف 1964، نزل المواطنون إلى الشارع. لم تمض أيّام قليلة إلّا واستسلم إبراهيم عبود وعاد المدنيون إلى السلطة. عاد أيضاً التناحر بين الأحزاب. سهل ذلك الانقلاب الذي نفذه، في العام 1969، ضابط آخر اسمه جعفر نميري يتمتع بمقدار لا بأس له من الرعونة والأفكار السطحية المستوحاة من تجربة جمال عبدالناصر في مصر. سبق النميري معمّر القذافي في ليبيا. كان انقلاب النميري ورفاقه في 25 مايو 1969، فيما كان انقلاب معمّر القذافي في أوّل سبتمبر من العام نفسه.

أظهرت الأحداث الأخيرة في السودان أنّ ليس في استطاعة أي فريق الانتصار على الآخر في معركة لم يكن البرهان مستعداً لها. استخف البرهان بـ«حميدتي» الذي أثبت أنّه لا يمكن الاستخفاف به بأي شكل على الرغم من عدم امتلاك قواته لمدرعات ودبابات ولسلاح جوّ. لكنّ الحلقة المفقودة تتمثل في غياب الشعب السوداني والمجتمع المدني.

يقف المجتمع المدني مكتوفاً أمام المأساة الدائرة، علماً أنّه لعب دوراً في أواخر العام 2018 في إزاحة عمر حسن البشير الذي بقي في السلطة ثلاثين عاماً، بين 1989 و2019.

أدّى إصرار السودانيين إلى الانتهاء من حكم البشير. لم يحصل ذلك، عمليّاً، إلّا بعد تدخل العسكر، بمن في ذلك البرهان و«حميدتي». أراد العسكر توجيه رسالة فحواها أنّه يستحيل إبعادهم عن السلطة.

ليس المجتمع السوداني وحده الذي تراجع. تكفي نظرة سريعة إلى ما تشهده دول عدّة في المنطقة للتأكّد من أن العسكريين لا يصلحون لحكم الدول. يمكن أن تكون للحاكم ثقافة عسكرية وتجربة في هذا المجال. لكنّ الثقافة السياسيّة تبقى هي الأهمّ، كذلك القدرة على فهم التغيّرات الإقليمية والدولية. الثقافة العسكرية تخدم الثقافة السياسيّة في أحيان كثيرة، هذا ما تكشفه تجربة الملك عبدالله الثاني في الأردن، وتجارب أخرى، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، على سبيل المثال وليس الحصر.

يعني انكفاء المجتمع المدني السوداني وغياب أي دور له في تقرير مصير هذا البلد المهمّ أن السودان مقبل على تطورات في غاية الخطورة. ستكون لهذه التطورات انعكاساتها على صعيد البلد نفسه وعلى صعيد المنطقة. يعود ذلك، قبل أي شيء آخر إلى موقع السودان الذي يمرّ فيه نهر النيل في طريقه إلى مصر. السودان امتداد مباشر لمصر. كذلك، يعتبر السودان دولة مهمّة على البحر الأحمر، دولة لديها حدود مع دول أفريقية عدة بينها جمهورية جنوب السودان وليبيا وتشاد وإثيوبيا وإريتريا وأفريقيا الوسطى...

ما الذي سيحدث إذا انتصر البرهان وماذا إذا انتصر «حميدتي» وماذا إذا عاد عمر حسن البشير وضباطه إلى السلطة في ظلّ أنباء عن أمور غريبة تحصل في مكان احتجاز هؤلاء الضباط؟ الجواب، بكلّ بساطة، أنّ السودان يبدو أمام مستقبل مجهول في غياب مجتمع مدني وأحزاب عاجزة عن تحمّل مسؤولياتها... وجوع ليس بعده جوع إلى السلطة لدى العسكر.

تبدو أزمة السودان أبعد من صراع على السلطة بين ضابطين وقوتين عسكريتين. يبدو أيضاً أنّ السنوات الثلاثين التي أمضاها عمر حسن البشير في السلطة، أدت إلى توجيه ضربة قاضية للمجتمع المدني والأحزاب التقليدية... ضربة ليس معروفاً هل تستفيق منها يوماً ؟

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني السودان ضحيّة القضاء على المجتمع المدني



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon