أين مفتاح صنعاء

أين مفتاح صنعاء

أين مفتاح صنعاء

 لبنان اليوم -

أين مفتاح صنعاء

بقلم :خير الله خير الله

يسعى كلّ طرف من الطرفين اللذين يتواجهان في اليمن إلى تثبيت مواقعه… وكأن الحرب الداخلية الدائرة حاليا ستستمر إلى ما لا نهاية. عاد الحوثيون عن خطأ قاتل ارتكبوه بعد استيلائهم على كلّ صنعاء في أيلول- سبتمبر 2014 وفرضهم توقيع اتفاق السلم والشراكة بإشراف الأمم المتحدة عبر جمال بنعمر، ممثل الأمين العام وقتذاك، وبمباركة من الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي.

كان همّ الرئيس الانتقالي في مرحلة معينة محصورا بتطويق علي عبدالله صالح وتصفية حسابات قديمة معه. تعود الحسابات إلى الفترة التي كان فيها نائبا للرئيس. كانت حجته في كلّ وقت أنّه ليس مستعدا لدفع ثمن العداوات القائمة بين الحوثيين والرئيس السابق، الذي بينه وبينهم ست حروب وثلاثين ألف قتيل بين العامين 2004 و2010. لذلك سمح لهؤلاء بتجاوز عمران ودخول صنعاء بعدما اعتقد أنّ لديهم أهدافا محددة يريدون الوصول إليها وليسوا في وارد الإعلان عن انقلاب حقيقي وتأسيس نظام جديد لا علاقة له بالجمهورية اليمنية. بين هذه الأهداف، التي اعتقد عبدربّه أن الحوثيين سيكتفون بتحقيقها؛ السيطرة على مقر الفرقة الأولى/ مدرّع التي كانت في إمرة اللواء (الفريق الآن) علي محسن صالح و”جامعة الإيمان” التي كان يديرها الشيخ السلفي عبدالمجيد الزنداني.

تمثل الخطأ القاتل للحوثيين، في تلك الأيّام، برفض إعادة الاعتبار إلى مجلس النوّاب خشية أن يصبح رئيسه يحيى الراعي، القريب من علي عبدالله صالح، رئيسا مؤقتا، وذلك بعدما قدّم عبدربّه استقالته. هذه الاستقالة ما لبث الرئيس الانتقالي أن عاد عنها بعد تهريبه إلى عدن من صنعاء حيث وضعه الحوثيون تحت الإقامة الجبرية.

بعد وضع الحوثيين (أنصارالله) يدهم على صنعاء وصدور “الإعلان الدستوري”، الذي يبشّر بقيام نظام جديد في البلد، والاعتقاد أنهّم صاروا السلطة الوحيدة في العاصمة والقوّة العسكرية المهيمنة فيها، اكتشفوا أخيرا أن ليس في استطاعتهم الانفراد بالسلطة وإخضاع اليمن.

ثمة حاجة إلى الاعتراف في المقابل بأن الحلف القائم بين الرئيس السابق و"أنصار الله" يستفيد من الفراغ الذي تعاني منه الشرعية

جاءت “عاصفة الحزم” لتضع حدّا للمشروع الحوثي، وهو مشروع إيراني أصلا. أكثر من ذلك، وجد “أنصار الله” أنفسهم مجبرين على الدخول في حلف مع علي عبدالله صالح، الذي لا يمتلك أيديولوجيا من أي نوع. اكتشفوا أنّه لن يكون في استطاعتهم، من دونه، التمدد في اتجاهات معيّنة وصولا إلى عدن وباب المندب، وقبل ذلك السيطرة على ميناء الحديدة. انتهى بهم الأمر بخسارة عدن والانكفاء في اتجاه الشمال اليمني، لكنّهم احتفظوا بمواقع في تعز. وهذا عائد أساسا إلى الحلف القائم بينهم وبين الرئيس السابق الذي لا يزال لديه وجود قوي في غير منطقة يمنية. سمح هذا الوجود لعلي عبدالله صالح بضمّ شخصيات جنوبية وأخرى قبلية من الجوف ومأرب إلى المجلس الأعلى الذي تشكّل أخيرا في محاولة لإيجاد غطاء سياسي للحلف القائم بينه وبين “أنصار الله”، وهو حلف يمكن وصفه بأنّه زواج مصلحة أكثر من أيّ شيء آخر. ضمّ هذا المجلس حتّى شخصيات من تعز.

هناك الآن وضع جديد في اليمن. ليس الحلف القائم بين “أنصار الله” وعلي عبدالله صالح وحده الذي يحاول خلق واقع على الأرض. هناك عمليات عسكرية للتحالف العربي ولقوى على الأرض يقودها الفريق علي محسن الذي لا يستعين بـ”الجيش الوطني” الذي أعيد تشكيله أخيرا فحسب، بل بقوى قبلية وأخرى تابعة للإخوان المسلمين أيضا.

من يستطيع كسر الحلقة المقفلة في اليمن؟ لا شكّ أن التحالف العربي الذي يعمل تحت تسمية “عاصفة الحزم” استطاع في الأيام القليلة الماضية تحقيق تقدّم على جبهات معيّنة؛ إن في محيط صنعاء وإن في محيط تعز. استطاع أيضا قطع الطريق بين صنعاء والحديدة.

في ما يخصّ معركة صنعاء نفسها، سيعتمد الكثير على ما إذا كانت “الشرعية” ممثلة بعبدربه منصور ونائب رئيس الجمهورية علي محسن صالح ورئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر ستكون قادرة على التعاطي مع استحقاقات المرحلة المقبلة. هل يمثّل الرئيس الانتقالي شيئا على الصعيد اليمني؟ هل لديه قاعدة شعبية تسمح بالبناء على التقدم العسكري الذي تحقّق حتّى الآن والذي يمكن أن يتحقّق مستقبلا؟ ماذا عن علي محسن صالح المحسوب على الإخوان المسلمين والسلفيين والقريب من بعض أبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، رحمه الله، الذين لم يتمكنوا من الصمود في وجه الحوثيين لا في عمران ولا في المناطق القريبة من صنعاء والمحيطة بها؟ أخيرا، هل لأحمد بن دغر، وهو حضرمي، وزن ما يمكن الاعتماد عليه في سياق خدمة الحملة العسكرية المستمرّة منذ بضعة أسابيع؟

بعض الصراحة يبدو ضروريا هذه الأيّام. لا شك أن الحلف القائم بين علي عبدالله صالح والحوثيين في مأزق يظل أفضل تعبير عنه الحاجة إلى إعادة الاعتبار لمجلس النوّاب، وهي خطوة تجاوزها الزمن. ولكن ثمّة حاجة إلى الاعتراف في المقابل أن الحلف القائم بين الرئيس السابق و”أنصار الله” يستفيد من الفراغ الذي تعاني منه “الشرعية”. كيف سدّ هذا الفراغ؟ هذا هو السؤال الذي سيطرح نفسه في الأيام القليلة المقبلة.

لا يمكن سدّ هذا الفراغ إلّا في حال حصول تطوّر على الصعيد القبلي في المحافظات الشمالية، خصوصا في الجوف ومأرب وصعدة وحجة وفي المناطق التي تعتبر مداخل لصنعاء. هل هذا ممكن؟ هل هناك من يستطيع تأليب القبائل على علي عبدالله صالح والحوثيين الذين عرفوا الاستفادة من الوضع القبلي الذي نتج عن وفاة عبدالله بن حسين الأحمر في أواخر العام 2007؟

في غياب تغيير في العمق في موقف القبائل، تبدو الحرب الدائرة في اليمن طويلة، بل طويلة جدا. ستظل هذه القبائل مفتاح صنعاء التي سيعني سقوطها تغييرا كبيرا في موازين القوى وسيكون له تأثيره على مناطق أخرى، بما في ذلك تعز والحديدة. هل هذا وارد… أم سيترتب على التحالف العربي في هذه المرحلة الاكتفاء بالنجاح الذي حققه في مجال منع إيران من السيطرة على اليمن كلّه من جهة، والانصراف بين حين وآخر إلى محاربة تنظيم “القاعدة” الذي يطل برأسه في كلّ مناسبة في هذه المحافظة اليمنية أو تلك، خصوصا في الجنوب والوسط، من جهة أخرى؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين مفتاح صنعاء أين مفتاح صنعاء



GMT 15:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يخشى "حزب الله"... بل يخشى إيران!

GMT 16:42 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

مسؤولية منظمة التحرير!

GMT 11:13 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

GMT 17:50 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

نجاحات مغربية... و يقظة ضرورية

GMT 20:01 2024 الخميس ,10 تشرين الأول / أكتوبر

السنوار يكتب مستقبل غزّة ولبنان... ولكن!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon