عندما تغامر الشعبوية بمستقبل المملكة المتحدة وأوروبا
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

عندما تغامر الشعبوية بمستقبل المملكة المتحدة وأوروبا

عندما تغامر الشعبوية بمستقبل المملكة المتحدة وأوروبا

 لبنان اليوم -

عندما تغامر الشعبوية بمستقبل المملكة المتحدة وأوروبا

بقلم :جورج سمعان

عاد البريطانيون إلى جزيرتهم. ولكن ليس بلا أثمان كبيرة يدفعونها من اقتصادهم ومن وحدتهم. المملكة المتحدة مهددة بالتشرذم دولاً ثلاث: انكلترا وويلز، سكوتلندا التي بدأت حكومتها المحلية تبشر باستفتاء جديد للخروج من المملكة والبقاء في الاتحاد الأوروبي، وارلندا الشمالية التي لا يمكن أن تلتفت إلى دعوات الوحدة مع جارتها الجنوبية، لما في ذلك من خطر العودة إلى أجواء الحرب الأهلية. اقترع المتقاعدون والمرشحون للحاق بهم قريباً ومعظم أولئك المنتشرين في دول القارة(!) ضد رغبة غالبية الشباب وجزء كبير من متوسطي العمر. اقترعوا للخروج من الاتحاد الأوروبي. قرروا عنهم بلا تردد. أو بالأحرى قامروا بمستقبلهم بشعبوية قل نظيرها، لئلا نقول دمروا أحلامهم وطموحاتهم في قارة تشكل أحد أكبر التجمعات السكانية والاقتصادية والعسكرية في العالم. علماً أنهم في تركيبة سكانية يشكلون غلبة فيها، يعتاشون على ما تنتجه سواعد هؤلاء الشباب. وأعطوا دفعة لأحلام اليمين المتطرف في عدد كبير من الدول الأعضاء في الاتحاد. في فرنسا التي تتمتع فيها «الجبهة الوطنية» بثقل لا يستهان به تعززه أوضاع اقتصادية متردية. وفي إيطاليا وبولندا وهولندا والدانمارك والسويد والنمسا. وم

ا لم يستعجل قادة الاتحاد عملية إصلاح واسعة أو تجديد المعاهدة بما يبدد الشكوك الشعبية التي رافقت مسيرة الوحدة، فلا شيء يحول، في هذا البلد أو ذاك، دون استنساخ التجربة أو الكارثة التي دفعت إلى خروج المملكة المتحدة بعد نيف وأربعة عقود.

يتحمل البريطانيون جزءاً كبيراً من المسؤولية عما ستؤول إليه أوضاعهم السياسية والاقتصادية، وما سيحل بموقع بلادهم كقوة عظمى وخامس أكبر اقتصاد في العالم. فمنذ التحاقهم بالسوق الأوروبية ثم مع دفعهم بمعاهدة مايسترخت قدماً، لم يلتقوا على سياسة موحدة حيال حقوقهم وواجباتهم من الاتحاد. بل لم تستطع الأحزاب الكبرى توحيد صفوفها حيال مستقبل البلاد مع القارة أو خارجها. هذا ما واجهه حزبا المحافظين والعمال. وهو ما دفع ديفيد كاميرون إلى الاستقالة. وما دفع عماليين إلى المطالبة باستقالة جيريمي كوربين. لم يحظ الانضمام إلى الاتحاد بالشعبية، كما هي الحال في دول أعضاء عدة. اقتصر الاعتراض في دول كثيرة على القوى الوطنية المتزمتة واليمين المتطرف. هذا اليمين الذي هلل وبدأ يعد العدة لاستنساخ التجربة البريطانية. مناصرو الخروج أخذوا على المتمسكين بالبقاء أنهم لم يقدموا سبباً مقنعاً للبقاء. اعتمدوا سياسة التخويف من تداعيات الطلاق (انخفاض قيمة الجنيه الاسترليني، هبوط أسعار العقارات، ارتفاع نسبة الفائدة، فقدان الموقع المالي البارز لبورصة لندن... فضلاً عن تراجع وزن بريطانيا السياسي أيضاً). لكن هؤلاء المناصرين هم أيضاً مارسوا غوغائية ورفعوا شعا

رات كاذبة ودغدغوا المشاعر الوطنية. ورفعوا شعار السيادة والحرية وغيره من الشعارات التي لا تغني ولا تسمن. وقدموا الصراعات السياسية المحلية الضيقة وحساباتهم الشخصية على مستقبل البلاد ومصالحها البعيدة. ديفيد كامرون أزعج قادة الاتحاد بفكرة الاستفتاء. ووقع في شرك لم يتوقع أنه سيقع فيه. وتغادر بلاده في وقت كان الاتحاد يبحث عن الحلول العملية للمشاكل التي تفضلها وتطالب بها، بدلا من متابعة الحديث عن الفيديرالية التي يكرهها البريطانيون. صحيح أن النتيجة جاءت أيضاً اعتراضاً على طغيان مؤسسات الاتحاد، وعلى قواعد العولمة عموماً. لكن الصحيح أيضاً أن مقاومة العولمة أوالسعي إلى الخروج منها أشبه بمحاولة الخروج على قوانين العصر وثورته العلمية وسبل التواصل الرقمية، والعودة إلى الوراء. وهي عودة مستحيلة.

الاتحاد يتحمل مسؤولية أيضاً عما آل إليه الوضع وما سيجره من تداعيات. بدأ سوقاً مشتركة في 1973. قام على كذبة: إنه منطقة تجارة حرة لا تهدد السيادة الوطنية. لكن بروكسيل، مقر الاتحاد، سرعان ما بدأت تتحول مركز القرار. لقوانينها ومؤسساتها الكلمة العليا على باقي القوانين الوطنية لكل دولة عضو. ومحكمتها صارت تملي نحو ستين في المئة من قوانين الدول الأعضاء، وسبعين في المئة من القواعد. في حين تشكل نسبة التعامل الاقتصادي البريطاني مع دول المجموعة عشرة في المئة فقط. وعد الاتحاد شعوبه بالرفاه والازدهار. لكن اليورو تسبب بإفلاس اليونان، وعرّض اسبانيا وفرنسا لأزمة اقتصادية عميقة. وساهم في رفع نسبة البطالة في جنوب القارة. بينما احتلت المملكة المتحدة التي لم تعتمد اليورو المرتبة الثانية اقتصاديا في أوروبا. كما أن إلغاء الحدود وحرية التنقل سمحت بهجوم جيوش المهاجرين على بريطانيا، الأمر الذي خفض الأجور وعرض الخدمات العامة (الطبابة والإسكان والتعليم) لضغط هائل. وقد ينهار نظام الخدمات هذا مع توقع مزيد من المهاجرين من دول فقيرة تنتظر دورها لدخول الجنة الأوروبية، مثل ألبانيا ومقدونيا وصربيا ومونتينيغر وربما تركيا التي ستشكل الكتلة السكانية الأكبر بعد المانيا. علماً أن نحو أربعين في المئة من العاملين في القطاع الصحي هم من دول الاتحاد. فضلاً عن نحو مليوني أوروبي يعملون في المملكة ويساهمون في تغذية النظام الضريبي. أما محكمة العدل الأوروبية فباتت تتدخل في أصغر القضايا وأكبرها، من سعر البيرة إلى الحق في ترحيل المتهمين بالإرهاب. فالسجون في بريطانيا مثلاً تضم نحو عشرة آلاف أجنبي بينهم ألف بولندي يتسحيل ترحيلهم إلى بلدانهم لأنهم يملكون حرية التنقل في ربوع القارة!

جاء دخول المملكة المتحدة السوق الأوروبية، بعدما استبعدها المؤسسون الستة الأوائل، خصوصاً فرنسا الديغولية، عن أول نواة، «الجماعة الأوروبية للفحم والصلب» (1951). ثم عن أول وحدة جمركية بين هذه الدول (1957) والتي عرفت بالسوق المشتركة. وظل البريطانيون يتوجسون من تقدم الاتحاد. وظلوا في صميم المعترضين على كل إجراء جديد نحو وحدة فيديرالية على غرار الولايات المتحدة. لم يدخلوا «فضاء شينغن»، وتمسكوا بالجنيه رافضين اليورو عملة موحدة. وكثيرة هي العناصر التي رفضوا التخلي عنها، وحتى سيارة الأجرة السوداء الشهيرة. كانت هناك ديناميتان قاطرتان للاتحاد تحركهما مشاعر وطنية غلبت أحياناً على منطق المصالح وقوانين العصر: المملكة المتحدة التي أرادت أن تكون في طليعة المقررين لمسيرة الاتحاد وسياساته وقوانينه. لأنها ببساطة كانت ولا تزال تعيش نشوة الانتصار على النازية. أرادت التذكير دوماً بدورها في هزيمة المانيا الهتلرية وإنقاذ أوروبا، من أجل توكيد حقها في كلمة عليا. في المقابل كانت النخبة الحاكمة في المانيا، (ومعها فرنسا)، توجه سياساتها بالحاح نحو تجاوز كل ما دفعها إلى التسبب بحربين عالميتين في القرن الماضي سقط فيهما نحو ستين مليون قتيل وشرد مئات الألوف. لذلك حرص الألمان، غداة هزيمتهم في الحرب الثانية بعد الأولى وما خلفتاه في القارة من مآسي وتدمير، على الانخراط في وحدة يستحيل بعدها إيقاظ فكرة القومية أو الوطنية التي تريد الهيمنة والتسلط على جيرانها. ولا يزالون أكثر الشركاء إصراراً على الوحدة والتضحية في سبيلها، خوفاً من إيقاظ الماضي الأسود. جون كلود يونكر رئيس المفوضية اختصر وضع المملكة المتحدة ببساطة معبرة: «لن يكون طلاقاً ودياً، لكنه لم يكن أيضاً علاقة حب قوية»!

الأمر الخطير بعد خروج بريطانيا ليس التداعيات الاقتصادية والسياسية فحسب، بل استحالة العودة. لن تستطيع لندن التي قدمت أخيراً درساً حضارياً باختيارها مسلماً من أصل باكستاني لعمدتها، واقترعت للبقاء في الاتحاد الأوروبي، أن تعيد عقارب الساعة إلى الوراء. ولن تفيدها آلاف التواقيع التي تطالب ببقاء المدينة في الفضاء الأوروبي. والأمر الخطير ليس الانقسامات التي تهدد المملكة ووحدتها، ولا صحوة الحنين إلى ماض لم يعد له وجود ولا يمكن أن يتكرر في عالم اليوم. بل إن توقيت الخروج يضاعف التحديات التي تواجه القارة بأكملها. فقد أثبتت أزمة اليونان المالية وبعدها أزمة اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين أن دول المجموعة ليست قلباً واحداً. الدول الشرقية في القارة والحديثة الانضمام إلى الاتحاد لم تغادر بعد تحفظاتها التاريخية حيال انفتاح غرب القارة وفضاءاتها ونظمها المتقدمة. وقد لا يروق لها أن يتضاعف دور المانيا في قيادة الاتحاد سياسياً واقتصادياً. إضافة إلى أن أوروبا بمجملها تواجه تحدياً آخر هو صعود روسيا مجدداً. فقد نجح الرئيس فلاديمير بوتين في استنهاض الروح القومية. وسيكون مسروراً في سره كلما اهتزت وحدة القارة العجوز. وتواجه أوروبا أيضاً خطر الإرهاب المتنامي وتداعي النظام في شرق المتوسط وشمال أفريقيا. وكانت ولا تزال تأخذ على أنظمتها الأمنية عدم التنسيق كفاية لمواجهة هذه التحديات. وهي الآن أمام يقظة المشاعر القومية الضيقة والشعبوية التي تريد عودة مستحيلة إلى الوراء.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عندما تغامر الشعبوية بمستقبل المملكة المتحدة وأوروبا عندما تغامر الشعبوية بمستقبل المملكة المتحدة وأوروبا



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon