الأمل لا الحلم
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الأمل لا الحلم...

الأمل لا الحلم...

 لبنان اليوم -

الأمل لا الحلم

طلال سلمان

هو في المستقبل، بقدر ما هو في الحاضر بغير أن يغادر الماضي،الشعر مثل الحياة: يؤرخ به لا يؤرخ له إلا من قبيل تحديد منازل الشمس في الأفق. يحمل الزمن اسم الشاعر.

نقول: في زمن زهير بن ابي سلمى، في زمن الخطيئة، في زمن امرئ القيس، في زمن ابن الرومي، في زمن الفرزدق، في زمن ابي نواس، في زمن جرير.

نسي الناس أسماء الحكام في عصر المتنبي إلا من «خلدهم» المتنبي بشعره، مدحاً كسيف الدولة، او هجاء مثل كافور.. او استمدوا قيمتهم من منافسته شعراً أو احتراقاً في الحب.

عاش ملوك في عصر احمد شوقي وخليل مطران وحافظ إبراهيم، لكن أسماءهم ذهبت مع الريح إلا حيث ذكروهم في قصائدهم.

لا يذكر من الرؤساء مع بشارة الخوري إلا من يأتي ذكره من خلال التشابه في الأسماء، فيتم التصحيح بالاستدراك فوراً من خلال التوكيد باللقب السامي، الأخطل الصغير... حتى التصغير هنا يدل على الرفعة: لا، لا، ليس الرئيس الذي خلعه غضب الناس، بل الشاعر الباقي في وجدان الناس.

ليس الشاعر بحاجة إلى ألقاب مفخمة وصفات معظمة. اسمه هو أداة التعريف بالعصر، والحكام يتباهون بأنهم عرفوه واستمعوا إلى شعره وانهم يحفظون قصائد له أو أبياتاً ويعتزون بأنهم قد عاصروه.

تقول محمود درويش في الجزائر فتمتلئ القاعة، بل المبنى جميعاً والطرقات المؤدية إليه، ويخلي الجنود مواقعهم ليستمعوا إليه وهم بالكاد يعرفون اللغة العربية، ويستعيدون ابياته ويترنمون بكلماته التي يفهمونها بقلوبهم ووجدانهم الذي حولهم إلى ثوار يقاتلون من هَجَّنَ لغتهم واجبرهم على التنكر والاغتراب عن الذات فحفظتهم أرضهم التي استعصت على مغتصبيها من أصحاب «الأقدام السوداء».

تقول محمود درويش في دمشق فيمتلئ الميدان حيث الفندق الصغير، وينبعث من يحمل الحقيبة إلى الفندق الأفخم، وهو غائب، ثم يزاحم الوزراء وأصحاب الألقاب الجمهور الطبيعي، نساء ورجالاً، شبانا وشيبا، مثقفين وأميين إلا في وجدانهم الذي يحفظ محمود مع آية الكرسي ويرى من خلاله كنيسة القيامة والمسجد الأقصى وجثامين الشهداء ممددة على درب الآلام.

تقول محمود درويش فيجتمع الوجدان الذي بعثرته الثورات الناقصة والانقلابات العسكرية والغربة الثقافية والتهجين مدفوع الثمن، ويستعيد «المواطن» صورته الأولى: صاحب القضية، المقاتل بإيمانه بأمه الأرض وبحقه فيها.

ومحمود درويش البهي، الذكي، المتكبر، المتجبر، العارف بالغيب، قارئ المقادير والمصائر، المقاتل بإيمانه، المجاهد بيأسه من الأنظمة والقيادات ذات الألقاب التي تذهب بقداسة الشهداء والأرض، المقاوم بآخر ما تبقى له، صحته، حتى النفس الأخير، خاطب الآتين غداً، وترك وصيته في أرحام النساء اللواتي جعلن من شعره تعاويذ ووصايا أرضعوها أطفالهم الآتين في غيابه ليستحضروه مرة أخرى.

أفزعني في هاتفه الأخير إحساسه بأننا لن نلتقي بعده. كان يعرف، هذا الذي يعرف ملايين النساء والرجال والصبايا ذوات الجدايل والنظرات التي أذبلها العشق، اننا لن نلتقي مرة أخرى، وجها لوجه، أو قلبا، يلتقط الصوت البعيد، أو اذنا تلتقط النظرات المشوقة التي تغلف الهمس الحميم. كان يعرف الآتي الذي يأخذ إلى الغياب. كان يسمع الخطوات المتقدمة إليه بإنذار الرحيل. كان يسمع النبضات الأخيرة لقلبه وهي تتخافت تدريجيا ثم تذوب في الفضاء الذي يبتعد به عمن أحب قليلاً وأحبوه كثيراً كثيراً حتى اسكنوه مهجهم والذاكرة ووعد التحرير، الذي كان يعرف انه أبعد من ان يطاله بعينيه فجعله بشارة غد لا بد سيأتي، بعد جيل أو أكثر قليلاً، بعد جيلين أو أقل قليلاً، ولكنه قطعاً سيأتي وسوف يستعيده ليكون حاديه.

وكانت ابنتي التي لم تعد طفلة مشاغبة بل كبرت وظلت مشاغبة، تحفظ قصائده لتبكي قبل ان تقرِّعه: من أين تأتي بلغتك التي تتجاوزنا فنعجز عن اللحاق بك؟ ألا ترحم جهلنا، ولو قليلاً؟! ألا تتنازل أيها العاتي، المتجبر، المتعاظم، المتعالي، المصر على ان نرتفع إليك ونحن نحاول فنتعثر ونعجز بينما أنت تتسامى مبتعداً متجاوزاً الغيم والكواكب السبعة ونجمة الصبح التي طالما جعلتها أرجوحة لأحزانك ثم خلفتها تاركاً لها كمشة تراب لها موسيقى خافتة الرنين مثل آية الكرسي في قداس سرياني في دير معلولا.

محمود درويش: لن أقول لك ما قاله ذلك المجند في «الكفاح المسلح»، عند البوابة الفاصلة بين القضية وأهلها... ولكنني لا أجد ما يليق بالعتاب أكثر من تلك الجملة التي صعقتك وكسرت كبرياءك وحاصرتك في قفص الاتهام:

ـ نحن نموت لندخلها، وأنت تخرج منها؟

... ولقد كنت بعض طريقنا إليها، ولسوف تبقى، ولكننا لن نبقى كما كنا معك. لقد غدونا أقلية نفتقد الدليل الذي لا يضل الطريق.

يا فلسطين التي سارت بك وسارت معك في المدينة الرياضية في بيروت، وماجدة الرومي تزفكما بينما الجمهور يطير بأرواحه عبر كلماتك إليها وأنت الدليل والحادي والعنوان المحفور في قلب الصخرة التي استحالت مع عمر بن الخطاب إلى مسجد.

لن نفقد عنوانك بعد اليوم، كلما رفعنا رؤوسنا نحو السماء سيهمي علينا شعرك غيثاً مموسقاً باسم المباركة التي ولدتك فأحيت فينا الأمل الذي لن يسقط منا إلا إلى أبنائنا لكي يتقدموا به نحوك.

عليك السلام في عليائك، يا من كنت ترفض السقوط والانحناء إلا لمن يقاسمك الأمل الذي كنت ترفض ان يتحول إلى حلم.

ولأنت من الأمل بابه المحفور فوقه شعرك طريقاً ودليلاً.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأمل لا الحلم الأمل لا الحلم



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon