جراح غزة بكل الحروف
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

جراح غزة بكل الحروف..

جراح غزة بكل الحروف..

 لبنان اليوم -

جراح غزة بكل الحروف

طلال سلمان

استقر اسم "غزة" في الضمير الإنساني باعتباره رمزاً إضافيا للمأساة المفتوحة بعنوان فلسطين.
صارت "غزة" راية للصمود في وجه الوحشية الإسرائيلية.
يولد أطفال غزة في قلب النار الإسرائيلية، ويكبرون في ظلال غارات الطيران الحربي الإسرائيلي. يستشهدون قوافل قوافل، ومع ذلك يتكاثرون كأنما يخجلهم الغياب. يستشعرون نقصاً في وطنيتهم، في عروبتهم، في إنسانيتهم اذا هم غابوا.. لذلك يتزايد حضورهم ويتعاظم وجودهم وتشع عيونهم بألق الشهادة فتتلألأ الأرض بالنجيع،
أقوى من غارات الطيران الحربي الإسرائيلي، هم. أقوى من عسكر القوات الإسرائيلية الخاصة هم. أقوى من المدافع الإسرائيلية هم. تسقط البيوت مدمرة، فيخرجون من تحت الركام ليستأنفوا المسيرة: نحن أهل الأرض. نحن أبناؤها. نحن أصحابها. نحن رملها ونخيلها. نحن بحرها والمخيمات التي تؤوي من هجرته الاجتياحات الإسرائيلية من الأرض الأم ـ فلسطين.
هنا في غزة يتكاثف وجود فلسطين كلها. لقد جاءت الأكثرية الساحقة من المقيمين هنا من سائر أنحاء الوطن الفلسطيني الذي اجتاحته قوات الاحتلال الإسرائيلي فصارت غزة ملخصاً لفلسطين. ستجد في المخيمات هنا من جاء من الساحل ومن الجليل، من حيفا ويافا واسدود كما من ضواحي الناصرة والخليل، من الجليل الأعلى كما من ضواحي القدس.
غزة مختصر الجرح المفتوح بحجم فلسطين جميعاً.
كانت غزة هاشم، جد العرب، الذي توقف في مكان ما منها وهو في طريقه إلى المحروسة، ربما، أو الى بعض الساحل الفلسطيني، مدينة صغيرة عند آخر فلسطين على تخوم مصر.
دمر الاحتلال الإسرائيلي غزة المدينة المنبسطة كراحة الكف. لا جبال فيها تحمي الثوار ولا غابات. أرضها الرملية مفتوحة الأفق عبر البحر الأبيض المتوسط وساحلها جميل يجيء متلهفا إلى الشاطئ فيكتب على الرمل حكايات حب مخبوءة فيه، ثم يتزود بدواوين غزل ليحملها إلى الذين يجلسون متشوقين في انتظار عودته، على امتداد الشاطئ الذاهب إلى المحروسة جنوباً او إلى بلاد الشام شمالاً.
لكن الوحش الإسرائيلي يكره الحب والمحبين. يكره حكايات العشق ترويها العاشقات بدموع العين. يكره الأطفال الذين يتعلمون السباحة في الرمل قبل أن يقفزوا إلى البحر لينتصروا على الخوف. يكره المدارس والتلامذة. يكره الأفران والخبز. يكره المساجد والكنائس والمصلين. يكره من يعبد الله ويمارس إيمانه عبر حب الوطن والتمسك بحقه في أرضه جميعا، بمدنها وقراها ومخيمات اللجوء القسري وبحرها الذي يشكل بداية الدنيا لا نهايتها.
.. ولقد بات مألوفاً أن يثور غضب الوحش الإسرائيلي كلما انتبه إلى أن غزة تتعاظم بناء فتقوم فيها الأبراج. وبينما العائدون من رحلات التعب في الخليج وأنحاء أخرى من العالم بقروش يبنون فيها بيوتا نظيفة على أنقاض خيام اللجوء.
...أو كلما انتبه إلى أن الشوارع قد اتسعت وقامت عند جانبها الأسواق التجارية، ونبتت في أنحائها المدارس، تحت رعاية وكالة الغوث، والجامعات التي تخرج كل سنة افواجاً من الأطباء والمهندسين والمتخصصين في علوم الكومبيوتر والاتصالات التي يجيئها التلامذة والطلاب من كل فج عميق لينهلوا منها العلم وأسباب المعرفة.
الوحش الإسرائيلي يكره الأطفال. انه يراهم مشاريع مقاتلين، أو "مجاهدين" تلتمع عيونهم بالتصميم على العودة ـ ولو بالسلاح ـ إلى أرضهم التي احتلها والى بيوتهم التي "منحها" من لا يملك لمن لا يستحق من وحوش المستقدمين من أربع رياح الأرض، ليستوطنوا غصباً ارض الأنبياء، فلسطين.
عشر حروب... وغزة تنهض بعد كل حرب، أعظم اتساعاً، وقد رممت بيوتها ومساجدها وكنائسها ومدارسها المهدمة، واستأنف أهلها حياتهم، وهم يعرفون أنهم سيتعرضون لحرب إسرائيلية جديدة. لكن إرادة الحياة تبقى أعظم من همجية العدو الإسرائيلي.
ومع نهاية الحرب الإسرائيلية على غزة، في العام 2014، التمعت في أذهان بعض المبدعين والمشغولين بحقوق الإنسان، وأولها حقه في الحياة بأمان في وطنه، ورافضي الحروب الاستيطانية المتكررة، على هذه الجموع من اللاجئين أصلا من مختلف أنحاء فلسطين، فكرة أن يخلدوا تضحيات أهالي غزة، فكان أن عمدوا إلى ملء حروف اللغة بصور من "انجازات" العدو الإسرائيلي في آخر حروبه على غزة.
وهكذا جعلوا من حروف اللغة الانكليزية لوحات: فكل حرف يستبطن صورة من صور التدمير الوحشي والقتل الجماعي الذي حصد آلاف الأطفال والنساء والرجال والبيوت في غزة المحاصرة بالنار.
وهكذا أنتج هؤلاء المبدعون "روزنامة" مبتكرة، إذ أنطقوا الحروف عبر الصور التي تطل عبر تلافيفها بعض فصول المأساة الفلسطينية في غزة التي ما إن تخرج مجرحة الوجه والقلب والجنبات من حرب إسرائيلية، حتى تتعرض مجدداً إلى اجتياح بالنار الإسرائيلية، تقتل البشر والحجر وتدمر أسباب العمران، وتطارد العصافير والفراشات والنحل وصولاً إلى الأسماك في خليج الصيادين الممنوعين من الصيد في بحرهم.
إن مأساة غزة تملأ الحروف جميعاً، الكلمات جميعاً، الصور جميعاً، الأخيلة جميعاً. إنها جريمة ضد الإنسانية مفتوحة، ما ان ينتهي فصل من فصولها حتى تضيف الوحشية الإسرائيلية "إنجازات" جديدة، كأن تغير الطائرات الحربية على فتية صغار هربوا من النار الإسرائيلية إلى الشاطئ يحاولون أن يبتردوا في مياه بحرهم، فتساقطت عليهم قذائف القتل الإسرائيلية، غضب البحر فتخضب بالأحمر القاني والابتسامات المغتالة.
ولقد قصد المبدعون الذين روعتهم المأساة المفتوحة في غزة ان يوصلوا صور مذابحها والضحايا، بشراً وعمرانا، إلى الناس في مختلف رياح الأرض، وهكذا حملوا الألفباء الإنكليزية مشاهد تلخص الإنجاز الإسرائيلي، وجعلوها على شكل روزنامة أو مفكرة، فكل حرف يختزن صورة لجراح البشر في غزة، أطفالاً ونساء ورجالاً، بيوتا وأكواخاً وأبراجاً، متاجر وجامعات ومدارس، مساجد وكنائس، ومستشفيات اكتظت جنباتها وممراتها بعد الغرف بضحايا قصف الإبادة،
أمهات مفجوعات وزوجات ترملن وأولاداً فرضت عليهم الهمجية الإسرائيلية ان ينشأوا أيتاما... وشيوخاً عجزهم العمر والقهر عن إنقاذ أهلهم.
...جاء هؤلاء المبدعون إلى "السفير" بفكرتهم البكر ومشروع تحويلها إلى "روزنامة" تحمل إلى الدنيا البعيدة، غير العربية، صور هذه المأساة الإنسانية المفتوحة، بحيث يحتوي كل حرف مقطعا من صورة مع شرح موجز لموقعها وتفاصيلها.
القصد أن تدخل مأساة غزة كضحية لهمجية الاحتلال الإسرائيلي كل بيت او مكتب، حيث يمكن إيصال هذه "الروزنامة" التي تكاد تكون كشف حساب او ملخصاً يوجز ـ بالصورة والكلمات الدالة على مكانها والزمان ـ مأساة الشعب الفلسطيني في غزة في ظل الحرب الإسرائيلية المفتوحة.
ولقد تواصلنا مع وزير الثقافة روني عريجي من أجل إطلاق هذه الحملة من قصر اليونسكو في بيروت... وكان تجاوبه حاراً، كما قدرنا، خصوصاً بعد الاستماع إلى شرح تفصيلي لمخاض الفكرة التي عمل على تجسيدها مجموعة من الشباب اللبناني المبدع.
الهدف إيصال صور المذبحة الإسرائيلية في غزة إلى العالم، مرفقة بالشروح الدالة على المكان والزمان والأهداف التي من لحم ودم، ومن عمران تتجاوز فيه المدرسة التي ترعاها الأمم المتحدة والمستوصف الذي تبرعت به بعض الهيئات الدولية والأبراج التي ارتفعت في قلب غزة عبر افتراض ان الحروب السبع السابقة قد أشبعت الحقد الإسرائيلي وبات بإمكان أهل غزة أن يعيشوا حياتهم، كما كل خلق الله في أي مكان: يعملون لبناء بيوتهم، ويرسلون أبناءهم إلى المدارس، ويذهب من يريد الصلاة إلى مسجده أو كنيسته، ويقصد التلامذة الاكفاء واحدة من الجامعات القائمة في هذا الشريط الساحلي الذي يشترك في تدمير العمران فيه الطيران الإسرائيلي مع المدافع الإسرائيلية مع القوات الخاصة الإسرائيلية التي تدخل تحت غطاء القصف لتنسف البيوت بذريعة مكافحة الإرهاب.
ولسوف يتلاقى ظهر اليوم في قصر اليونسكو في بيروت المهتمون والمعنيون والمواكبون لتداعيات الجرح الفلسطيني المفتوح بعنوان غزة، الصامدة بعد حروب إسرائيلية عدة، آخرها ـ حتى هذه اللحظة ـ تلك التي، اجتاحت فيها إسرائيل بالقصف جواً وبراً وبحرا، غزة بمختلف جنباتها وقد شملت الأحياء جميعاً: الشجاعية، التفاح، النصر، الزيتون، الدرج، الشيخ رضوان، تل الهوى، الشيخ لجين، خزاعة... كذلك فقد شملت المخيمات جميعاً: جباليا، الشاطئ، النصيرات، وأيضا شملت مدن القطاع: غزة، رفح، خان يونس، دير البلح وجباليا فدمرت العمران فيها وقتلت الأطفال والنساء والرجال، ثم أجبرها الصمود على إيقاف المذبحة بعد...
وهكذا استوعبت المذبحة حروف اللغة جميعاً، وصار ممكنا الحديث عن "لغة غزة".
ان الهدف أن تدخل جراح غزة كل بيت، كل مكتب، كل ضمير، كل قلب، في الخارج البعيد، فتصحح الصورة التي تصدرها إسرائيل، دولة يهود العالم، كما يريدها السفاح نتنياهو، إلى الدنيا، فتتبدى وكأنها ـ وهي الدولة الدينية ـ واحة الديموقراطية في هذه المنطقة من العالم.
وكلنا يقين أن جمع المدعوين الذي سوف يشمل الدبلوماسيين الأجانب والعرب، ومنظمات الأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان، والعاملين في مجال الاعلام من الزملاء في الصحف العربية والأجنبية ووكالات الأنباء الدولية، ولمن يسمح له وقته من المتابعين والمعنيين من أهل السياسة بقضايا المصير، سوف يتابع عملاً فنياً ممتازاً يجسد مأساة إنسانية غير مسبوقة في أنها تظل مفتوحة تنزف العدالة الدولية وحقوق الإنسان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جراح غزة بكل الحروف جراح غزة بكل الحروف



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon