عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم

عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم

 لبنان اليوم -

عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم

علي الأمين

الموت إحدى الراحتين. ليست البلاد في عافية. لا حال يسعد ولا نطقٌ. الحياة اللبنانية نحو ضمور ويأس، فيما العزلات التي تعيشها المجموعات اللبنانية لا تفتح الباب نحو عوالم جديدة أكثر ألفة أو تغري بآمال البحبوحة... بل بعيش الناس كفاف يومهم "يا دوب". الحياة تضمر، والعقل أيضاً، والآفاق تضيق وتنحسر لتتحول إلى جدران تألفها العين ويأنس بها العقل المثقوب الذاكرة. هي التي تتلاشى إلاّ على حكايا الزوايا، ومقولات الانتشاء بأناشيد "الفرقة الناجية". الله هو "الأنا" لذا فالآخر هو الشيطان.

ليس في الأفق نجوم. ضاق الأفق فتناسل الأقزام في أسفل الجدار. تفككت اللغة، والحلم لم يعد فكرة. الأحلام تقزمت وتكورت وانكفأت نحو زاوية مظلمة في آخر الجدار. ضاق المدى فتقاطر الأقزام كأفكار سوداء، كموت الله ذات فيلسوف. يغري هذا الظلام، لكن بمزيد من الأسود الكالح، بالاستسلام للوحش ذاك الذي أطلّ في اجتماعنا السياسي والديني وشهوة القتل في عينيه. لم يبق في المدى إلا الفكرة القاتلة للإله. لكأن موت الله لن يتحقق إلا بسيفه. لقد أخطأ الفيلسوف الشهير نيتشه عندما أعلن موت الله. لم يكن ليدرك أنّ المعرفة التي وصل إليها الانسان والتي باتت تتيح له أن يقول "مات الله" في لحظة شطط معرفي، مستندة إلى منجزات إنسانية غير مسبوقة... وأنّ ثمة وجهاً آخر لموت الله، هو حين يصير الله قزماً خلف جدار. قزم يغويه الموت، ويتسلل كوحش ينقض على عنق الحلم ويطعن بسكين الحقد صدر الحياة. موت الله هذه المرة تعبير عن الانهيار الذي تعيشه بلادنا لمقولة الإله، ذاك الذي تحول قزماً في قامة خليفة أو وليّ أو شيخ طريقة، لمن في الموت وليس في الحياة. بل أبعد في فكرة تعميم الموت وعبادته.

ليس في الأفق مساحة حياة. تنحسر الحياة نحو عتمات الموت. نستسلم للسواد، للفكرة القزمة، للجدران المغلقة. ونمني النفس بحياة ما بعد الموت. وهل يبني الإنسان جنته من خارج دنياه؟ "الجحيم هو الآخر"، إذاً هو الموت بعينيه، وما الجنة إلا ما نشتهي ونتمنى. وهل نتمنى غير موت الآخر؟ إذاً هو جنتنا وجحيمنا في آن. فاختر ماذا تفعل. الحياة امتحان لقدرتنا على إعمارها لكي تشبهنا. بل هي على صورتنا التي تتفسخ وتتلاشى كما الجسد الذي استوطن فيه الموت.

الموت أيضا هو الاستسلام للآلهة التي تنتشي من وليمة الدمّ. هو العجز عن ابتداع الحياة بحرفة تجاوز الآلهة التي صنعناها من تمر أجسادنا وسقيناها من دمنا لتروي عطشنا إلى الجحيم. ففي نشوة الغريزة يتحول القتل إلى فعل مقدس، إلى تمرين صباحي ومسائي نتلقن أدواره في حلقات، نتقاسمه بالعدل والقسطاط كي لا يخرج يوما أحد ويقول: "أنا بريء من دم الحياة".

هكذا تنحسر الحياة، تتلاشى في أقبية الظلام، تتحول السياسة إلى فعل قتل يومي، فعل انتهاك مستمر للاجتماع الانساني... وفي المشهد اللبناني ينكشف الواقع على أن القوة هي في قدرتك على ممارسة فعل القتل بنشوة المنتصر، في مدى قدرتك على أن تكون الهاً، تسجد لك الرؤوس المطأطأة حين تشتهي مشهد مزرعة البصل. ومن شروط اكتمال الألوهة قدرتك على جمع الجماجم لتقف على تلالها كي تقارع الحياة. هكذا تبدو الحياة طريدة في هذا الوطن. وما الأمن الوهمي الذي نعيشه إلا ذاك السكون الذي يسبق صوت طلقة الصياد وهي تخترق جسد الطريدة أو روحها.

لبنان يختنق بعزلته، يتنفس ما ينفثه من رئتيه، يتحول إلى مساحة منسيّة، إلى فكرة مثقوبة برصاص مسموم. حراس الموت ترهبهم فكرة أن الوطن قد يستفيق، وأنّ ثمة في مكان عميق إرادة حياة قد تتسلل تحت من ركام الموت. الموت هذا هو العجز حين يتخفى بادعاءات الحياة الجوفاء. في لبنان ثمة أقزام يهنأون بالظلمة خلف الجدار، يريدون وطناً دون قامتهم، وطنا لا تسكنه الأحلام، بل تعشعش في ثناياه كوابيس، وتحتل أفراحه رقصات الموت. البلد حزين، تحكي الوجوه ما لا تدركه الألسن، يتسلل الموت كالنعاس، ولا صوت غير ضجيج الآلهة وقرقعة الجماجم الفارغة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم عن الموت الذي يحاصرنا وآلهة الدم والجماجم



GMT 18:31 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

صوت الذهب... وعقود الأدب

GMT 18:29 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

GMT 18:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عن تكريم الأستاذ الغُنيم خواطر أخرى

GMT 18:25 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

أنا «ماشي» أنا!.. كيف تسلل إلى المهرجان العريق؟

GMT 18:19 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

شَغَف عبدالرحمان

GMT 18:17 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

البحث عن الرفاعي!

GMT 18:16 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عكس الاتجاه هناك وهنا (4)

GMT 18:15 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب غزة وتوابعها

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon